الخطر القادم
أحمد سعيد شماخ
أحمد سعيد شماخ –
حال اليمن يعتمد اليوم على استيراد الغذاء والدواء والكساء من الخارج مما يجعلها تتحمل أعباء كثيرة في التطور المتوسط والبعيد لتأمين احتياجاتها الاستهلاكية.
وتذكر بعض التقديرات والتقارير الاقتصادية أن كلفة استيراد الغذاء يفوق الناتج المحلي بسبب فشل السياسات الاقتصادية الرخوة وما تمر به البلاد من فوضى وحروب أهلية واختلالات أمنية طاردة للاستثمارات فضلا عن ارتفاع الأسعار العالمية التي ساهمت هي الأخرى في تعقيد الوضع والزيادة السكانية المتفاقمة من جهة أخرى .. فالتجارة الخارجية تتجاوز اليوم أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي تمثل المنتجات الصناعية منها نحو أكثر من 75% أما الصادرات اليمنية إلى الخارج فهي أساسا من المواد الأولية والتي من أهمها على الإطلاق هو النفط الخام فالخطر اليوم لم يعد يهدد أسواقنا في الخارج المتمثل في منافسة السلع والمنتجات اليمنية غير النفطية بل امتد ذلك الخطر إلى أسواقنا المحلية في ظل وجود حمى المنافسة الخارجية لاسواقنا لسلع تعتمد على التكنولوجيا وعلى الأساليب الحديثة في الدعاية والترويج والتسويق فالخطر الحقيقي يكمن هنا في خسارة اقتصادنا الوطني وفي أسواقنا الداخلية في ظل تعميم مبدأ المعاملة الوطنية بالمثل للسلع والخدمات الأجنبية فتحرير التجارة وما سوف يؤدي إليه هذا التحرير من احتدام المنافسة والذي نتمنى فيه أن يكون هذا التحرير حافزا أمام صناعاتنا المحلية في رفع مستوى وجودة الإنتاج المحلي فالسياسات الجيدة دائما ما تكون هي التي تضمن أن تكون المنافسة دافعا لها للتطوير والتحسين في الصناعات الوطنية بدلا من أن تؤدي من الإجهاز عليها كما هو عليه الحال اليوم ومع دخول اليمن العضو 160في منظمة التجارة العالمية والذي تزامن مع قرار الحكومة اليمنية في رفع الدعم عن المشتقات النفطية من 125 ريالا يمنيا إلى 200 أي ما يعادل دولار واحد لكل لتر بنزين فضلا عن انعدام وندرة الخدمات الأساسية الضرورية كالكهرباء والمياه النقية وفقدان الأمن والأمان وتراكم الأعباء والصعوبات على الاقتصاد اليمني وخصوصا على المنتجات الوطنية والتي سوف تحد من منافسة السلع الوطنية أمام السلع الواردة من الخارج ورغم ذالك لاتزال الفرص سانحة أمام الصناعات اليمنية في أن تقوم الحكومة ومعها الصناعيون والزراعيون في تطوير الميزة النسبية والتركيز على سلع ذات التوجيه التصديري لأن المنافسة تؤدي دائما إلى الجودة والإتقان وفي اعتقادنا أن ذلك لن يأتي إلا من خلال وجود سياسات اقتصادية وزراعية واضحة تقوم على التخصيص والميزة النسبية وتركيز الجهود في إقامة صناعات ذات توجه تصديري كما فعلته العديد من دول آسيا فالاقتصاد العالمي يسير اليوم بخطوات متسارعة نحو التغيير والترابط في الوقت الذي نحن نفقد فيه الكثير والكثير من ميزاتنا التنافسية واليمن معنية اليوم باللحاق بالركب العالمي في أن تستفيد من ميزاتها النسبية والتنافسية في مختلف المجالات والقطاعات التي تمتاز بها ورغم كل تلك العوامل السلبية التي لحقت بالاقتصاد اليمني إلا أن السياسات المالية والنقدية أيضا قد ساهمت في عملية تعميق هذه الهوة باتحاذها جملة من السياسات التي أدت إلى إضعاف العملية الصناعية في البلاد خصوصا من خلال إصدارها سندات وأذون الخزانة منذ مطلع العام 1996م بنسبة فائدة قدرها 30% إلى أن تراجعت تلك النسب اليوم حتى وصلت إلى نحو15% لأذون الخزانة و 10% للسندات الحكومية ومنذ بداية ما كان يسمى بالإصلاح الاقتصادي وحتى اللحظة والقطاع الصناعي والزراعي في تراجع مستمر.
إن انعدام الصلة بين عمليتي الإنتاج والتسويق سوف يؤدي حتما إلى غياب التنسيق والتوافق المعقول والمرن ما بين الطلب على السلع والمعروض منها وقد تسببت هذه الظواهر والقضايا المزمنة إلى استياء وتذمر المنتجين والمستهلكين معا .