فليكن بساطنا أحمديا .. خطاب للعقلاء

يكتبها: علي بارجاء

 - في بلدان الحلماء والحكماء فقط ــ حتى تلك التي لا تتسامق في سمائها المآذن, ولا يسمع منها اسم الله يردد موحöدا داعيا إلى الفلاح ــ لا يعلو إلا صوت العقل, ويخفت بل يخرس صوت
في بلدان الحلماء والحكماء فقط ــ حتى تلك التي لا تتسامق في سمائها المآذن, ولا يسمع منها اسم الله يردد موحöدا داعيا إلى الفلاح ــ لا يعلو إلا صوت العقل, ويخفت بل يخرس صوت التهور والطيش لأن العلاقة القائمة بين إنسانها مبنية على التسامح والتصالح والإنسانية العليا التي تسمو على كل العلاقات والمصالح, علاقة تراعي وشائج الدم والأخوة التي تنحدر من (آدم) الأب الأول للبشرية, وإن اختلفت الألوان واللغات والأديان والقوميات والجغرافيا. فما بالنا ونحن نعيش على أرض واحدة, ويجمعنا دين واحد, ودم واحد, وهدف واحد.
كل نزاع وخصومة مهما احتدم الصراع بين أطرافها, ومهما دقوا بينهم بسببها عطر منشم, فإن هذا الصراع لا يدوم, إذ ينتهي بالصلح الذي يسعى فيه العقلاء, ولكن بعد أن يكونوا قد أراقوا الدماء, وهدموا البناء, ورملوا وأثكلوا ويتموا, وأشاعوا بينهم الأحقاد والبغضاء!!
فما الحكمة من النزاع والخصام والصراع والاحتراب, إذا كانت هذه كلها ستنتهي بالصلح, إلا إذا كان الهدف هو الاحتراب من أجل الاحتراب, وإظهار الفتوة, وإبراز الشجاعة في أقبح صورها, وما ينتج عن ذلك من قتل ودمار وتشريد للناس عن بيوتها ومواطنها¿ أليس حريا بنا أن نؤثر التعايش, وأن نجنح إلى السلام¿
في اليمن الذي يريد أبناؤه أن يخرج من عنق الزجاجة التي وضعه فيها إيثار المصالح الذاتية, إلى فضاءات السلام والأمان والبناء بعد سنوات من العناء, لم نجنö منها سوى الأزمات في كل جوانب حياتنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية, ولم تسلم منها حتى حياتنا الدينية التي صارت تضج بالتطرف والغلو اللذين لا يثمران إلا التشاحن والتحريض, فيدفع كل طرف ضد الآخر, ويصب كل زيتا لتستمر نار الفتنة مشتعلة تحرق الأخضر واليابس.
الحروب في تاريخ الإنسانية لم تحل إشكالا, إذ لا يستطيع طرف أن يلغي الآخر أو يقضي عليه مهما كانت التباينات, فليس من حل لمشكلات الإنسان مع أخيه إلا التعايش, وأن يتقبل كل منهم الآخر بصدر رحب, وأن يجعلوا البساط بينهم أحمديا.
والله إنöي لأخجل حين يمضغ الإعلام العربي والعالمي اسم بلادي وهو يتناول الصراعات والحروب الدائرة بين أبنائه, أيا كانت انتماءاتهم المذهبية أو السياسية, في الوقت الذي لا أجد في هذا الإعلام ما يصوöرنا كبارا ذوي أيد عليا, حتى أفتخر وأرفع رأسي عاليا بين الأمم.
إنها ـ والله ـ صراعات ناتجة عن مماحكات ليس الهدف منها إلا إعادتنا خطوات إلى الوراء, كلما عقدنا العزم على الخطو إلى الأمام.
نحن اليوم بحاجة إلى أن نحتكم إلى العقل ــ إن كان لا يزال بين ظهرانينا عقلاء ــ فنجتمع على كلمة سواء بيننا. ينبغي أن نعيد السيوف إلا أغمادها, و أن نميت ما بيننا من خلافات لنلتفöت إلى الوطن وإلى الأغلبية من أبنائه ممن ليس لهم في ما يحدث ناقة ولا جمل.
نريد أن نتنفس هواء الحياة في أسمى صورها, لأن الله خلقنا لنحيا, ولنجسد سماحته وعدالته, فالإنسان هو ظله على الأرض, أفلا يكون هذا الظل مستقيما كاستقامة الصراط الذي عليه سنسير إلى الجنة أو الجحيم في حياة الخلود القادمة¿!

قد يعجبك ايضا