استجداء الحرية!

يكتبها اليوم / حمدي دوبلة

هناك مسلّمات وحقائق وثوابت لا يمكن القفز عليها أو مغالطة النفس حولها ومنها أن الحرية والسلام والاستقرار والاستقلال والكرامة وإلى ما هنالك من المفردات القيمية، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتم استجداؤها من الآخر، فما بالك عندما يكون هذا الآخر العدو الأول للعرب والمسلمين والإنسانية كلها.

– لا نريد أن نكرر القول إن أنظمة وشعوب أمتنا تمتلك “ذاكرة السمكة” وفقا لتوصيفات أحد المفكرين المعاصرين لكن الحقائق والشواهد في الميدان وما يجري اليوم في فلسطين ولبنان وسوريا وغيرها من دول المنطقة، تؤكد بجلاء أن كل تنازل للعدو الصهيوني، لا يدفعه إلى السلام بقدر ما يشجعه على التمادي والطغيان والتوسع ولم يعد يخفي أطماعه في التهام بلدان الجوار، بما فيها تلك التي ما فتئت تظهر له الرغبة الحقيقية في الود والوصال.

-التجربة الحالية للنظام السوري الجديد وهو الذي سارع إلى الارتماء في حضن الأمريكي وتحمس أكثر من سابقيه نحو مستنقع التطبيع وأعلن صراحة معاداته لمحور وفكرة المقاومة منذ لحظاته الأولى في الحكم، ينال اليوم أكثر من غيره من بأس وقسوة وإذلال العدو وانتهاكاته التي تطال الأرض والإنسان السوري على مدار الساعة، ليصل الأمر برئيس حكومة الكيان للقيام شخصيا بجولة ميدانية إلى جنوب سوريا تزامناً مع تصريحات مهينة للنظام السوري ورئيسه، وكل تحركاته الحماسية المتضمنة كثيرا من الغرور والانتفاخ -بحسب وصف المسؤولين الصهاينة- لبناء علاقات مع كبار القوم، في إشارة لزيارة الشرع إلى واشنطن الأخيرة.

-قبل ذلك كانت السلطة الفلسطينية قد ذهبت بعيداً في الرهان على استجداء السلام ووصل بها الحال إلى ما وصلت اليه اليوم من الذل والهوان ومازال عباس يصر على موقفه في النضال الناعم والاستجداء المحترم لقيام دولته الورقية.

-لن نقسو على المقاومة الإسلامية في فلسطين وتحديدا في غزة، فقد بذلت كل ما في وسعها خلال عامين في مواجهة العالم أجمع وسط خذلان القريب والبعيد، لتصل تحت الضغط والظروف القاهرة إلى سلام هش وضعه العدو نفسه وفق مقاسات وشروط تضمن له الهيمنة والسيطرة، وفعل ما يريد دون رد أو مقاومة وهو ما يحز ويؤلم الضمائر والنفوس، لكن العتب على الآخرين ومنهم النظام اللبناني الذي لا يدع مناسبة إلا ويجدد فيها التأكيد على أنه لن يتخلّف عن ركب ما يسميه السلام ويقصد بذلك التطبيع ويقدم من التنازلات والهوان والحماسة لنزع سلاح المقاومة، ما جعله العوبة بيد الكيان ورعاته، يملون عليه الشروط ويحملونه من الالتزامات التي تفوق طاقته، بينما يواصل طيران الكيان الصهيوني قتل اللبنانيين في كل يوم دون أن تقوم حكومته الفاشية بخطوة إيجابية واحدة ضمن تنفيذ التزاماتها.

-اليوم يفعل العدو الإسرائيلي ما يريد ويعربد كما يحلو له، مستعينا بقوة وهيمنة أمريكا وتماهي وتواطؤ كثير من الأنظمة الفاعلة في المنطقة، التي ترى في ذلك سببا لبقائها على الكراسي، غير مدركة الأخطار الاستراتيجية المحدقة بالجميع والتي لن ينجو منها أحد.

 

قد يعجبك ايضا