أزمة المشتقات ومخاوف الجرعة.. “كل الطرق تؤدي إلى المواطن”

محمد محمد إبراهيم

 - 
رأينا ونرى يوميا كيف عجزت الحكومة عن الفكاك من تفاقم أزمة المشتقات النفطية التي تراكمت أمام كومة كبيرة من التحديات المرتبطة أسبابها أولا: بأجهزة الحكومة نفسها

رأينا ونرى يوميا كيف عجزت الحكومة عن الفكاك من تفاقم أزمة المشتقات النفطية التي تراكمت أمام كومة كبيرة من التحديات المرتبطة أسبابها أولا: بأجهزة الحكومة نفسها حيث تشهد ارتعاشا في العمل الإداري والضبطي لمكامن الخلل أينما وجدت بفعل غياب الثبات على المسار القانوني والوظيفي لهذه الأجهزة المحكومة بأغلال التقاسم السياسي والسلطوي..
وثانيا: بتعاظم الفساد الفكري والسياسي وغياب المشروع الوطني الحقيقي للقوى السياسية التي تتعارك على الصعيد الحزبي الضيق منذ زمن طويل خلفت خلاله نسيجا عöصبويا وشلليا داخل كل حزب ناهيك عن الندية اللاأخلاقية فيما بينها ما عزز ثقافة التقطع والجشع والارتزاق من ذروة الأزمات حتى ولو كان ذلك على حساب أسباب وفرص عيش الشعب وسكينته العامة..
يجري هذا التصرف من قبل هذه القوى دون الإحساس بأي ذنب مع إدراك تلك القوى أن الأزمات أو الجراحات أو الجرع السعرية أينما كانت فكل طرقها تؤدي إلى المواطن الكادح والمنتظر بأسف وأسى كبير بزوغ فجر الدولة المدنية الحديثة ليجد حالة الفقر فسحة ومخرجا وفاق القوى السياسية من مأزقها المالي وبذريعة أن المبلغ الكبير الداعم لأسعار المشتقات يذهب إلى جيوب الفاسدين في الحكومة والقطاع الخاص وبالتالي فالحكومة مضطرة لأن توقف هذا الدعم ليدفعه المواطن الفقير للفاسدين الذين تتحدث عنهم الحكومة دون حرج..
وفي المقابل شاهدنا جميعا كيف استغل أصحاب النفوس المريضة والجشعة من تجار الأزمات والسوق السوداء وملاك المحطات التي وصلت قضايا تلاعبها للنيابة العامة المتمثلة في إخفاء كميات هائلة من الديزل والبنزين وبيعه بأسعار جنونية للمواطنين أو لأصحاب المصالح الخاصة القادرين على الدفع الأكبر دون خوف من ضمير أو رقيب..
هذه المحطات تتبع القطاع الخاص بل تتبع كبار الرساميل وأرباب القطاع التجاري والصناعي في البلد.. وتمارس الزيغ والجشع والمغالطات على المواطنين قبل أي حديث عن جرع قادمة شاملة أو جزئية.. فكيف ستتعامل هذه الجهات النافذة والصناعية العائلية مع المواطنين حين تبدأ الحكومة بتطبيق الجرعة الجزئية على أصحاب القطاع الصناعي الذي ينتج لخارطة الشعب المستهلك..¿ بكل تأكيد ستضرب ضربتها الكبيرة.. وستكون هذه الجرعة أسهل الطرق وأيسرها لنهش ما تبقى من حياة المواطن.. فزيادة القيمة النقدية للسلعة التي ينتجها القطاع الصناعي بنسبة 3% مثلا وبما لا يمس هامش الربح يجعل الشركات تضاعف القيمة بنحو 100% دون رحمة لتتحول القيمة الحقيقية والإنتاجية للسلعة إلى هامش بينما 100% هو أرباح ضاعفه القدر وهو الأمر الذي بنيت عليه شركات عملاقة واقعها التجاري الفاحش بين أزمة يمنية وأخرى..
والكل يدرك مدى الانتهازية التي يعيشها القطاع الخاص اليمني الاستثماري والإنتاجي الاستهلاكي في كل شيء حد التعاطي مع المستهلك اليمني وكأنه أغبى مستهلك في العالم.. فبمجرد حديث الحكومة عن ضرورة جرعة سعرية كمخرج لحرج القوى السياسية من تفاقم الأمن المالي والغذائي والتمويني يبدأ القطاع الخاص التجاري في تنفيذ جرعة مباشرة كصدى ضروري لخطاب الحكومة وقصور فهم المواطن فتبدأ المحال التجارية والمصانع المختلفة برفع السعر في سلع لا يتنبه المواطن كالسلع الكمالية فيما السلع الضرورية كالرغيف فتشهد انحسارا مفاجئا في شكلها وركاكتها ليتكشف أنها خضعت لجرعة غير مباشرة دبرت بليل من طقوس الرقابة التي تتشفى بالمستهلك لا تحميه.. هذه الجرعة ليس لها علاقة بالقيمة النقدية بل تتصل بالحجم والوزن.. ولكم جميعا أن تقارنوا رغيف الخبز اليمني قبل سنتين والرغيف اليوم ستجدون الفارق..
حيرة في شأن الفساد
كل العقلاء من أبناء المجتمع اليمني ونخبه المثقفة يقفون في حيرة من أمر ما يجري في البلاد من تفاقم أزمة المشتقات النفطية ويتساءلون هل من العقل والمنطق أن تعجز الحكومة بمؤسساتها القانونية والتنفيذية والقضائية عن إيقاف الفساد والفاسدين وكأن لا سلطة لها سوى على المواطن ليكون الحل في أن ترفع الدعم الذي يصل إلى المواطن عبر اللتر الديزل بحجة الهروب من الفساد ليأخذ بعد ذلك الفاسدون حصتهم من جيب المواطن وليس من الحكومة العاجزة عن تحرير دوائرها من الفساد.

قد يعجبك ايضا