احتكموا إلى الشرع والنظام والقانون

د/عبد الله الفضلي


● لا تكمن المسألة في التغيير لمجرد التغيير مالم يحمل التغيير دلالات نحو الأفضل وبما يحقق فعلا بناء الدولة اليمنية الحديثة التي ينشدها الجميع من خلال الالتزام بتطبيق النظام والقانون وبمعاييرالنزاهة والكفاءة العلمية والإدارية والتوازن الوطني فيما يخص حل القضايا الوطنية الشائكة وفيما يخص أيضا الوظيفة العامة وإصدار الأحكام القضائية ومغادرة معايير الولاء القبلي والمحسوبية واللجوء الدائم إلى الأعراف القبليaة في التعيينات والترقيات والتجاوزات أو في حل الإشكاليات التي تتفاقم بين الحين والآخر والقفز فوق كل القوانين والأنظمة وحصر تطبيقها على أشخاص بعينهم .
وبما أن مؤتمر الحوار الوطني الشامل قد ناقش وباستفاضة أسس بناء الدولة وشكلها والمعايير التي ينبغي اتباعها في بناء الدولة وذلك لمدة عشرة أشهر متواصلة وفي نهاية جلسات المؤتمر الختامية تم التصويت على كل تلك المخرجات والأسس والتي من أهمها على الاطلاق أن تقوم الدولة بتطبيق النظام والقانون والالتزام به في حل كل القضايا الوطنية كأسلوب حضاري راق بحيث يخضع جميع المواطنين للمساءلة القانونية في أية قضية يتم ارتكابها أو مخالفات أو تجاوزات أو خروقات أو خروج عن الإجماع الوطني وباتت مخرجات الحوار الوطني ملزمة لكل من شارك وساهم في صياغة هذه المخرجات ووقع على تنفيذها ومن هذه القضايا الشائكة والمزمنة هي قضية التحكيم القبلي التي عفا عليها الزمن ولم تعد صالحة في عصرنا هذا وهو عصر العلم والنظام والقانون والمحاكم الشرعية والنيابات العامة من خلال تقديم الحجج والبراهين والأدلة والوقائع والملابسات التي تحيط بأي قضية .
إن الدولة ينبغي أن تنأى بنفسها عن مثل هذا التحكيم الظالم والجائر والذي يعد من الماضي البائد وهو نوع أيضا من ممارسة الظلم والمظالم والابتزاز وهو تحكيم غير منصف وغير شرعي وغير قانوني وهو تحكيم اعتباطي , ومهما كانت الأخطاء التي تقع فيها الدولة أو أحد أجهزتها المختلفة سواء أكانت أخطاء عمدية أو غير عمدية أو تلقائية خاصة ما يتعلق منها برجال الأمن والقوات المسلحة الذين يؤدون واجباتهم الوطنية والأمنية المناطة بهم فلا ينبغي أن تسارع الدولة بكل ثقلها لترتمي في أحضان أحد النافذين وتخضع لشروطه وابتزازه ويطالب الدولة بتحكيم قبلي مجحف وجائر ليس له مثيل في التاريخ حتى في العصر الجاهلي وليس له أي سند قانوني أو شرعي وتحقق له الدولة مطالبه على الرغم أنه قد يكون الطرف المخطئ وهو البادي بارتكاب الخطأ أو الجريمة أو المخالفة . أما أبناء القوات المسلحة والأمن الذين يؤدون واجبهم الوطني تحت الظروف القاسية فليس لهم أي حصانة أو تحكيم حينما يقدمون أرواحهم رخيصة في خدمة الوطن وحمايته من العابثين والفوضويين والمتنفذين والخارجين عن النظام والقانون ومن بقي منهم على قيد الحياة فإنهم يقدمون إلى المحاكمة والمساءلة وليس لهم حق الدفاع عن أنفسهم فهم في عرف النظام القبلي مجرمون ومدانون .
وفي هذه الحالة ينبغي على الدولة بكل مؤسساتها وبكل قوتها وقدراتها وإمكاناتها أن تعمل جاهدة على مقاومة وإلغاء هذا التحكيم الجاهلي الظالم والجائر وتفرض هيبتها وتطبق النظام والقانون والشرع وأن تأخذ القضايا الجنائية حقها من الترافع وتقديم الأدلة والبراهين والحجج والملابسات وأن تجري مجراها الطبيعي وفقا للنظام السائد وأن يفرض النظام والقانون على الجميع دون تمييز أو انتقاء أو محاباة أو غمط حق من الحقوق وليأخذ القضاء مجراه حتى النهاية لأن هذا التحيكم يؤدي إلى إضعاف هيبة الدولة وقوتها لأنها هي المعنية بالدرجة الأولى بفرض وتطبيق النظام والقانون.
وكلنا يعلم أن القتل العمد له حكمه الشرعي وله قرائنه وملابساته والقتل الخطأ له حكمه الشرعي وهو دية مسلمة إلى أهله وفقا لمبادئ الشريعة الإسلامية لأن معظم حوادث القتل التي تجري في النقاط الأمنية المتعددة وما يحدث فيها من إطلاق نار عشوائي متبادل بين الأطراف التي تتبادل إطلاق النار غالبا ما يكون القتل بطريق الخطأ لأن هناك حرصا شديدا من قبل المتنفذين الذين يمتنعون التوقف في النقاط الأمنية أو الخضوع للتفتيش التي تمنعهم كبريائهم من الرضوخ للنقاط الأمنية التي تؤدي واجبها الأمني والوطني وحماية الأمن العام . ونظرا للملابسات والتخرصات والتكهنات وإطلاق الشائعات والتفسيرات وتبادل الاتهامات بين الأطراف المعنية ينبغي إخضاع كل ذلك للقضاء والقانون حتى يأخذ كل ذي حق حقه هذا إذا كنا نؤمن ببناء دولة يمنية حديثة شعارها النظام والقانون فوق الجميع .

قد يعجبك ايضا