عن أزمة الدبلوماسية الأميركية في المنطقة..!

عباس غالب


 - إذا ما ألقينا نظرة سريعة على الأداء الدبلوماسي الأميركي, خلال الفترة الأخيرة سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في مناطق بؤر التوتر في العالم, فإننا سنصل إلى نتيج

إذا ما ألقينا نظرة سريعة على الأداء الدبلوماسي الأميركي, خلال الفترة الأخيرة سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في مناطق بؤر التوتر في العالم, فإننا سنصل إلى نتيجة مفادها أن هذه الدبلوماسية قد تراجعت خطوات إلى الوراء.. ولعل مرد ذلك –في نظري – يعـود إلى اعتبارات موضوعية عديدة, يأتي في مقدمتها سياسة التردد التي اعتمدتها إدارة الرئيس اوباما وتحديدا منذ إعادة انتخابه لفترة رئاسية ثانية.
ورغم جهود هذه الدبلوماسية, خاصة فيما يتعلق بتنشيط عملية التسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين إلا أن الوزير جون كيري لم يفلح في تحقيق أي تقدم على مسار هذه التسوية, حيث وجـد نفسه -مؤخرا- أمام جدار صلب من تعنت الموقف الإسرائيلي الذي لا يرى في هـذه المفاوضات غير استنزاف الوقت وتمرير مخططات الاستيطان والاستحواذ على أجزاء جديدة من القدس الشرقية, الأمر الذي أدى بالرئيس الفلسطيني إلى إعلان استعداده لتسليم السلطة للإسرائيليين ما لم تشهد الجولات المرتقبة من المفاوضات تقدما ايجابيا على جميع المسارات.. وهـو مـوقف ينم عن الضيق من تلكؤ المفاوض الإسرائيلي في التعامل مع هذا السجال باستهتار واضح!
وفي المقابل, يمكن رصد التدهور الكبير في علاقة إدارة البيت الأبيض بحلفائه في المنطقة العربية وتحديدا مع دول الخليج ومصر مقابل اضطراد علاقاته مع إيران.. وهو ما يثير حفيضة حلفاء واشنطن في المنطقة العربية بشكل عام والخليجيين على نحو خاص.
إن هذه الدبلوماسية التي لم تحافظ على شرط الوفاء بالتزاماتها, إنما تمثل خطا تراجعيا تجاه تلك المعضلات والمستجدات, وتأتي -كذلك- في إطار الموقف السلبي من الأحداث المؤسفة التي تجري في سوريا منذ أكثر من ثلاثة أعوام, حيث لم تتمكن إدارة أوباما من الضغط على الأطراف للقبول بتسوية مرضية في مؤتمري جنيف الأول و الثاني .. وهو ما أدى إلى ارتفاع وتيرة العنف إذ تشير الإحصائيات الأخيرة إلى مقتل قرابة 200 ألف شخص وتـدمير البنية الأساسية, فضلا عـن تشريد الملايين من السوريين إلى الداخل و الخارج السوري.
ولا شك بأن تراجع الدور الأميركي خصوصا في منطقة الشرق الأوسط سوف يسهم في اختلال موازين القوة لصالح الأطراف المتشددة وتحديدا في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية, فضلا عن اتساع رقعة العنف والإرهاب وذلك بالنظر إلى أن استمرار الصمت تجاه الغطرسة الإسرائيلية, سوف يقود تلقائيا إلى تزايد حالة الاضطراب في المنطقة .. وبالتالي التهديد المباشر لمصالح أميركا والغرب قبل أن يرتب أعباء خطيرة على استقرار المنطقة برمتها .. فهل نتوقع إعادة التفكير في أولويات سياسة واشنطن تجاه أزمات المنطقة¿ أم أن الأمر سيبقى رهين تردد إدارة سيد البيت الأبيض¿ هذا هو التساؤل الذي لا يمتلك أحد الإجابة عليه باستثناء صانعي القرار في واشنطن.

قد يعجبك ايضا