التمسك بالتفاؤل

محمد العريقي


 - 


 أصبحت الكتابة حول ما يبني الحياة ويعمر الأرض هي الغريبة فيما أضحت الكتابة المحبطة والمتذمرة هي الواقعية في هذا الزمن المثقل بالهموم والكآبة .
ليس هذا فقط على مستوى

> أصبحت الكتابة حول ما يبني الحياة ويعمر الأرض هي الغريبة فيما أضحت الكتابة المحبطة والمتذمرة هي الواقعية في هذا الزمن المثقل بالهموم والكآبة .
ليس هذا فقط على مستوى الصحافة بل ما يشاهد ويتابع في القنوات الفضائية الإخبارية ومثل ذلك المواقع الإخبارية الالكترونية وهي أكثر إزعاجا في هذا الجانب لما لا وهذه الوسائل وجدت ما يغذيها من أخبار وتحليلات لحوادث وأزمات كلها ذات قتامة من إنتاج قليل من بشر هذا الزمن وهم قلة مصابون بأمراض نفسية وغارقون بأطماع الطموح والمصالح لكن شرورهم طغت واستأسدت على مشهد الحياة سواء كانوا منفذين أو ممولين أو مخططين له فجمعيهم أشرار وخبثاء لا يرتاح لهم عامة الناس وصار كل ما يكتب وما يقال من نصائح ووجهات نظر عقلانية ليس لها قيمة كمن يكتب على صفحات رمادية لا يفهم ما فيها من سطور في ظل ظواهر ومظاهر العنف والقتل والتدمير والمجازر البشعة وانتهاك حقوق الطفولة والاختطافات والحشد المشحون بالكراهية والحقد ومآسي الفقر والتشرد والظلم الاجتماعي والأسري والحيل والمكايدات السياسية ففرضت هذه المشاهد والتصرفات المجنونة نفسها على اللغة الإعلامية والفكرية في هذا الزمن الرمادي الأغبر .
هذا الانطباع ألمسه شخصيا بعد أن شغلتني القضية الرئيسية في حياة الإنسان وهي المياه وحاولت أن أكرس ما اكتسبته من معرفة في هذا الجانب وبحكم مهنتي الصحفية ومن منطلق أخلاقي أن أنبه عن خطورة تجاهل التدابير اللازمة لمواجهة شح وندرة المياه التي تعيشها اليمن والمنطقة العربية عموما وبدا هذا النوع من الكتابات كانه الغريب وسط المعترك الإعلامي المليء بأخبار وتحليلات بعيدة كل البعد عن هموم الإنسان وما يمكن عمله لمواجهات الصعوبات والتعقيدات حتى تستمر الحياة دون قلق وخوف ووجدت من يقول لي :(شيء جيد أنك مستمر في الكتابة حول المياه) وكان هذا الموضوع ليس أوانه الآن ووجدت نفسي فعلا أغرد خارج السرب فأحداث العنف والقتل وسقوط الضحايا بهذه الصورة البشعة والخوف من المجهول القادم جرني حتى أنا شخصيا إلى أن أفكر بحياة اللحظة والخوف من هذا الإنسان المتربص الذي يفتقد لمعايير الأخلاق والقيم وتعاليم الدين الحنيف وحماقته المدمرة التي تهدد حياة الناس البسطاء .
رغم أن الكتابة في مجال المياه والبيئة هي أكثر واقعية حتى من منظور الأحداث التي يجب أن تتعاطى معها وسائل الاعلام فشحة المياه وندرتها قادت في أحيان كثيرة إلى المواجهات والصراعات المسلحة على مصادرها ومات الكثير من الأطفال والكبار – ولايزال – بسبب تلوثها وكل ما نأمله من تلك الكتابات هو تنبيه المجتمع أن خطورة الوضع المائي يتطلب العقل في التدبير والفعل في المعالجات لذلك سوف استمر في الكتابة في هذا المجال لارتباطها المباشر بالحياة حتى وإن حملت صورا قاتمة للوضع المائي والبيئي كل ذلك من أجل تحفيز المجتمع بكل مكوناته التعاضد من أجل البقاء.
صحيح أن ما نشاهده من مآس طالت الإنسان العربي عموما واليمني خصوصا تجعلنا أسيرين للحسرة والإحباط إلا أننا نقرأ بين حين وآخر من تلك الأخبار التفاؤلية عن انجازات علمية وإبداعية فردية هنا وهناك وإن كانت الأضواء المسلطة حولها خافتة .
الإنسان يستطيع أن يغلق طريق الشر ويفتح مسالك الخير والبناء والرفعة والنهوض .
وهنا إشارة لمؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يعول على مخرجاته المواطن اليمني كثيرا خاصة وأن الأحداث الإرهابية التي شهدتها اليمن ومنها حادثة العرضي تعطي حافزا كبيرا للشركاء في الحوار الوطني أن يكونوا أكثر إصرارا على المضي بالحوار إلى محطات إيجابية فحياتنا لاتزال مليئة بالتحديات التي تتطلب الوقوف الجاد بمسؤولية وطنية وهو ما ينبغي أن تدركه كل القوى السياسية أن المماحكات والمزيدات لن تجدي نفعا وأن الشعب أصبح يعي من يضر بأمنه واستقراره ولن تتحمل البلاد المواقف الضبابية أو الرمادية فلابد أن نصحو جميعا قبل أن تفلت البلاد في شرك الفوضى والاتجاه لهاوية المجهول .

قد يعجبك ايضا