نجاح أعظم ملوك تهامة مسموما

أحمد الأحصب

 - بعد قرنين من تأسيسها هاهي دولة الزياديين التي سيطرت على معظم اليمن تحتضر. لم يبق من سلالة الملوك إلا طفل تتكفل عمته برعايته. أما شئون الدولة فيديرها عبيد آل زياد

بعد قرنين من تأسيسها هاهي دولة الزياديين التي سيطرت على معظم اليمن تحتضر. لم يبق من سلالة الملوك إلا طفل تتكفل عمته برعايته. أما شئون الدولة فيديرها عبيد آل زياد. وكان السلطة الفعلية بيد أحد عبيدهم ويدعى مرجان الذي كان له بدورة عبيدا. كان هناك عبدان مقربين إلى نفسه ولكنهما متنافسان يدعى أحدهما نفيسا ويدعى الآخر نجاحا. عهد مرجان بالسلطة الفعلية إليهما. ولكن نصيب الأسد منها كان لنفيس الذي يميل إليه سيده فسيطر على أهم الأمور وفي العاصمة زبيد. أما نجاح فكان منوطا به تصريف أعمال مناطق شمال زبيد المنطقة الكد راء في تهامة. على عكس نفيس كان نجاح فاضلا ومحبوبا من الناس. وما لبث هذا الطفل وعمته أن قتلا بصورة بشعة على يد نفيس الذي بنى عليهما حائطا مسدودا في احد قصورهم وتركهما حيين يواجهان الموت وراءه. كان ذلك عام 402هـ/ 1011م.
كان نجاح في الكدراء عندما وصلته أخبار تلك الجريمة المفجعة من زبيد. فخرج بما توفر له من رجال وما لبث الكثير من بيض وسود أن التفوا حوله وتوجه إلى زبيد وخاض مع القاتل عددا من المعارك خسر بعضها ولكنه انتصر في الأخير. وقتل نفيسا. ونال مرجان على يده نجاح نفس مصير ذلك الطفل الزيادي وعمته اللذان أخرجا ودفنا بطريقة تليق بأبناء الملوك.
من هذه اللحظة حلت دولة نجاح محل دولة آل زياد العتيدة. وأصبح نجاح الحاكم الفعلي للتهائم التي سيطر على أمورها وضبطها. وغدا ملكا تهابه الملوك حتى الأقوياء منهم كالصليحي الذي دشن مشروع دولته عام 439هـ/1047م وسيطر على غالب اليمن إلا أن تهامة النجاحية ظلت عصية ومرهوبة الجانب بفضل ملكها القوي والحصيف. كان على الصليحي مهادنة هذا الجبار وتبادل معه المجاملات والهدايا. ورغم ذلك فسدت العلاقة بينهما وخاضا معارك عدة كان النصر في أغلبها في جانب الصليحي. ومع ذلك ظل التخلص العسكري من نجاح غير ممكن. كان على الصليحي التفكير بخطة بديلة. قد تكون تلك الفكرة طرأت له أو قد تكون من بنات أفكار مساعديه ولكن ذلك لا يهم فقد بدأ بتنفيذها فورا. كان عليه اختيار جارية يتوفر بها الجمال الذي لا يستطيع ملك مثل نجاح مقاومته والولاء الأكيد الذي يضمن عدم ترددها في تنفيذ المهمة. وعندما توفرت تلك الحسناء وتم اختبار ها أطلعت على الخطة وعلى دورها في التنفيذ. كان عليها أن تغتال نجاحا بالسم. لقد تم إعداد كل شيء ولم يبق إلا إرسال الهدية إلى صاحبها. استقبل نجاح هدية الجميلة البضة النضرة ممتنا ولعلة كان يفكر بنوع الهدية التي يتوجب عليه إرسالها إلى الصليحي ردا على هذه التحفة الآدمية وتأكيدا على حسن النوايا فتلك عادة الملوك. لا أحد يعرف على وجه الدقة كم لبثت تلك الجارية عند الملك نجاح قبل أن تدس له سما في طعامه ويموت به في الكدراء. وهكذا فعل السم ما لم تستطعه السيوف وهكذا غادر هذا الملك الدنيا بعد خمسين عاما من الحكم والقوة كان ذلك عام 452هـ/1060م .ولكن كان على الملك الصليحي العظيم أن يدفع حياته ثمنا لما فعله بالسم. فبعد سبع سنين استطاع سعيد الأحول أحد أبناء نجاح الأخذ بالثأر والانتقام لوالده بقتل الصليحي عام 459هـ/1066م وفي مكان ليس بعيدا عن الكدراء التي اغتيل فيها والده نجاح.

قد يعجبك ايضا