السجينه … يتخلى عنها الأهل ويظلمها المجتمع فتغدو عرضة للانحراف

تحقيق وديع العبسي –


تحقيق/ وديع العبسي – –
حين غادرت صفية (29 عاما) – مطلقا سراحها- من السجن المركزي بصنعاء بعد أن أودعت فيه قرابة العام دون محاكمة لم يكن في انتظارها أحد فقد تبرأت عائلتها منها لحظة علمها بخبر القبض عليها صيف العام 2009. قادها القدر إلى سائق تاكسي طامع في جسدها ففاوضته على الزواج مقابل تأمين مأوى تلوذ به. لكن الزوج ما لبث أن دفع بعروسه إلى بعض الفنادق لبيع أنوثتها لحسابه. تمردت الزوجة على هذا الوضع فقررت استثمار جسدها لحسابها الخاص لتقع مجددا في أيدي رجال الأمن وتعود مرة أخرى للسجن.

صفية – والاسم هنا مستعار كسائر أسماء ضحايا الأهل والمجتمع الواردة في التحقيق وبحسب إفادة المختصين- فإن من بين 116 سجينة أخرى في اليمن ربعهن تقريبا عدن له بعد الإفراج عنهن نتيجة وقوعهن في فخ الانحراف في غياب تشريع يحدد الجهات التي تتحمل مسؤولية رعاية السجينات اللائي يتبرأ منهن أهلهن وفي ظل تقصير وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية في دعم دار الرعاية الوحيدة التي بادرت لإيواء هذه الفئة.

دار أهلية واحدة لا تكفي لحل المشكلة
دفع الخوف من السجن وما يحمله من وصمة عار سعاد (26 عاما) لمغافلة رجال الأمن والإفلات من قبضتهم لحظة اقتحامهم منزل صديقة دعتها لحضور “جلسة بنات” في وقت كانت أجهزة الأمن تراقب المنزل وفق معلومات التحريات الأمنية بأنه وكرا للدعارة.
وفق روايتها اتصلت الشابة بأهلها مستنجدة فلم تسمع منهم إلا التهديد بالقتل. لجأت لعجوز يؤويها لذات الليلة غير أنه خشي العواقب واستشار جيرانه في أمرها فنصحوه بإبلاغ الشرطة لتجتمع الفتاة بصديقاتها في “جلسة البنات” الموعودة لكن هذه المرة في السجن حيث قضت أكثر من ثمانية أشهر عام 2008م. تقول (لكاتب التحقيق) إنها لم تدخل محكمة وإنما اقتصر الأمر على استجوابات كل حين وآخر.
افتتحت دار الإيواء في العاصمة صنعاء عام 2009م. تتحفظ صحيفة الثورة عن ذكر اسم الدار ومكانها حرصا على سلامة النزيلات فيها.
من الخارج تبدو الدار للوهلة الأولى مدرسة أهلية. داخل السور باحة يلعب فيها أطفال تؤدي إلى منزل خاص يديره اتحاد نساء اليمن لإيواء النساء المفرج عنهن بعد انقضاء عقوبة السجن/ التوقيف بسبب تخلي الأهل عنهن. البقاء فيها غير إلزامي ويستقبل النساء اللواتي يخرجن من السجن ولا يجدن من ينتظرهن من أهلهن أو يخشين العودة إليهم إلى جانب إيواء ضحايا العنف المجتمعي والأسري اللاتي يلجأن للدار.
تتوقف السيارة ندخل إلى الدار ذات الطابقين برفقة سيدة من الاتحاد. في داخل إحدى الغرف عدد من النساء يتعلمن صناعة البخور لمساعدتهن على امتلاك حرفة تمكنهن من إعالة أنفسهن بعد الإفراج عنهن.
تقضي النزيلة في الدار عادة فترة ستة إلى تسعة أشهر تتلقى خلالها برامج تدريب تأهيلية في الحياكة أو الأشغال اليدوية كصناعة الزجاج البخور الكوافير والتطريز أو ما شابه من الحرف البسيطة التي يمكن أن تعينها لاحقا على إعالة نفسها.
بنهاية فترة التأهيل تنطلق النزيلة إلى حياتها الجديدة وهي تتفاوت من نزيلة لأخرى فهناك من تبدأ العمل بمشروع خاص بشيء من الدعم الذي يقدمه اتحاد نساء اليمن وهناك من لا يعلم إلى أين تذهب. ومنهن من تقرر الخروج من الدار قبل انتهاء فترة التأهيل.
لكن الدار وأنشطتها بحاجة إلى التفاتة الحكومة حتى لا يضطر القائمون عليها لإغلاقها بسبب نقص الإمكانيات بحسب رئيسة اتحاد نساء اليمن رمزية الارياني. غير أن وزيرة الشؤون الاجتماعية الدكتورة أمة الرزاق حمد تجيب بأن إنشاء دور لإيواء السجينات “ليس من مهام الوزارة” ردا على سؤال فريق الحقوق والحريات التابع لمؤتمر الحوار الوطني الذي زار الوزارة أخيرا.
غير أن رئيسة اتحاد نساء اليمن رمزية الإرياني تعارض هذا الطرح وتؤكد مسؤولية الدولة عن إنشاء دور الإيواء أو دعمها على الأقل وتضيف: “المفروض إن مسؤوليتنا كمؤسسات مجتمع مدني في هذا الجانب تنحصر في الإشراف والتدريب والتأهيل كما هو حاصل في الأردن ومصر والمغرب”.

غياب كارثي
تؤكد الإرياني أن اتحاد نساء اليمن “لم يتلق من الحكومة فلسا واحدا وأن وزارتي الداخلية والشئون الاجتماعية رفضتا تقديم الدعم حتى بإيجار الدار البالغ 130 ألف ريال شهريا (600 دولار)”. وبألم تقول: “كلما انتابني شعور بأننا لن نتمكن من دفع إيجار المبنى أو تكاليف استهلاك الكهرباء والماء أتخيل أن النتيجة ستكون رمي هؤلاء النسوة إلى الشارع”. وتناشد الإرياني الحكومة تقديم الدعم حتى يتمكن الاتحاد من فتح دور مشابهة في محافظات أخرى مشيرة إلى أن النفقات التشغيلية للدار تتراوح بين 400 و460 ألف ريال نحو (2000 دولار).
من جانبه يقول رئيس مصلحة السجون اللواء محمد الزلب إن بين السجينات “من تخرجت ولا تجد أمامها من يأو

قد يعجبك ايضا