نفاذ الأحوال..

محمد المساح


 -  شعرة تسقط أحيانا من رأسك ويسقط معها من الأمور ما لا يعد ومالم تلحظه على مر الوقت والأحداث بخفة الهواء وبحدة في المأساة والذكرى وقد لا يعفيك هذا الحدث من عناء التأمل والتبصر قدر ما تعفيك سماء صيغية في الصيف من
محمد المساح –

شعرة تسقط أحيانا من رأسك ويسقط معها من الأمور ما لا يعد ومالم تلحظه على مر الوقت والأحداث بخفة الهواء وبحدة في المأساة والذكرى وقد لا يعفيك هذا الحدث من عناء التأمل والتبصر قدر ما تعفيك سماء صيغية في الصيف من نسيانها.. لكن الفاجع أن تجهل المدى الذي أدركه الليل أو النهار في تعاقبهما التلقائي أو في تصادمهما المدوي عليك حتى يصبح العالم على مخافة وتوجس وتواطؤ مع عبث غامض وكبو في لا شيء مجهول بخفة أن تسقط شعرة عليه وبلا مقدمات منطقية فيتساقط معها بلا وعي محسوب ولا تتبع متماسك حتى تلك المسافة غير المحددة التي تحتضن السقوط بقسوة الجماد أو برهبة من يتذكر الموتى ولا يدري.
وهنا يمكن أن ترفع تلك الشعرة تتفحصها بعين مجهرية لا لتزن وجودها الأخير غير المسمى وغير المبثوث أو عمرها أو لونها أو جمالها إنما لتزن عينيك ويديك وتعقد تلك المقارنة بين ما يتولى وما لا يبقى أو يبقى على أحواله وعندها قد ترى أن تؤبن وتختار من تؤبن تسحبه من محيطه ونقاط تماسه ومن أقوامه ومن تواريخه وتجعله واجهة من واجهات مأهولة أو ذريعة ملتبسة لتبين هشاشة ما في الكائنات وما في المصائر والعتبات لكن ما تتلقفه يدك ويقلبه بصرك وما تزنه وما لا تزنه جدير بالموت وبأهله أو بتجسيد أدوار تجمع بين لغات بمصادرها الينبوعية وبين لحظات فنائها فالمتقلبات في تواريخ الشعوب والموجودات من صفاتها ومن ثوابت عناصرها وأصلاب جذورها وهي المادة الأولى المتحركة في اتجاهات غامضة ومكشوفة قد تشرق أحيانا وهي تلفظ مواليدها وهوياتها وأحفادها وكتبها إلى عتمات سفلى أو إلى ذاكرات تتكدس على حطامها النبيل.
«بول شاوول – شاعر وكاتب لبناني»

قد يعجبك ايضا