نص رؤية العدالة والتنمية لمحتوى القضية الجنوبية
في رؤيتنا لجذور القضية الجنوبية أوضحنا أن جذور القضية تعود إلى عدد من الممارسات خلال عدد من الفترات المتتابعة ابتدأت خلال الفترة ما بين 22 مايو1990م وانتخابات ابريل 1993م وما نتج عنها وتلاها من التفاف على وثيقة العهد والاتفاق ثم حرب صيف 1994م وممارسات الفترة التي تلت الحرب حتى انطلاق ثورة الحراك الجنوبي السلمي في 2007م والأحداث التي رافقتها.لقد كانت الأحداث والممارسات التي تمت خلال تلك الفترات هي أساس جذور القضية الجنوبية – من وجهة نظرنا – في حزب العدالة والبناء وبالتالي فإن الحديث عن محتوى القضية الجنوبية هوحديث عن الشجرة التي نبتت عن تلك الجذور وفروعها التي نمت على مدار أكثر من 20 عاما.لقد خلق تجاهل النظام لمعالجة آثار الحرب وتصحيح الاختلالات الناجمة عنها بيئة خصبة لظهور العديد من المطالب الحقوقية التي بدأها أولئك الذين تم تسريحهم قسرا من أعمالهم العسكرية والمدنية كما شكل عدم استجابة النظام للمطالب الحقوقية وقمع أصحابها سببا كافيا لتنامي المحتوى السياسي للقضية الذي لم يكن طاغيا على القضية رغم أنه كان موجودا بالفعل منذ حرب 1994م .ولذلك فإن الحديث عن محتوى القضية الجنوبية يتطلب الحديث عن محتواها السياسي والاقتصادي والاجتماعي والحقوقي والثقافي.
أولا : المحتوى السياسي :يمكن تلخيص المحتوى السياسي للقضية الجنوبية في النقاط التالية:
1- تقليص المشاركة السياسية البرلمانية للجنوب بعد إنتخابات 1993م فقد تقلصت نسبة تمثيل الجنوب من 40% تقريبا في برلمان الفترة الإنتقالية إلى أقل من 20% في برلمان 1993م نتيجة لاتباع نظام الدائرة الفردية ومعيار التمثيل السكاني في ترسيم الدوائر الإنتخابية وعدم معالجة هذا الخلل عن طريق إنشاء غرفة ثانية لتعويض الخلل في التمثيل خاصة في تلك المرحلة التي كانت تستلزم وجود شراكة حقيقية من أجل بناء دولة مؤسسات قائمة على مبادئ وأسس الديمقراطية .
2- تقليص المشاركة السياسية للجنوب في الحكومة من 50% في حكومة الفترة الانتقالية إلى أقل من (%35) في حكومة الإئتلاف الثلاثي بعد انتخابات 1993م
3- تقليص تمثيل الجنوب بعد حرب 1994م في كافة المواقع القيادية العسكرية منها والمدنية وتسريح جيش الجنوب وقياداته وإقصاء أبناء الجنوب من معظم المواقع القيادية في المؤسسات العامة.
4- عدم الاعتذار عن حرب 1994م وعدم معالجة أثار ونتائج تلك الحرب .
5- تعديل معظم التشريعات التي أقرت وفقا لمبدأ أفضل ما في النظامين الذي نصت عليه اتفاقية الوحدة بعد حرب 1994م .
6- إضعاف الحزب الاشتراكي اليمني الذي شكل الممثل السياسي للجنوب في اتفاقية الوحدة وفي مؤسسات الدولة خلال الفترة الانتقالية وفي حكومة 1999م فقد تم مصادرة مقراته وممتلكاته وإضعاف مؤسساته بطريقة ممنهجة ليتحول من حزب رئيسي شريك في الحكم إلى حزب معارض يمتلك 7 مقاعد في برلمان العام2003م.
7- اتبع النظام السابق سياسة شراء الولاءات واللعب على متناقضات الخلافات السياسية في الجنوب قبل 22مايو1990م محاولا خلق وضع جديد من الصراعات والأزمات في الجنوب لترسيخ حكمه من خلال خلق تمثيل وهمي للجنوب في مؤسسات الدولة .
ثانيا : المحتوى الاقتصادي: يمكن تلخيص المحتوى الاقتصادي للقضية الجنوبية في النقاط التالية :
1- تسببت مخرجات الحرب والممارسات التي تلتها في إنهاء الطبقة الوسطى التي كان معظم أبناء الجنوب ينتمون إليها وتحولهم إلى الطبقة الفقيرة أوتلك التي تعيش تحت خط الفقر وقد كان ذلك نتاجا لعدة ممارسات أهمها :
– التسريح الجماعي لجيش الجنوب وإحالة قياداته وأفراده إلى التقاعد القسري برواتب هي دون الأحد الأدنى للأجور .
– خصخصة شركات القطاع العام وتسريح العاملين فيها أوإحالتهم إلى صندوق الخدمة المدنية .
– الاستيلاء على مزارع الدولة وتسريح العاملين فيها والمستفيدين منها .
– نقل كافة مكاتب الوزارات من عدن إلى صنعاء وما ترتب عليه من نقل العاملين وإضافة أعباء مالية عليهم .
– تم منح نافذين تابعين للنظام السابق امتيازات واسعة في قطاعات الأسماك والزراعة والخدمات النفطية وبالتالي حرمان أبناء الجنوب من أي عوائد اقتصادية في تلك القطاعات.
2 – تم تهميش ميناء عدن وعدم الاستفادة من موقعه كميناء عالمي حيوي قادر على توفير موارد مالية عالية جدا ابتداء من منح شركة موانئ سنغافورة عقد المرحلة الأولى للمشروع التي استغرقت أكثر من10 سنوات في بناء وتشغيل المرحلة الأولى بينما قامت شركة موانئ دبي ببناء ميناء جيبوتي كميناء منافس في خلال 5 سنوات فقط تلى ذلك تأجير الميناء لشركة موانئ دبي في صفقة مشبوهة لم تتضح تفاصليها إلى الآن والتي عملت على إضعاف ميناء عدن من خلال رفع رسوم السفن والحاويات لمنع أي منافسة لميناء دبي.
3- تم تحويل مطار عدن الدولي إلى مطار محلي وهوما أفقد