هالة الماضي وافتقار الارادة

‮جمال الظاهري

 - 
ها نحن على عتبة العام الثاني وقد تحققت بعض بنود المبادرة الخليجية  التي كان اهمها انجاز الانتخابات الرئاسية وايقاف المواجهات المسلحة وعملية الهيكلة للقوات المسلحة قبل بها الفرقاء
‮جمال الظاهري –

ها نحن على عتبة العام الثاني وقد تحققت بعض بنود المبادرة الخليجية التي كان اهمها انجاز الانتخابات الرئاسية وايقاف المواجهات المسلحة وعملية الهيكلة للقوات المسلحة قبل بها الفرقاء والتزموا ببنودها على اعتبار أن البديل كان الاقتتال والدمار والنهاية الحتمية لوجودهم ولمصالحهم ما يعني ان الجميع كان يدرك خطورة الانزلاق الى دوامة الصراع وما يمكن أن يلحقه بهم من ضرر.
هذا الادراك العميق من قبل اطراف الصراع لخطورة الوضع وفداحة الثمن في حالة المراهنة على كسب المعركة بالقوة والغلبة أوصلهم الى قناعة بأن مثل هذا الرهان خاسر وأنهم سيكونون أول ضحاياه لذا فإن المبادرة الخليجية كانت بالنسبة لهم طوق النجاة الذي تعلقوا به كي يحافظوا على وجودهم ومصالحهم المادية ودورهم المستقبلي.
ومن خلال هذه القراءة وواقعنا المعاش نخلص الى نتيجة واحدة لا يزاحمها اي شك مفادها: أن هذه المبادرة جائت كحبل نجاة للساسة والقادة ورجال الاعمال والمشائخ والنافذين بالدرجة الأولى وأن الشعب اليمني وأماله ليس له فيها غير الاماني أقله حتى الأن فهو لم يجنö من وراؤها غير المزيذ والمزيد من الآماني والوعود التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
هاهو المواطن اليوم يسأل نفسه في كل حين عن الجديد في مهرجان التدافع السياسي فيما نسي أو تناسى أن يسأل نفسه عن ماذا جنى أو ما الذي استفاده من وراء المبادرة وما الذي استجد على واقعه ومعيشته! فهو عالق في تلابيب السؤال اليومي الذي يتكرر على مسامعه طوال اليوم – كيف تشوف¿ – ما رأيك في امل¿ – هذه العبارات وإن اختلفت في بعض أحرفها إلى أن المعنى والمغزى منها معروف للجميع فهي تبحث وتتلمس جواب سؤال واحد يطلقه بمناسبة وبدون مناسبة لا ليسمع جوابه لأن الجواب معلوم لديه مسبقا ولكنه صار عادة استحكمت وفرضت نفسها في الوعي واللا وعي .
هذا السؤال صار مفتتح كل (مجابرة) أو نقاش قد يجمع اثنين أو أكثر سؤال صارت شهرته وسمته الدالة في الإجابة عليه إبتسامة ساخرة وأرجحة الرؤوس يمنة ويسرة إجابة واحدة بتوحد الحال للجميع إجابة لا يفهمها غير أبناء اليمن الذين يدركون العلة والعلاج ولكنهم يتصالحون مع العلة ويعيشون في كنفها ويشكون منها! فيما العلاج وإن كان معلوما لهم إلا أنهم يقفون أمامه متسمرين يطالعونه بأعينهم ولا يجرؤون على تناوله.
ها هي حياتهم مستمرة وإن كانت حياة مصابة بحالة من الغيبوبة أو بحالة من الانفصام في الشخصية العامة التي تعيش بين احلام اليقظة تارة وفي الواقع تارة أخرى كان من ابرز نتائجها هذا السؤال الممجوج وتلك الإجابة الغريبة غرابة أصحابها.
ومع كل هذا الاحباط وذاك الصلف الذي استمرأه القائمون على الشأن اليمني تجاه شعبهم يستمر السؤال وتستمر أرجحة الجماجم ويستمر العنف في تدمير حياة المواطنين وضرب الجهود الهزيلة لضمان تحقيق الاستقرار!.
فالأوضاع الأمنية الراهنة التي تتحرك وفقا لرؤية محسوبة من قبل أطراف سياسية هدفها الرئيسي إرجاع اليمن إلى مربع الصفر عن طريق تحطيم ما بقي للدولة من حظور في شقه الشكلي بعد ان تم تفريغها من الناحية الموضوعية وفي نفس الوقت غياب ابسط الواجبات المناطة بها ومنها الجانب المتعلق بحياة الناس اليومية وأدناها الجانب السعري وما يصاحبه من رقابة على اداء السوق الذي لا يهتم بغير الفائدة التي لا تراعي قدرات الناس الشرائية وخاصة في حالات الأزمات والحروب التي تغذي نهم وجشع صاحب السلعة التي لا غنى عنها لأحد.
وهنا أقول وقبل أن يضرب الجميع كفا بكف إن مبررات الماضي ورمي العلل على أكتاف الغير أو تحميلها على هالة الحالة الماضوية أو على عاتق شبح لا يراه غير المعنيين والملزمين بوضع حد له لا يمكن قبوله ولا يمكن لأجهزة الدولة النهوض ومعاودة الحركة بفاعلية أكثر ما لم يتم اتخاذ قرارات جريئة وشجاعة من الحكومة والرئاسة بعيدا عن كل حسابات المراكز والقوى السياسية إلا من حساب وحيد لا يقبل التنصيص أو القسمة على اثنين ولا على أكثر من أجل إزالة كل المعوقات ومحاسبة كل المتسببين بالأزمة الأمنية والأطراف التي لا تريد الخير لليمن وتسعى إلى إبقاء هذه البلاد تحت رحمتها.
هذه القرارات المأمولة وإمكانية تنفيذها على الواقع يتطلب قبل كل شيء أن تتخلص أجهزة الدولة ومرافقها الحكومية من المصالح والضغوط الحزبية والمتغيرات الأخيرة في قوام القوات المسلحة باستطاعتها أن تضبط ايقاع الحياة وتستعيد عافية الدولة ككيان ضامن ومسئول أول عن وطن وشعب أئتمنه وسلمه مقدراته وحاضره ومستقبله.

قد يعجبك ايضا