اليمن .. وقيم الانتماء

أحمد الشرعبي

 - خاض الناس وأفاضوا وما زالوا يخوضون في دراسة وتحليل تطورات الأحداث على الساحة اليمنية.
بعض هؤلاء عزا أوجاع اليمن للتخلف بمؤثراته وموروثاته وعوامله المختلفة وقال آخرون أن مشكلة اليمن تكمن في غياب هيبة الدولة وشحة
أحمد الشرعبي –
خاض الناس وأفاضوا وما زالوا يخوضون في دراسة وتحليل تطورات الأحداث على الساحة اليمنية.
بعض هؤلاء عزا أوجاع اليمن للتخلف بمؤثراته وموروثاته وعوامله المختلفة وقال آخرون أن مشكلة اليمن تكمن في غياب هيبة الدولة وشحة الموارد وضعف الإدارة وفساد النخب.. وفي سياق التحليل وفدت منظمات دولية مهتمة بالديمقراطية ورعاية الحريات والحقوق أو متخصصة بمساعدة الحكومات على إقامة الحكم الرشيد.
وكان من بين الأصدقاء ناصح صادق حريص يبذل وسعه دون جدوى!! ومنهم الموارب المتخصص في تشريح البلدان الأقل نموا واستغلال ظروفها السياسية والاقتصادية والاجتماعية لأغراض جيوسياسية تتعلق بصراع النفوذ الإقليمي والدولي ورؤية كل حدود مصالحه من حطام المراكب المتهالكة ولكل اشتراطاته لإصلاح الوضع وتحقيق المستوى المطلوب من الاستقرار والتنمية وبناء مؤسسات الحكم
وحين تعدى الاضطراب حدود المسموح به بمقاييس الفوضى الخلاقة هرع القريب والغريب لتدارك الخطب وهبت عربات الإطفاء وسط دهشة اليمنيين المعتادين على رؤية مثل هذه العربات تذهب أو تجيء وليس في أحمالها مادة تصلح لإخماد الحرائق إنما إشعالها.
وبمنطق المتاح لا المثالي من الحلول تم إلحاق ثورة التغيير بقاطرة قوى الصراع التقليدي المزمن وغدت التسوية السياسية المرتكزة على المبادرة الخليجية أساسا لمصالحات توافقية أدت إلى خروج صالح من سدة الحكم دون المساس بجذور الصراع وأدواته.. وبمحصلة ذلك تمضي الأمور بوتيرتين متضادتين سياسية أولاهما الحوار الوطني والتئام حكومة وفاق غاية في الضعف تتداركها من السقوط قرارات رئاسية تحاول دحرجة الصخور الجاثمة على كاهل الدولة..
– وثانيتهما على صعيد الواقع العملي فيستشرى –الفساد حيث تتحرك آليات الهدم بسرعة الضوء مطلقة اليد والراحلة واللسان لنهب الموارد وفرض المعايير الحزبية للاستحواذ على الوظيفة العامة واستهداف الاقتصاد الوطني بعملياتها التخريبية ضد محطات الكهرباء وأنابيب النفط والنيل من أمن وسكينة المجتمع.
نعود إلى علة التخلف كشماعة يستخدمها الجميع –ضد الجميع– على سبيل الإفلات من المسؤولية لكن لا أحد يتذكر أن أحوال اليمن في النصف الأول من القرن الماضي كانت أكثر سوءا بكل المعايير ومع هذا لم يكن الاضطراب بمستواه الراهن لا في مضمار الأداء الحكومي فحسب وإنما على مستوى منظومات القيم الموجهة سلوكيات الأفراد والجماعات.
ثمة معضلة أخرى غير التخلف تلقى ظلالها الداكنة على تفاعلات الواقع وتهدد بفقدان الحساسية الوطنية إزاء التيارات السياسية والاجتماعية ذات الارتباط المباشر بموجهات خارجية ومصادر تمويل غير مشروع.
لقد كان الاستخفاف بمحددات الولاء الوطني والتهاون مع الممارسات والأنشطة الفردية المنتهكة ضوابط المواطنة النزيهة ضمن خصائص النظام السابق فيما استجد التغيير غير المنضبط وشهدنا انضمام قوى سياسية واجتماعية وفعاليات مدنية وعسكرية إلى خط انتهاك السيادة واقتحام المشهد السياسي بفاعلية المال السائب من محدث نعمة أو ناعق وصاية وهو الأمر الذي يتهدد المبادرة الخليجية ويحول وبناء الدولة الضامنة ويشل قدرتها على الوفاء بالتزاماتها الوطنية والإقليمية والدولية.
إنه لأمر مقلق أن تقف دول ومنظمات العالم إلى جانب اليمن وتتعهد بالحفاظ على أمنه ووحدته وتلتزم بدعم الرئيس عبدربه منصور هادي ثم لا تحرك ساكنا إزاء التمويلات الخارجية المتسربة بسخاء خارج القنوات الدستورية.
والحق.. والحق نقول إن كان استقرار هذا البلد متطلبا إقليميا ودوليا فإن الخارج مطالب بالكف عن خلق موازين نفوذ تقوض فرص نجاح التسوية السياسية وتضع العصي في دولاب الشرعية الشعبية وتلقى المزيد من الصعوبات أمام القيادة السياسية وذلك ما لا يستحسن التغاضي عنه لمصلحة اليمن كما لمصلحة الأقاليم والعالم معا..

قد يعجبك ايضا