مجنون صنعاء
عبدالرحمن بجاش


عبدالرحمن بجاش –

اشتهرت صنعاء التاريخية بنكاتها وحكاياتها, وظرفها , وجمال نفوسها, وكان في كل ديوان من دواوينها زعيم نكته من سعد يسر إلى احمد راشد , وفي ساعاتها السليمانية دارت حكايات وحكايات, حتى أن محمود أمين العالم اعترض على بيان صنعاء لندوة الفن والفكر والأدب, اعتراضا على الخيال في البيان وقال لكمال بوديب: هذا بيان خيالي كتب بوحي من الساعة السليمانية!, والساعة السليمانية لها ألف حكاية وحكاية, قال صاحبي : جئت من التربة وأنا مولود فيها واصل أسرتي من صنعاء , لأدعى إلى ديوان الحي , وجلست قرب الباب , وقبل الغروب خيم على الجميع ذلك الصمت المهيب وسط ظلام بدأ يتسلل , فاجأني جاري الجالس جمبي : ما بتشجوروش¿ – لا, ثوان : ولا مرة – ولا مرة, – أنا ولا مرة ¿ – ولا مرة ما تعجبنيش السجارة, مد يده : أمانة افعلوا نخس , استحيت , سحبت النخس الأول والثاني , ولم ادر بنفسي إلا زاحفا باتجاه الدرج , كنت فقط أحس بمن يمر بجانبي : أنس الله بحياتكم , مساكم الله بالخير .
هذا بعض لطف صنعاء التي يتوسع جديدها ونفقد علاقتنا الروحية بها أو كما قال المساح : صنعاء تكبر والمساح ابريري يزغر يزغر !!! وعندما سألته: لماذا لم تعد تطلع صنعاء, – اعمل للقاعدة يمسكني خوف ارجع البلاد!.
مجنون صنعاء حكايته حكاية, فقد قيل أن شلة كانوا يسكنون احد بيوت علاوها, يتجمعون كل ظهيرة حول مائدة فيها كل ما لذ وطاب , وفي حانوت أسفلها يسكن مجنون يمرون عليه كل يوم , يحترم نفسه لا يسأل عما يفعلون وهم لا يعيرونه اهتماما , لتمر الأيام وينبري احد أفراد الشلة الظريفة: والله انو حرام , أحنا هانا كل يوم نأكل ونشرب , للمه ما نصيح للمجنون يجي يشاركنا , في الأول والأخير هو جار ولطيف , نظر كل منهم إلى وجه الآخر , ليقول أحدهم : والله انو صحيح امانه ادعوه , ومن النافذة ناداه صاحب مقترح استضافته وضمه إلى الشلة: اطلع – ما تشتوا – اطلع وبس حاكي لك مجنون!, طلع صاحبنا , : السلام عليكم – وعليكم السلام ,- ما تشتوا,- اجلس , – ناهي ما تشتوا – أجلس كل , – آكل , – أشرب – مشرب , – أشرب ( ……), انتفض واقفا ونظر إليهم مليا, – هيا مال أبوك قلنا عنعطف عليك وهو ذا طلعت لنا مجنون ابن مجنون , عاده بيسأل!, عاد يقول: مشرب¿ – قلنا أشرب نوطد العلاقة والجيرة, صمت قليلا وابتسم – اسمعوا يا عيالي انتو تشربوا لجل توصلوا لا عندي أنا لوما اشرب لين عد شطلع , يا عيالي حتى الجنان يشتي له عقل!.
