وداعا علي عبدالله صالح
خالد الصعفاني
خالد الصعفاني –
قالها علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية السابق منذ بداية الأزمة .. “سأسلم السلطة لأيد أمينة” وسخر البعض من العبارة وحاك بخصوصها “الحزاوي ” لكن وكما تابعنا فقد كان الرجل يقصد تماما ما قاله فسلمها بردا وسلاما بعد عام تقريبا للمشير عبدربه منصور هادي الذي اتفق عليه الشعب يوم الحادي والعشرين من فبراير الفارط وقلنا بعون الله انه خير خلف لخير سلف ..
وعلي عبدالله صالح لم يأت من الفضاء في صحن فضائي فلن نجد لليمن أفضل منه لحكمها كما انه ليس ملاكا لنقول انه خلا في مدة حكمة من أخطاء وإخفاقات لكنه اثبت كما في لغة الواقع وقاموس الأفعال انه صنع الكثير للبلد وأنجز بالفعل ما لم يفعله أوائل الحكام ممن سبقوه ولهذا فقد كان يستحق وقفة محبيه الكبيرة خلال الأزمة الخانقة واستحق مشاعر البعض الكثير ممن ابلغوه حبهم له ووفاءهم لما فعله من اجل اليمن قبل أن يكون عائدا ما فعله لهم بصورة مباشرة وهنا كان الصدق في إطلاق المشاعر أو تسجيل الموقف ..
علي عبدالله صالح تفوق على قيادات عربية كثيرة في نظر العديد من المحللين والسياسيين والسبب انه واجه في مشوار حكمه جملة من التحديات المعقدة والمشاكل الكبيرة تمكن بتوفيق الله وحكمته فقط أن يتجاوزها وان يخفف من آثارها على الأمة كما انه سجل مواقف قومية وإسلامية لم يرق لمستواها أي قائد عربي آخر حتى لو كانت أثمان تلك المواقف أكثر مرارة من العلقم واشد من وقع لحسام على من يحس ويشعر ثم لكونه ختم مشوار الأزمة اليمنية الطاحنة بسيناريو مثالي يطرحه بعض الساسة في الإقليم ودوليا ليكون حلا يحتذى به .. وهذا يحسب له حتى وهو يخرج من السلطة كما أراد له خصومه ..
وعلي عبدالله صالح نجح كثيرا كما انه فشل أيضا وله من الفعل الايجابي الكثير لكنه في المقابل سكت عن أساطين الفساد وديناصورات النفوذ وهو ما أربك أجندة التنمية الشاملة لسنوات وقاد ضمن عوامل أخرى للمواجهة التي استمرت عاما ودفع فاتورتها الوطن من أقصاه إلى أقصاه ..
علي عبدالله صالح ظل رئيسا للمؤتمر منذ لحظة مولده لكن الإشكال لم يكن في بقائه في موقعه كرئيس للمؤتمر بل في تحول مفهوم المؤتمر ككيان إلى شخص الرجل نفسه وخطأ آخر هو انحصار استراتيجية الحزب لسنوات طويلة في الاستقطاب في أصحاب الثقل القبلي والمالي حتى ولو كان بعضهم سياسيا اوهن من خيوط العنكبوت وهو ما أدركه المؤتمريون بسرعة في مرحلة تساقط أوراق خريف المؤتمر في ربيع الأزمة الأخيرة ..
وعلي عبدالله صالح كان له رصيد إنساني ضخم ظل التسامح شعارا له في محطات عديدة ولهذا فقد كسب إعجاب وتقدير الكثير محليا وعربيا ودوليا أيضا كما انه خلق حالة من الاستقرار والتوازن للطوائف التي عاشت في ظل حكمه ووقف في مسافة متوازنة بين العديد من أطراف الصراع وهو ما أنتج من جانب دواء لبعض الإشكاليات وافرز في ذات الوقت ألما أزعج الضرورة في أن يكون القانون هو صوت الكلمة الفصل ولا شيء غير ذلك ..
علي عبدالله صالح ارتبط بوطنه منذ البداية وضحى بالكثير من اجل هذا الوطن ولم يكن إقدامه في وقت هرب منه الكثير على الحكم عبر انتخاب في عام 78 م إلا فاتحة ولم يكن موقفه من الاعتداء عليه والحكومة في محاولة اغتيال دار الرئاسة إلا شاهدا جديدا جدد صدق الرجل مع قضايا بلده وحلمه في أصعب وأقسى الظروف وهي المحطة التي شيدت له قلاع الإعجاب في عقول من لم يعرفه قبلا وعمدت حب الملايين التي اعتبرته واحدا من أرقام الوطن الهامة التي تستحق الوفاء ..
أخيرا :
استحق علي عبدالله صالح هذا الختام الجميل وهو يودع من الأطر الشعبية والدبلوماسية محليا وإقليميا وعربيا ودوليا .. ولولا ذاك العطاء الذي قدمه لبلده وحكمته وهو يعالج الأزمة ووقوف محبيه العامة قبل الخاصة معه لولا كل ذلك مجتمعا لما كان ذهابه بردا وسلاما أيضا كما كانت لحظة مجيئه في يوليو من عام 1978م ..
khalidjet@gmail.com