ثورة 11 فبراير .. الفتيل الذي مازال مشتعلا..!!

عبدالرحمن سيف إسماعيل

 - صادف يوم 11 فبراير الذكرى الثانية لثورة الربيع اليمني .. ثورة التغيير السلمي .. ثورة كل الحفاة العراة ذوي الصدور المفتوحة وهي الثورة التي نظر إليها العالم على أنها من الثورات الإنسانية العظيمة لأن مفجريها هم جميعا فئات الشعب رجالا ونساء شيوخا وأطفالا والمرأة تصدرت هذا المشهد الرائع وكانت أكثر حضورا وت
عبدالرحمن سيف إسماعيل –
صادف يوم 11 فبراير الذكرى الثانية لثورة الربيع اليمني .. ثورة التغيير السلمي .. ثورة كل الحفاة العراة ذوي الصدور المفتوحة وهي الثورة التي نظر إليها العالم على أنها من الثورات الإنسانية العظيمة لأن مفجريها هم جميعا فئات الشعب رجالا ونساء شيوخا وأطفالا والمرأة تصدرت هذا المشهد الرائع وكانت أكثر حضورا وتواجدا في المسيرات وكذا في قائمتي الجرحى والشهداء .. وبطريقة لم يشهد التاريخ لها مثيلا من قبل وعلى الرغم من عظمة هذه الثورة إلا أن هنالك شعورا اجتماعيا واسعا يثير مخاوف الكثير الذين يشعرون بأن الثورة لم تحقق أهم مبادئها وهذه العملية في تقديرنا طبيعية جدا نظرا لتعقيدات الواقع القائم وكثيرة اللاعبين في الميدان محليين وإقليميين ودوليين.
والثورة اليمنية هي ثورة شعبية بامتياز .. فجرها الشعب بكل مكوناته الاجتماعية والثقافية والسياسية والفكرية .. أحدثت منذ اللحظة الأولى انقساما واضحا في مختلف المؤسسات الاجتماعية والسياسية والثقافية والقبلية والعسكرية وهو مالم يحدث من قبل في أي شعب أو ثورة من ثورات العالم وكانت هذه الانقسامات ستؤدي بالتأكيد إلى انفجار شامل وحرب أهلية لايحمد عقباها ولا يمكن توقيفها وهو ماكان النظام السابق والقوى الطفيلية المرتبطة به تراهن على ذلك وتسعى إلى تحقيقه فعلا إلا أن المبادرة الخليجية على الرغم من سلبيتها والفجوات الواسعة فيها إلا أنها منعت الانزلاق إلى حافة الخطر والحرب وإحراق الأخضر واليابس وسارت وفقا لذلك ببطء شديد وبطرق محفوفة بالمخاطر.
ومع هذا إلا أن الثورة أحدثت تحولا حقيقيا في الواقع وأحدثت وعيا ثوريا بأهمية التغيير وبضرورة النضال السلمي الديمقراطي والاحتكام إلى العقل والمنطق وحل القضايا الخلافية والمحتقنة عن طريق الحوار الوطني الشامل.
بما في ذلك الموقف من قضية «الوحدة أو الموت» والتي جزأت الوعي الوطني .. فالوحدة ليست شيئا مقدسا يمكن مصادرته أو الاحتفاظ به أو اختطافه من قبل من اعتبروا أنفسهم مركزا مقدسا ومرجعية اجتماعية وسياسية ودينية.
فالثورة الشعبية السلمية رفعت الوعي الوطني من قضية الشراكة الوطنية والديمقراطية ومن قضية الدولة المدنية الديمقراطية التي ظلت حاضرة بقوة في الوعي النخبوي وخطابها السياسي والإعلامي .. فالوحدة لا تتحقق عن طريق العنف لأنها شراكة اجتماعية ووعي بالآخر.
وثورة 11 فبراير ليست وليدة الصدفة أو اللحظة وإنما مرت في سياق تطورها بمراحل متعددة ومختلفة.
فالتراكمات الكمية والاحتقان الشعبي الطويل أدى بالضرورة إلى تراكمات كيفية والإرهاصات الأولى أو المقدمات الأولى للثورة بدأت عام 2006م على إثر تقديم المعارضة المنضوية في إطار أحزاب اللقاء المشترك مرشحها التنافسي الفقيد فيصل بن شملان في الانتخابات الرئاسية وتقدمه على منافسه رئيس النظام السابق الرئيس وقتها والذي خسر منصبه لو لم يتدخل المطبخ الأمني ويعلن نتيجة مغايرة.
وعلى الرغم من أن السلطة قد اختطفت مجددا إلا أن هنالك وجدت قناعة اجتماعية بأهمية التغيير السياسي الواسع فالكل بدأ يشعر أن الوضع القائم لم يعد مقبولا ولم يعد هنالك مبرر مقبول لاستمرار ذلك الوضع الكئيب أو رتابة المشهد السياسي والاقتصادي والثقافي.
فالتغيير أصبح ضرورة اجتماعية وسياسية وثقافية وأخلاقية على حد سواء ولكن ذلك مرهون بنضج الظروف الذاتية والموضوعية ولكن هذه الظروف بدأت تتضح بشكل متواز في المحافظات الجنوبية التي استمرت بحراكها السياسي ابتداء بإصلاح مسار الوحدة والمطالبة بإزالة آثار الحرب الظالمة وإعادة الجنوب للمشاركة في إدارة الدولة وصولا للمطالبة بفك الارتباط .. وصولا إلى تفجير ثورة شعبية سلمية بدأها مجموعة من شباب جامعة صنعاء تأييدا للثورة التونسية وتدشينا لفعل ثوري سيستمر بتحقيق أهدافه وهذه هي الهبة الشعبية التي دعت إليها أحزاب اللقاء المشترك وتفاجأوا في نفس الوقت .. وهذه الوثبة كانت ضرورية بل ضرورة اجتماعية لإحداث التغيير المطلوب وقد اقترن الخروج إلى الشارع بوعي وإدراك لمتطلبات الواقع والتطور.
فالشحنات المكبوتة أشعلت فتيلها متقدمة صوب التغيير الجذري والشامل فالشارع لم يعد كما كان في الماضي .. بل إنه أصبح أكثر وعيا وإدراكا وتقدما من المعارضة ذاتها .. فقد سبق هذا تجمعات شعبية أسبوعية مختلفة

قد يعجبك ايضا