الأستاذ الإنسان

د. عبداللطيف حيدر

 - أكتب كلمات الوفاء هذه في حق الأستاذ الدكتور عبده علي عثمان أستاذ علم الإجتماع بجامعة صنعاء. وفي هذه الكتابة لا أجدني سأستخدم حبر قلمي بل ربما
د. عبداللطيف حيدر –
أكتب كلمات الوفاء هذه في حق الأستاذ الدكتور عبده علي عثمان أستاذ علم الإجتماع بجامعة صنعاء. وفي هذه الكتابة لا أجدني سأستخدم حبر قلمي بل ربما أدمعي- مع أن هذا كبير على الرجال في بلد لا مكان فيه لإظهار المشاعر.
عرفت الأستاذ في سبعينيات القرن الماضي في صنعاء تحديدا في حي القاع عندما كنت شابا يافعا متخرجا من الثانوية العامة قدöمت إلى صنعاء لترتيب إجراءات عملي في إحدى المحافظات النائية. وعرفه الكثير من المثقفين قبل ذلك بزمن. عرفناه جميعا بأنه صاحب القلب الكبير والابتسامة الدائمة. وهو كما يصفه علماء الاجتماع حلقة وصل اجتماعية ينشر المحبة بين من يلتفون حوله. بل لا نبالغ إن قلنا أن كثيرين من الناس تعرفوا على بعض وكونوا صداقات عن طريقه.
عرفناه منذ أكثر من أربعين عاما وهو يمد يد العون لكل من يطلب منه ذلك سواء يعرفه أم لا. ويقدم العون حتى لأولئك الذين أساءوا إليه. بل يذهب بعيدا ليفتش عن الناس الذين يحتاجون إلى العون ويقدمه لهم حتى لو لم يطلبونه منه. ويجعلك تستنج أن مبدأه في الحياة أن السعادة ليست فيما تأخذ وإنما فيما تعطي. منزله مشرع الأبواب لمحبيه وحتى للذين يظهرون له الحب ويخفون غيره لا لشيء لكن ربما بدافع الحسد من محبة الناس لشخصه الطيب.
شخص زاهد في الحياة ومغرياتها. وبالرغم من أنه تبوأ مناصب عليا في حياته المهنية لكنه لم يحقق أي مكاسب مادية منها بل لم يكن حتى يكترث لذلك. لكن الأهم من ذلك كله أنه حقق مكسبا عظيما قلما يحققه آخرون خاصة في هذا الزمن إنه حب الناس.
ولكن المؤسف أن فاجأته جلطة ولازم الفراش لأشهر قبل أن يتم نقله إلى الخارج للعلاج. لقد تحمل الأستاذ هم الآخرين ولم يكترث لهمه ولم يقتصد أو يبخل بصحته عليهم. تعبهم هو تعبه ومعاناتهم هي معاناته وألمهم هو ألمه. لكن أيضا كان دائما يشعر أن نجاحهم هو نجاحه وفرحتهم هي فرحته وسعادتهم هي سعادته.
زرته مرات عديدة سواء في المستشفى أم في منزله وفي كل مرة أجد الناس يتقاطرون للاطمئنان عليه وللسؤال عما يمكنهم أن يقدموه. شاهدت الناس كبارا وصغارا يذرفون الدمع لأنهم شعروا بأنهم لم يستطيعوا أن يقدموا لهذا الإنسان العظيم ما يستحقه.
إننا ندعو الله العلي القدير أن يمن على هذا الإنسان العظيم بالشفاء العاجل وأن يعيده إلى أهله ومحبيه في أقرب وقت ممكن. وندعو ذلك الرجل الإنسان ونقول: انهض أيها الرجل الطيب إقهر المرض فالناس هنا بانتظارك وفي أمس الحاجة إليك لا لشيء إنما لتظل رمزا لهم يلتفون حوله ويقتدون به فينشرون المحبة والخير بينهم.

رئيس مجلس الاعتماد الاكاديمي

قد يعجبك ايضا