مخاوف شعبية من طغيان الأواني المعدنية عليها..

تحقيق فتحي الطعامي _ الحديدة

تحقيق /فتحي الطعامي _ الحديدة –
نمط متفرد في الصنع والإعداد..
يلقى تهاونا رسميا وشعبيا

كثيرة هي الموروثات التي تحتاج إلى الاعتناء بها والحفاظ عليها خاصة تلك الموروثات التي تجلى فيها فن الإنسان اليمني وقدرته على الإبداع .. إلا أن بعض تلك الموروثات باتت في طريقها للاندثار والانحصار بسبب العديد من العوامل سواء منها ما يتعلق بالتقدم العلمي والصناعي .. أو لعدم قدرة من يقومون بصناعة تلك الموروثات على إبرازها والترويج لها .. إلا أن العامل الرئيسي هو ارتفاع الكلفة المالية لتلك المصنوعات التاريخية مقارنة بالأسعار البسيطة للمصنوعات الحديثة المستوردة .. ومن ضمن تلك المصنوعات التي تسير اليوم نحو الاندثار المصنوعات الفخارية .. التي عرفت بها محافظة الحديدة وبعض مديرياتها .. مصنوعات لها ارتباطها التاريخي بالأجداد والآباء ..

يعرف المار من شوارع المراوعة وحيس والحسينية.. لم تشتهر تلك المناطق بالمصنوعات الفخارية فهي ذات جمال رائع يفوح منها عبق التاريخ …بجمالها الرائع وأشكالها المتنوعة.. حيث يتميز الأكل والشرب فيها بطعم لا يضاهي الأكل أو الشرب في الأواني المعدنية فغالبا ما تستعمل هذه الأواني الفخارية في المطاعم الشعبية ( فالمقلى والبرمة والمدر ) هذه الأواني هي ما تستهوي متذوقي الطعام والاكل .. إضافة الى بقية أنواع هذه المصنوعات من (الملحة) الخاصة باللحوح والمبخرة والمدر … ناهيك عن أشكال وضعت لأطعمة معينة لا يمكن أن تعطي الطباخة في أوان معدنية نفس الطعم.
ولهذا التميز استخدمتها أغلب البيوتات التهامية لتزيين الغرف أو العشش فيها .. فالشربة ما تزال حاضرة في أغلب المنازل التهامية كجزء من الثقافة لدى ابن تهامة .. ومع ذلك كله فإن هذه المصنوعات أصبحت مهددة بالاندثار والانتهاء لعدة اسباب يمكن أن يكون أهمها سيطرة الأواني المعدنية على السوق إضافة الى أن المعادن لا تكسر كما هو الحال مع الصناعات الفخارية والتي يعتبر المحافظة عليها مهما جدا.
مواد محلية بسيطة
والفخار عبارة عن أوان ذات ملمس ناعم لحفظ المياه وأوان للطبخ وأكواب. ويتم تصنيعها من الطين ويشترط أن يكون الطين من الأنواع الجيدة حيث يتم استخراجه من باطن الأرض ويقوم بعدها أصحاب الحرفة” بدعس” الطين بالأرجل والعجن بالأيدي والضغط المستمر عليه ليصبح طينا قابلا للتصنيع والتشكيل يتم بعدها تحديد الشكل المراد تصنيعه والذي يحرق بعدها لساعات عديدة في أحواض أعدت مسبقا لعملية الحرق ليتحول إلى مادة فخارية يمكن الاستفادة منها ..كما يمكن للعاملين في هذه المهنة القيام بعملية طلاء المصنوع الفخاري الذي من شأنه إعطاه الفخار بريقا ذهبيا أو فضيا ليصبح بعدها أدوات جاهزة للاستخدام كالبوري والمبخرة والجرة والمطليب والفناجين والحياسي والمقالي وأواني الفتة أو العصيد والقلاصات والبرم والحيسية والملحة والتي هي عبارة عن آنية للفتة حتى أحجار المعسلات والبوري الخاصة بالتدخين يتم من خلال استعمال المصنوعات الفخارية.
إرث الأبناء عن الآباء
محافظة الحديدة والتي تعد كنزا تراثيا بتنوعها في هذا المجال تتعدد فيها الأسواق الشعبية لتتعدد مع ذلك تشكيلات رائعة من المصنوعات الفخارية التي تعتبر أحد عوامل الجذب السياحي وتعكس هذه الأسواق طبيعة الحياة والتسوق لدى المواطنين وتعد محل إعجاب الكثير من الزوار وعنصر جذب سياحي فهذه الصنوعات تمثل انعكاسا لثقافة الإنسان التهامي المتميز وقدرته في التعامل مع البيئة البسيطة التي يعيش فيها كما إنها تعد إرثا توارثه الأبناء عن آبائهم ولقد انتشرت هذه المهنة في بعض المديريات ( كحيس والمراوعة و الزهرة وزبيد..) وتخصصت فيها بيوتات معينة في هذه المديريات .. ولقد سعى أبناء هذه الحرفة إلى التطوير من حرفتهم وتحسين أشكالها من خلال بعض الزخارف والألوان ومن حيث تنوع استخدامها لتظهر بأشكال متنوعة تجذب المشتري وتستهوي الزائرين والذين يزورون الأسواق الأسبوعية والتي تكون في هذه المديرية .
خوف من الاندثار
يقول القائمون على هذه الحرفة أنهم يحاولون الاستمرار فيها رغم عدم الإقبال عليها من الكثيرين إلا أنها تركة الآباء ولا يمكن التفريط فيها ومع ذلك فهم يبذلون جهودا غير عادية في الاستمرارية من خلال الارتقاء بمصنوعاتهم والتجديد فيها وانزالها الى اسواق المدينة ..
ويضيفون أن أهل الريف والقرى أيضا أصبحوا يستغنون عن تلك المصنوعات الفخارية بالمصنوعات المعدنية الامر الذي ينذر بانتهاء هذه المصنوعات ويهدد بقاءها ..
ناهيك عن أن الدولة لا تولي هذه المصنوعات أي اهتمام يدفع بالحفاظ على هذه المهنة واستمرارية أصحابها والمكاتب الحكومية والمنظمات المعنية بهذا الجانب لا تزال غافلة ولا تولي المصنوعات الفخارية نفس الاهتمام الذي توليه لبعض الحرف والمهن ..
وطالب العدي