قوة اتصالك بالله تعرفك حقيقة الأشياء
هايل سعيد الصرمي
هايل سعيد الصرمي –
ضعفك وبعدك عن الله يجعلك بعيدا عن معرفة الحقائق …وقد يكون الفرق كبير بين من يستدل بالمخلوقات على الله ومن يستدل بالله على المخلوقات,وكلاهما خير , فارتفع وتوجه إلى الأصل لتعرف ما دونه في كل شأنك ..وكذا يقول ابن عطاء:
« شتان بين من يستدل به أو يستدöل عليه المستدöل به عرف الحق لأهله فاثبت الأمر من وجود أصله والاستدلال عليه من عدمö الوصولö إليه. وإلا فمتى غاب حتى يستدل عليه ¿ ومتى بعد حتى تكون الآثار هي التي توصöل إليه ¿ »
الأمر الطبيعي المعتاد عند المسلمين والذي أمرنا به شرعا هو النظر في الكون العظيم والآيات المبثوثة فيه ليستدل بها على الله الخالق المبدع قالها الإعرابي عندما سئل عن الله فقال : « البعرة تدل على البعير وأثر القدم يدل على المسير فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج أفلا تدل على العليم الخبير¿! » .
هذا هو الأمر الواضح الذي لا ينكره أحد حتى علماء النصارى وعلماء الذرة وهم يبحثون في الكون والمخلوقات يصلون إلى أن هناك قوة عظيمة مطلقة حكيمة تضع كل شيء في مكانه هي التي أوجدت هذا الكون وهي وراء استمراره لكنهم لبعدهم لا يدركون أن هذه القوة العظيمة المدبرة هي قدرة الله وقوته.
لكن الخواص الذين تدرجوا في سلم الترقي وفي مراتب المعرفة الإلهية والذين سبق لهم التأمل وارتفعوا في مراتب الكمال لمشاهدة عظمة الربوبية وعظمة الصفات والأسماء فاستولى عليهم ذكر الله عن ذكر غيره واستولى عليهم الشعور به عن الشعور بغيره حتى استدلوا به على غيره فأصبح عندهم الاستدلال على وجود الله بمخلوقاته من الأمور البديهية التي كانوا يمارسونها في بداية السير فلا يبحث عن الشيء إلا من انقطع عنه أو بعد وهم ما غابوا عنه حتى يستدلوا عليه بغيره فمن شدة حضورهم معه وشعورهم به أصبحوا يرون مخلوقاته به .
ولذلك لم يشنع ابن عطاء على أصحاب المرتبة الأولى ولكن قال :هناك فرق بين من يستدل به أو يستدل عليه أي الفرق كبير بين من يستدل بالمخلوقات على الخالق وبين من يستدل بالخالق على المخلوقات فمن استدل بالخالق على المخلوقات أثبت الأمر من وجود أصله ولا يساويه من استدل بالآثار للوصول وكلاهما خير ونصوص القرآن تدعو للاستدلال على الله عن طريق مخلوقاته لأن مدارج الكمال ينالها الخواص فهي عزيزة ليست في متناول الجميع وكلاهما يصبان في معنى واحد وإن اختلفا . لأن المطلوب الشرعي هو معرفة الله , وتفكر العبد بمخلوقات الله عبادة وهو منهج القرآن. وأما الذين فتحت لهم معان أخرى فتكون خاصة بهم , لا تقبل التعميم ولا الإلزام فكل يفتح له بقدر حاجته وطاقته .فما يصلح لهذا لا يصلح للآخر ولذلك شطح كثير من الذين فتحت لهم بعض الأسرار والمعاني بسبب عدم استيعاب قدراتهم الذهنية لها ولعدم تمتعهم بالأرضية المعرفية والعلمية فكانت فتنة لهم . أعاذنا الله من الفتن ما ظهر منها وما بطن ..حسب المؤمن الأخذ بمنهج القرآن والسنة النبوية على صاحبها ـ أزكى الصلاة والسلام ـ فهما يستوعبان كل الطاقات والقدرات بتوازن لا إفراط ولا تفريط فحسبنا أن نعض عليهما بالنواجذ والله الحسيب.
كتاب الكون يسري في عظامي فيحيني وتشرق منه نفسي
جرى بمعاني الآياتö هديا وعانق خد أقلامي وطرسي
تدبرت الوجود فذقت شهدا أزال غشاوتي وأذاب يأسي
وبلغني المراد بيسر جهد ولم يبقي على كدري ونحسي
ملكت معاقد الدنا بكفي وقلبي للإله وكل حسـي