تنظيف الجماجم أولا

معين النجري


معين النجري –

> لقد اثبتت التجارب التاريخية منذ سقوط هابيل قتيلا على يد قابيل أن محاولة طمس وإلغاء الآخر عملية فاشلة بامتياز, مهما بلغت قوة وجبروت الطامس أو ضعف وهزالة المطموس, حتى وان اجتهد الطرف الأقوى في محو أبسط التفاصيل المتعلقة بالمستهدف.
التجربة التاريخية تقول ذلك, لكن من يفهم فرقاء التوافق الوطني في اليمن ¿
كيف نقنع زعماء الطوائف أن أبو يمن خلااااااااص تغير , و لا يمكن أن يقبل بوجهة نظر واحدة أو نهج واحد أو فكر واحد أو مذهب واحد أو أيديولوجية واحدة. إذ سيصعب على من سيجلس على كرسي صانع القرار بعد الفترة الانتقالية أن يستخدم ضمير الأنا ولو لمرة واحدة . فالكل ساهم في نسج الطريق التي أوصلت هذا الحزب أو التكتل إلى هناك , وأي محاولة من أي طرف _يشعر بالقوة_ تهدف إلى إقصاء أو استبعاد أو التقليل من حجم الآخرى تعني انفجارا رهيبا للوضع خاصة والجميع مايزال يعاني من المخاض الرهيب الذي عاشه اليمن خلال الفترة الماضية ومتوجسا جدا من القادم في ظل انعدام الثقة بين جميع القوى الفاعلة .
من يمتلك القدرة على فتح جماجم البعض و تنظيفها من الطحالب المتكلسة منذ ما قبل البشرية وإعادة صقلها وإعدادها لاستقبال برامج حديثة قابلة للتطوير والتعامل مع العصر ¿
بحيث يسهل على الجميع استيعاب اللحظة وتقديم الكثير من التنازلات في المعتقدات والمبادئ و الأفكار .
فهناك من يجب عليه اعتبار الخلافة الإسلامية مزحة ثقيلة يستحسن عدم ذكرها, و هناك من سينظر إلى شرط البطنين على أنه عمل قديم حان وقت التخلص منه, وثالث سيسقط الكثير من المصطلحات والنعوت التي تربى على إلصاقها بالآخر.
ورابع سيؤمن  أن القبيلة بالمنظور الذي ترسخ في ذهنه خلال العقود السابقة مجرد كتلة شر تساعد على الهدم وتعجز عن البناء, وان البقاء تحت مظلتها يعني التخلف آلاف السنين عن الركب الذي يحلم اليمنيون اللحاق به . وخامس سيكون عليه خلع بزته المناطقية وحرقها عند اقرب ساحة , و يتمرن على النظر إلى اليمن كمساحة واحدة كبيرة هي بأمس الحاجة إلى جهده في البناء لا في التدمير .
سيكون علينا جميعا القبول بالآخر واحترامه بكل السلوكيات التي لا تعجبنا أو نعتقدها خاطئة.  والتعامل معه بانفتاح تحت قانون و دستور يقبل به الجميع , أقول هنا يقبل به وليس يرضى به , لأن الرضا لن يتحقق أبدا , وإذا تحقق عند فئة فهذا يعني سخط الأخرى .
نحن بحاجة إلى قانون يطبق على جميع أفراد الشعب … قانون لا يقبل استثناء شيخ قبيلة أو رجل دين أو شخصية اعتبارية أو رجل أعمال أو مسئول دولة أو صديق أو قريب .
هذا ما يجب أن يحدث ,  وهو في المتناول _فقط_ إذا توفرت الإرادة الكاملة عند جميع الأطراف الموجودة في الساحة السياسية وامتلكت هذه الأطرف الشجاعة الكافية لتنفيذها من اجل يمن قادر على النهوض .
أما سيناريو التمترس خلف الأفكار والمعتقدات والشخصيات والتعصب لها _و هذا مالا يتمناه عاقل في اليمن _ فلن يقودنا وبلادنا إلا إلى المزيد من الصراعات والتشتت والتخلف والفقر و من ثم إلى هامش الحياة .
إن اليمن قادم على مرحلة جديدة لم يحدث أن عاشها على مر التاريخ , انه يقف ألآن على مفترق طرق خطير جدا . فإما الانطلاق بكل ما يمتلكه من طاقة بشرية و اقتصادية وثقافية و اجتماعية إلى بناء اليمن الحديث و استعادة مكانته الحقيقية بين شعوب المنطقة . أو الانطلاق بنفس الطاقة إلى مستنقع الصراعات والحروب و التشتت و الهلاك . و هذا مالا نتمناه .

قد يعجبك ايضا