تأملات ..أين نحن من ثقافة الصيانة
محمد عبدالماجد العريقي
محمد عبدالماجد العريقي
محمد العريقي
رغم التطور الكبير الذي تشهده المجتمعات المتقدمة إلا أنها متمسكة ومعتزة بإنجازات أجيالها السابقة باعتبار أن تلك الأجيال وضعت أولى الخطوات التي قادت لهذا التقدم والتطور الهائل في مختلف المجالات .
فقبل فترة كنت مع صحفيين أحدهما أردني والآخر مصري في ضيافة أحد الصحفيين الهولنديين في مدينة نوتردام الهولندية وحضر إلى الفندق لاصطحابنا إلى منزله في طريقنا إلى المنزل مربنا على أحياء قديمة وصار يؤشر لنا إلى المباني القديمة ولكل بناية حكاية تاريخية منها مؤسسات تعليميه وجامعية ومنها ارتبطت بالسياسه ومنها انطلقت أفكار ورؤى الفلاسفة والمفكرين والاقتصاديين وبعضها كانت بمثابة مصانع .
وأخبرنا أن هذه المباني لاتزال تقوم بنفس الدور ولكن بطريقة حديثة فيها كل متطلبات العمل من المعامل والمختبرات والأجهزة الحاسوبية الحديثة.
مالذي جعل تلك المباني القديمة تقوم بوظيفة عصرية بكل متطلباتها ¿
عرفنا أن وراء هذا سر هو التركيز على مسألة الصيانة والترميم المستمر فأشهر الجامعات في العالم أنشئت قبل مائتي سنة ومع ذلك فمبانيها القديمه هي اساس ورمز تلك الجامعات وتدب الحركة في إداراتها وأقسامها وإذا كان هناك حاجة للتوسع يتم إنشاء مرافق مجاورة أو بعيدة لكن يظل القديم هو الاساس .
القديم تجده في الشوارع المرصوفة بالأحجار بأشهر العواصم والمدن العالمية كما صممت ووضعت قبل مئات السنين وفي المتاحف والمباني الرسمية كالبيت الأبيض في واشنطن وقصر الأليزيه في فرنسا ومجلس العموم البريطاني في لندن وكذلك الحال في ألمانيا وأسبانيا وغيرها .
تلك المباني لا تزال فيها الاثاث القديم بما في ذلك المكاتب والمقاعد واللوحات والصور وأدوات الطعام والنجفات الكهربائية وغير ذلك .
هذه الدول تستطيع إقامة مبان ضخمة وناطحات سحاب و… ومع ذلك فهناك احترام وتقدير وتخليد لعطاءات الجيل السابق الذي أسس أولى خطوات تقدم تلك البلدان من خلال الأفكار التي تبلورت وصيغت وخرجت من تلك المباني التاريخية .
كان لا يمكن أن تصمد تلك المباني لو تركت للإهمال والنسيان لكنها ظلت شامخة وبراقة ومعلما للفخر والاعتزاز للمجتمع ومصدر هيبة واحترام وفيها كل مقومات العمل بالطريقة الحديثة كل ذلك بفضل الصيانة المستمرة والنظافة والإشراف الدقيق من المختصيين وليس هذا وحسب بل أصبحت قضية صيانة مثل تلك المباني والمعالم والشوارع والقلاع مرتبطة بعلم مستقل بذاته يدرس في الجامعات والمعاهد المهنية والفنية وله أدواته وأجهزته الفنية الحديثة وهناك متخصصون مؤهلون وخبرات كبيرة تقوم بأعمال الصيانة في تلك المنشآت والمرافق .
هذا يتم هناك.. ماذا عنا نحن في الدول الفقيرة ومنها اليمن أين ثقافة ومكانة الصيانة في حياتنا العامة ¿