محمد المساح –
{¡¡ وعندما شرع في السير تراءى له وجهها كما كان قبل ثلاثة أسابيع¡ رأى وجهها الشاحب وحبات العرق على امتداد أنفها¡ والغريب أنه بدأ يتذكر أشياء في وجهها لم يلتفت إليها من قبل¡ شعر بأنه ظلمها كثيرا◌ٍ وطغت عليه مشاعر القلق بأنه إن لم يسرع فقد تخرج مع أول رجل محترم تصادفه¡ مر في طريقه بعرافة تتحدث عن أشياء تتراءى لها في الشارع الذي يلفه الغبار وتحمل لافتة مكتوبة عليها «الموت عاقبة الغرور»¡ ورأى شخصين يقفان أمام كوخ أحد السحرة يهلوسان¡ أحدهما يحمل في يده دجاجة بيضاء ترفرف بقوة راح الرجلان يرقصان وهما يتقدمان نحوه يهذيان وأسنانهما تصطك بشدة وبعد أن تخطاهما تبعاه وهما يغنيان عبر محطة الأتوبيس¡ محاولا◌ٍ أن يتجنب جماعة من المتسولين الذين كان يبدو عليهم أنهم يحملون على أجسادهم كل عفن وقذارة العالم وكأنهم أشباح حاقدة راحوا يجذبونه من أكمامه طلبا◌ٍ للمال¡ لم يعطهم شيئا◌ٍ كان يدفعهم بعيدا◌ٍ عنه وهم يطاردونه¡ عبر تقاطعات كثيرة.. قفز فوق بلاعات لكي يتفادى أولئك الذين يدفعون عربات طائشة¡ دخل الذباب أذنيه وهو يستمع إلى الموسيقى المنبعثة من المحلات الكثيرة خطر له أن الفوضى عندما تكون إله مرحلة ما فلا بد من أن تكون الموسيقى هي الآلة الرئيسية للإله المعبود¡ وتذكر أول مرة ذهب فيها مع «ماريا» إلى الشاطئ قالت وهي تشير إلى الأضحيات التي أعادها الموج إلى الشاطئ مثل الصلوات المرفوضة¡ حتى البحار أصابها الجنون.
وتذكر قوله لها: هذه أمور مستجدة ونحن أيضا◌ٍ في حاجة إلى جلود جديدة لكي تتأقلم¡ وقالت وهي تضحك: بل لأجهزة عصبية جديدة.
سمع ضحكتها من النافذة وهو مسرع الخطى نحو غرفتها وبالرغم من ذلك إنتابه شعور رائع لسماع صوتها وطرق الباب فأنفتح.
هامش: مقتطع من رواية «عندما تعود الأضواء» للكاتب النيجيري بن أوكري.