
كتب /أحمد الطيار –
اظهر مستوى دليل التنمية البشرية في البلدان العربية للعام الماضي 2011م تفاوتاٍ في أنماط التنمية البشرية بين بلد وآخر ففيما احتلت بلادنا المرتبة 154 ضمن المجموعة الأخيرة من ترتيب دليل التنمية البشرية نجد أن الإمارات العربية المتحدة وصلت للمرتبة 30 يليها قطر (في المرتبة 37 والبحرين في المرتبة 42 وحلت جميعها في المجموعة الأولى من المجموعات الأربع التي تصنف ضمنها البلدان في ترتيب دليل التنمية البشرية. أما السودان فحتل المرتبة 169 وجيبوتي في المرتبة 165ويشمل دليل التنمية البشرية لهذا العام 187 بلداٍ وإقليماٍ منها 19 بلداٍ عربياٍ والأرض الفلسطينية المحتلة.
وخلافاٍ لما شهدته المناطق النامية الأخرى سجلت البلدان العربية تحسناٍ كبيراٍ في دليل التنمية البشرية في ظل أنظمة تخضع للرقابة المركزية فعْمان والمملكة العربية السعودية وتونس والجزائر والمغرب حلت جميعها بين البلدان العشر الأولى التي أحرزت أكبر تقدم في ترتيب دليل التنمية البشرية بينما حلت ليبيا منذ عام 1970 في طليعة البلدان العشر التي حققت تقدماٍ في الأبعاد غير المتصلة بالدخل من دليل التنمية البشرية.
ويرى تقرير التنمية البشرية لعام 2011م والصادر بعنوان «الاستدامة والإنصاف: مستقبل أفضل للجميع» أن «لغز الديمقراطية العربية مقبل على نهاية مفاجئة تفسح المجال أمام توسيع حريات الشعوب وإمكاناتها الفعلية في جميع أنحاء المنطقة.»
الفوارق بين الجنسين وبين الأجيال
يْلاحظ في التقرير أن تقدم التنمية البشرية في المنطقة عرضة للخطر جراء الفوارق بين الجنسين وبين الأجيال هذه الفوارق التي أججت مشاعر السخط في صفوف القواعد الشعبية في مختلف البلدان العربية.
وكان «الربيع العربي» دليلاٍ إضافياٍ على الفوارق الشاسعة بين الجنسين وبين الأجيال فالتقرير يشير إلى أن نصف سكان البلدان العربية هم من الشباب دون سن الخامسة والعشرين وأن معدل البطالة بين الشباب يفوق بكثير المتوسط العالمي.
وعلى الرغم من الأداء الاقتصادي الجيد الذي سجلته بلدان عربية عديدة لا تزال المنطقة متأخرة عن مناطق أخرى في تمكين المرأة كما لا تزال تعاني من تدني التحصيل العلمي ومن انخفاض المشاركة في القوى العاملة حيث لا يزال متوسط المنطقة نصف المتوسط العالمي.
وباستخدام دليل الفوارق بين الجنسين الذي استْحدث في عام 2010 لتحليل مشاركة المرأة في القوى العاملة وفي المجال السياسي وتحصيلها العلمي وحقوقها في الإنجاب يتضح أن اليمن يحل في آخر الترتيب العالمي أي في المرتبة 146.
كما تعتبر المملكة العربية السعودية في المرتبة 135 والسودان في المرتبة 128 من بين البلدان التي سجلت أضعف أداء من حيث إنصاف الجنسين وتتصدر الإمارات العربية المتحدة (في المرتبة 38) ترتيب بلدان المنطقة من حيث المساواة بين الجنسين بفضل عامل الصحة والتعليم تليها البحرين (في المرتبة 44) وتونس (في المرتبة 45).
وتواجه بلدان المنطقة مجموعة من التحديات البيئية تستحق الأولوية في الاهتمام والمعالجة حسب هذا التقرير الذي يؤكد أن التحديات البيئية ومنها التلوث في المدن وتدهور الأراضي وشح المياه يمكن أن تتفاقم بفعل تغير المناخ.
فالمنطقة العربية أشد مناطق العالم قحلاٍ وتعاني نسبة 60 % من الفقراء فيها من الشح الشديد في المياه.
والبلدان العربية تسجل أعلى معدلات للتلوث في المدن بين مناطق العالم وأعلى درجة اعتماد على الوقود الأحفوري حسب مقاييس دليل التنمية البشرية.
وتتصدر قطر الترتيب العالمي من حيث مساهمة الفرد في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تليها الإمارات العربية المتحدة والبحرين والكويت. فمن أصل البلدان الخمسة الأولى المسببة للتلوث بثاني أكسيد الكربون أربعة بلدان من الخليج (وتحل ترينيداد وتوباغو في المرتبة الثانية). وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام تشمل استهلاك الطاقة في هذه البلدان وكذلك إنتاج الطاقة التي تصدر للاستهلاك في بلدان أخرى.
فمساهمة الفرد في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في قطر تعادل تسعة أضعاف المتوسط العالمي. ويسجل السودان والعراق معدلاٍ من أعلى معدلات التلوث في المدن في العالم. وتشير مسوح دليل التنمية البشرية إلى عدم رضا سكان البلدان العربية عن نوعية الهواء.
وتحث التوصيات الواردة في التقرير على إطلاق مبادرة عالمية لتأمين إمدادات الطاقة لنحو 1,5 مليار شخص محرومين من الكهرباء ويؤكد ضرورة توسيع استخدام الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة المتجددة إلى خارج نطاق مجموعة العشرين التي تبلغ حصتها 90 % من مجموع الاستثمارات في الطاقة النظيفة في العالم.
وتنعم المنطقة العربية بأشعة الشمس القوية والرياح على السواحل. ويرى هذا التقرير في هذه الظروف الطبيعية إمكانية لتوليد الطاقة من مصادر متجددة ويشير إلى أن هذه المصادر لا تؤمن للمنطقة حتى الآن سوى 11 % من إمدادات الطاقة الأساسية أي اقل من نصف المتوسط العالمي.
وتقول هلن كلارك مديرة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في بداية التقرير إن «الاستثمارات في تحقيق الإنصاف في الحصول على إمدادات الطاقة المتجددة وإمدادات المياه وخدمات الصرف الصحي وخدمات الصحة الإنجابية تسهم في تحقيق الاستدامة البيئية والتنمية البشرية على حد سواء.»