تحقيق: زهور السعيدي –
البعض يختلط عليه الأمر ويقصد خطأ عيادات الاستشفاء الشعبي
ارتفعت نسبة إصابة الشباب اليمني بأمراض نفسية وعصبية بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة في ظاهرة تطرح الكثير من التساؤلات الجديرة بالتوقف أمامها ومناقشتها من مختلف الجوانب وإيجاد الحلول المناسبة لها
هذه الأمراض التي كان مدى انتشارها على نطاق ضعيف فيما مضى لم تعد كذلك حاليا فقد أصبحت كما يؤكد مختصون تنتشر بصورة كبيرة ومتعددة وبشكل لافت ومنها ما يعتقده البعض بأنه مس وأمراض شيطانية ليتدافع الكثيرون إلى أماكن الاستشفاء بالقرآن الكريم والطب الشعبي وغير ذلك من المرافق التي أصبحت تكتظ بطالبي الشفاء .
ترى ما هو سبب انتشار هذا النوع من المرض وهل تفي مراكز ودور الأمراض النفسية الموجودة في العاصمة وعدد من المدن الرئيسية بحاجة ومتطلبات هؤلاء المصابين ¿ وهل للظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الصعبة التي تمر بها البلاد علاقة بذلك ¿ هذا ما سنحاول تسليط الضوء عليه في سياق هذا التحقيق .
تزايد نسبة المرض
لم يتوقف الاقبال الكبير من قبل المصابين بالأمراض النفسية على عيادات القرآن الكريم وما شابهها بل حتى مراكز ودور الرعاية المتخصصة بالأمراض النفسية والعصبية باتت تستقبل الكثير منهم وبشكل متزايد كما يؤكد على ذلك المختصون
وتقول الدكتورة وردة وهيب وهي تعمل طبيبة بمستشفى دار السلام للأمراض النفسية والعصبية بمدينة الحديدة بأن الآونة الأخيرة شهدت تزايداٍ في نسبة اقبال المرضى على الدار وخاصة من فئة الشباب اناثا وذكورا وتشير إلى أن حالات الإصابة تختلف من مريض لأخر حيث يصل البعض وهم يعانون من أمراض نفسية بسيطة وفي بدايتها وفي هذه الحالة يكون تقبل المريض للعلاج بصورة كبيرة وسرعان ما يشفى بعكس الواصلين ممن يعانون من إصابات جسيمة ومستعصية وعندها يكون العلاج صعبا للغاية ويتطلب بقاء المريض في الدار لتلقي العلاج لفترة زمنية طويلة.
وتحذر الطبيبة وهيب من خطورة وآثار إهمال المريض النفسي والعصبي وعدم الإسراع به إلى المراكز المختصة للعلاج لأنه من شأن ذلك أن يؤدي إلى تطور الحالة وصعوبة العلاج .. داعية الأسر وأولياء الأمور ممن لديهم أشخاص يعانون من هذه الأمراض إلى المسارعة في إلحاقهم إلى دور العلاج المختصة.
إمكانيات قاصرة
الوالد علي إبراهيم داود اثنان من أبنائه مصابان بأمراض نفسية يقول : أصيب أبني الأكبر بمرض نفسي وشيئا فشيئا وكان عادة ما يحدث نفسه وغالبا ما يصطنع مشاكل مع زوجته وهكذا تطورت حالته إلى أن أصبح الآن مجنونا يجوب الشوارع وقد حاولنا علاجه مرارا ولكنه لا يلتزم بالجلسات مع الطبيب ولا يأخذ العلاج وهكذا تطورت حالته ومرت عليه إلى الآن سنتان وقد تغيرت حالته كليا فتراه شرسا رث الثياب ولم نعد نستطيع السيطرة عليه الآن وأيضا لا توجد في اليمن مصحات متخصصة ومتطورة ومجهزة بالشكل المطلوب كما في بعض الدول الأخرى التي تساعد المريض على العلاج وإنما هنا الإمكانيات قليلة وكل طبيب يأتيك بعلاج مختلف قد يزيد المريض سوءاٍ.
ويضيف داوود : أيضا ابنتي البالغة من العمر 17 سنه أصيبت أيضا بحالة نفسية شبيهة بالجنون ولكنها سرعان ما تماثلت للشفاء بعد 6 أشهر من العلاج حيث أنها التزمت بالعلاج وتابعت الطبيب إلى أن تحسنت حالتها.
أسباب متعددة
ويؤكد المختصون في علم النفس أن سبب زيادة انتشار الأمراض النفسية والعصبية لدى الشباب ربما تكون لأسباب قديمة منذ الصغر فعدم حصول الطفل على المحبة والحنان الكافي منذ صغره ينعكس على مستقبله فحالة الحرمان عند الطفل قد تولد له مرضا نفسيا في المستقبل وأيضا الحرمان وفقدان العطف كل ذلك يؤدي إلى صراعات نفسية قد تؤدي إلى الاكتئاب التي هي بداية المرض النفسي بالإضافة إلى أن سوء التربية والاهانات والاضطهاد للطفل قد تنمي فيه أمراضا فمثلا أن تقول الأم للطفل « أنت أهبل « وتنعته بذلك وبالقاب سيئة أخرى قد يصدقها الطفل في نفسه يوما بعد أخر وتنمو معه وتسبب له اختلالات عقلية ونفسية في شبابه كما أن كثرة المشاكل في حياة الشاب أو الشابة قد تؤدي أيضا إلى الدخول في الحالات المرضية كما أن الأزمة التي مرت بها البلاد قد دفعت بعض الشباب لهذه الأمراض خاصة الذين يتحملون مسئوليات كبيرة على عاتقهم ومنهم أيضا من لا يتحملون المشاق فيصابون بهذه الأمراض المختلفة.
وتؤكد الدكتورة وردة وهيب أن الدخول في مجال الأنشطة الاجتماعية المختلفة قد يحد من انتشار هذا المرض لدى الشباب فالاختلاط بالناس والانشغال قد تبعد الشاب عن الوحدة وعن التفكير الغريب الذي يقوده إلى طريق المرض كما أن الأجواء الدينية والتعرض لها دوما من شأنها أن تخلق شبابا سالمين يستطيعون أن يفكروا بالمستقبل ويخططون له وكذلك تخلق جيلا مليئاٍ بالأفكار الإيمانية كما أن البعض يختلط عليه الأمر ولا يذهب إلى المراكز المتخصصة وإنما يذهب إلى المراكز الشعبية التي تزيد المريض مرضا ويخلطون ما بين المرض النفسي والمس حيث يرجعون كل من به مرض نفسي بأن فيه مِسِ الشياطين وهكذا تتطور حالة المريض ويصبح من الصعب أن يعالج بالشكل السريع بل يحتاج حينها إلى الدخول للمصحة أو الدار والعيش فيها ومتابعة العلاج إلى أن تتحسن حالته.
وتنصح الدكتورة وهيب كل من لديه أحد من اقربائه مريض الإسراع به إلى المراكز المتخصصة بمعالجة الأمراض النفسية والعصبية حتى لا تتطور حالة المريض الصحية ويصبح من الصعب علاجه خاصة الآن وقد ازدادت الأمراض النفسية لدى الشباب بشكل كبير.
Prev Post
Next Post
قد يعجبك ايضا