22‮ ‬امرأة‮ ‬يم◌ْتن كل‮ ‬يوم في‮ ‬اليمن بسبب مضاعفات الحمل والولادة‮ ‬


الثورة –
في‮ ‬شهر‮ ‬يونيو الماضي‮ ‬وبعد قضاء‮ ‬11‮ ‬شهراٍ‮ ‬في‮ ‬مخيم مؤقت للنازحين بسبب العنف‮ ‬عادت دولة مصلح‮ (‬19‮ ‬عاماٍ‮) ‬وكانت في‮ ‬ذلك الوقت حاملاٍ‮ ‬في‮ ‬شهرها السابع‮ ‬إلى منزلها في‮ ‬منطقة من اليمن كان من المفترض أن تشهد تحسناٍ‮ ‬في‮ ‬مستوى الأمن والسلامة‮. ‬وكانت هذه خطوة ندمت عليها عائلتها فيما بعد‮ .‬
قبل شهرين أعلنت الحكومة أن جماعة أنصار الشريعة المسلحة قد انهزمت وطْردت من محافظة أبين الجنوبية في‮ ‬أعقاب هجوم عسكري‮ ‬واسع النطاق‮. ‬فعادت مئات الأسر النازحة منذ ذلك الحين إلى ديارهم في‮ ‬مدينتي‮ ‬جعار وزنجبار‮ ‬وفقاٍ‮ ‬لعبد الله الدهيمي‮ ‬مدير مكتب حكومي‮ ‬يتخذ من مدينة زنجبار مقراٍ‮ ‬له ويرعى شؤون النازحين داخلياٍ‮ ‬والعائدين‮ .‬

ولكن عاد العنف واندلع مجدداٍ‮ ‬في‮ ‬محافظة أبين بعد أسبوعين فقط من عودة مصلح من ملجأ في‮ ‬عدن‮. ‬وشكا محمد‮ ‬شقيق مصلح في‮ ‬حوار مع شبكة الأنباء الإنسانية‮ (‬إيرين‮) ‬من استئناف التفجيرات الانتحارية والاشتباكات بين ما تبقى من مقاتلي‮ ‬أنصار الشريعة ورجال القبائل المسلحين من جهة‮ ‬والعصابات الإجرامية من جهة أخرى‮ .‬
وفي‮ ‬4‮ ‬أغسطس‮ ‬بدأت دولة مصلح تفقد سائل النخط وانطلقت عائلتها إلى أقرب مستشفى في‮ ‬مدينة جعار‮. ‬وقالت حبيبة‮ ‬أخت مصلح الكبرى‮ ‬في‮ ‬تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية‮: “‬كنا على بعد كيلومترين أو ثلاثة فقط من مستشفى الرازي‮ ‬في‮ ‬جعار‮ ‬ولكننا لم نتمكن من الوصول إليه بعد أن سمعنا انفجاراٍ‮ ‬ضخماٍ‮ ‬في‮ ‬الشارع الرئيسي‮ ‬المؤدي‮ ‬إلى المستشفى تمكن من هز سيارتنا‮”. ‬لم تتمكن دولة مصلح من الولادة بطريقة طبيعية‮ ‬أو الوصول إلى مستشفى‮ ‬يمكنه إجراء عملية قيصرية‮. ‬وفي‮ ‬7‮ ‬أغسطس‮ ‬توفيت في‮ ‬منزلها وولد جنينها ميتاٍ‮ .‬

انعدام الأمن‮ ‬يعيق الرعاية الصحية
رغم إصرار الحكومة على أن الاستقرار قد تحسن منذ استعادتها للأراضي‮ ‬التي‮ ‬استولى عليها المسلحون في‮ ‬العام الماضي‮ ‬ما زال انعدام الأمن‮ ‬يمثل مشكلة رئيسية في‮ ‬أبين‮. ‬
يقول محمد مصلح‮: “‬لا نغادر المنزل معظم الوقت لأننا نخشى التعرض للقتل إذا خرجنا‮ “.‬وأفادت نشوة حسن‮ ‬وهي‮ ‬قابلة محلية تقيم في‮ ‬مدينة جعار‮ ‬في‮ ‬تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية أن انعدام الأمن حال دون حصول العديد من النساء الحوامل‮ ‬اللاتي‮ ‬عْدن من النزوح خلال الشهرين الماضيين‮ ‬على رعاية ما قبل الولادة‮. ‬وأضافت حسن قائلةٍ‮: “‬على حد علمي‮ ‬دولة كانت خامس أم تلقى حتفها بسبب اضطرابات المخاض خلال الشهر الماضي‮. ‬لم‮ ‬يستطعن الذهاب إلى مستشفى الرازي‮ ‬خوفاٍ‮ ‬من المفجرين الانتحاريين والألغام الأرضية‮. ‬كانت جميع هؤلاء الأمهات الخمس بحاجة إلى الخضوع لعملية قيصرية لأن الأشعات المقطعية‮ ‬‭[‬التي‮ ‬أجريت لهن أثناء نزوحهن في‮ ‬عدن‭] ‬بينت أن رأس الطفل لم‮ ‬يكن منخفضاٍ‮ ‬بالقدر الكافي‮ ‬لتسهيل الولادة‮ “.‬
قدمت الحكومة ووكالات الإغاثة للعديد من النساء الحوامل أثناء نزوحهن خدمات أفضل للرعاية الصحية السابقة للولادة‮ ‬وانطبق هذا بشكل خاص على أولئك اللاتي‮ ‬لجأن إلى عدن‮. ‬وكانت خدمات الرعاية الصحية قبل الولادة محدودة وسيئة تاريخياٍ‮ ‬في‮ ‬جنوب اليمن‮ .‬
وفي‮ ‬محافظة أبين تسعة مستشفيات عامة و128‮ ‬مركزاٍ‮ ‬صحياٍ‮ ‬تخدم ما‮ ‬يقدر بنحو‮ ‬480‭,‬000‮ ‬شخص‮. ‬وتفتقر المستشفيات إلى الموظفين المتخصصين والمعدات والتمويل‮ ‬وتقتصر خدمات المراكز الصحية إلى حد كبير على تقديم الرعاية الصحية الأولية‮ ‬وفقاٍ‮ ‬لمدير مكتب وزارة الصحة في‮ ‬أبين‮.‬
وفي‮ ‬عام‮ ‬2010م‮ ‬أشارت تقديرات صندوق الأمم المتحدة للسكان إلى أن‮ ‬22‮ ‬امرأة‮ ‬يمْتن كل‮ ‬يوم في‮ ‬اليمن بسبب مضاعفات ذات صلة بالحمل والولادة‮ ‬وأن الرعاية في‮ ‬فترة ما قبل الولادة لا تغطي‮ ‬سوى‮ ‬47‮ ‬٪‮ ‬من النساء الحوامل‮ ‬وهذا أدنى معدل في‮ ‬الشرق الأوسط‮.‬
مدير الصحة في‮ ‬محافظة ابين أن الاشتباكات التي‮ ‬دامت عدة أشهر بين الجيش والمسلحين من جماعة أنصار الشريعة زادت الأمر سوءاٍ‮. ‬ورغم أنه لم‮ ‬يستطع تحديد رقم دقيق للوفيات الناتجة عن عدم الحصول على الرعاية الصحية‮ ‬فقد أخبر شبكة الأنباء الإنسانية أن‮ “‬الأمهات الحوامل هن الأكثر تضرراٍ‮ ‬من هذا الوضع الأمني‮ ‬المفجع‮”. ‬فأصوات انفجارات الألغام الأرضية والتفجيرات الانتحارية المتكررة جعلت النساء العائدات‮ ‬يصبن بصدمات نفسية‮. ‬إنهن‮ ‬يخشين الخروج لطلب الاستشارات الطبية‮” ‬بعد عودتهن‮ ‬كما أفاد الدهيمي‮ ‬في‮ ‬حواره مع شبكة الأنباء الإنسانية‮ .‬

العنف القاتل
قال محمد فضل منصر‮ ‬القائم بأعمال مدير الأمن في‮ ‬أبين أن أكثر من‮ ‬200‮ ‬شخص قد قتلوا وأصيب العشرات في‮ ‬المحافظة منذ منتصف شهر‮ ‬يونيو الماضي‮. ‬وأضاف‮: “‬لم‮ ‬يستتب الأمن بعد‮. ‬يمكن أن تْقتل من جراء تفجير انتحاري‮ ‬أو انفجار لغم أرضي‮ ‬في‮ ‬أي‮ ‬وقت‮. ‬فقد أصبحت التفجيرات الانتحارية مشهداٍ‮ ‬يومياٍ‮ ‬منذ انتهاء الحملة العسكرية في‮ ‬منتصف‮ ‬يونيو‮ “.‬وفي‮ ‬4‮ ‬أغسطس‮ ‬اليوم الذي‮ ‬لم تتمكن فيه دولة من الوصول إلى المستشفى‮ ‬قْتل ما لا‮ ‬يقل عن‮ ‬45‮ ‬شخصاٍ‮ ‬وجرح‮ ‬50‮ ‬آخرين عندما فجر انتحاري‮ ‬نفسه أثناء تشييع جنازة في‮ ‬جعار‮. ‬وقالت آن‮ ‬غاريلا‮ ‬وهي‮ ‬منسقة مشاريع في‮ ‬منظمة أطباء بلا حدود في‮ ‬عدن‮: “‬لم تنخفض مستويات العنف‮ ‬ولكن طبيعة العنف في‮ ‬أبين تغيرت‮. ‬ففي‮ ‬مدن مثل جعار‮ ‬استبدلت الاشتباكات المسلحة بالعنف العشوائي‮ ‬من تفجيرات وحوادث ناجمة عن انفجار ألغام أرضية‮ .”‬

الرعاية الصحية المحلية
ووفقاٍ‮ ‬لمدير مكتب الصحة في‮ ‬المحافظة فان‮ ‬المراكز الصحية المحلية تعاني‮ ‬من نقص الموظفين أو عدم وجود موظفين على الإطلاق‮. ‬وأضاف أن استمرار انعدام الأمن في‮ ‬أبين أثنى عشرات الأطباء والممرضات عن استئناف العمل في‮ ‬المستشفيات والمراكز الصحية العامة‮. ‬وقالت‮ ‬غاريلا‮ ‬منسقة المشاريع في‮ ‬منظمة أطباء بلا حدود أن الناس في‮ ‬بعض الأحيان‮ ‬يخرجون من بيوتهم إلى أقرب مركز صحي‮ ‬ولكنهم لا‮ ‬يجدون أطباء هناك‮ .‬
محافظ أبين‮ ‬جمال العقل‮ ‬يقول أن اللجان الشعبية التي‮ ‬تضم رجال القبائل المسلحين‮ ‬الذين دعموا الحكومة أثناء الحرب ضد جماعة أنصار الشريعة المسلحة‮ ‬وبعض المنظمات‮ ‬غير الحكومية المحلية‮ ‬يتعاونون مع الحكومة لحماية الممتلكات العامة والخاصة في‮ ‬ظل وجود محدود جداٍ‮ ‬لرجال الأمن‮ .‬
وأضاف العقل أن‮ “‬وزير الداخلية‮ ‬عبد القادر قحطان تعهد بأن‮ ‬يوفر لنا المزيد من أفراد الأمن والمعدات اللازمة مثل السيارات وأجهزة الرادار‮. ‬نحن في‮ ‬انتظار الوفاء بهذا التعهد‮. “‬وهذا‮ ‬يمكن أن‮ ‬يستغرق عدة أسابيع‮ ‬إن لم‮ ‬يكن عدة أشهر‮ “.‬

‮” ‬شبكة الأنباء الإنسانية إيرين‮”‬

قد يعجبك ايضا