استطلاع/ مطهر هزبر-أسماء البزاز –
بابتسامة حزينة رسمها على محياه حال سماعه أصوات ذويه وأقربائه تعلوها الضحكات والمسرات احتفاء بحلول العيد .. وهاهم هناك أمامه يتباهون بثيابهم وأين سيذهبون وبألعابهم ومن سيزورون إلا هو هناك مازال يتظاهر بتلك السعادة التي عجزت آلامه وأحزانه عن إظهارها برؤ فلعلها أرحم من عيون التحسر والشفقة التي يلقاها من عيون الناس وأسلم من شعور العجز الذي صنعه في داخله كل من حوله.. فعيده أن يبقى وحيدا !!
عيد فحواه الألم
الطفل محمد سليمان 10 أعوام يعاني من شلل نصفي في كلتا قدميه شلل أعاقه عن عيش حياته الطبيعية كبقية الأطفال وفي مناسبة عيدية كهذه سألناه عن مشاعره فأجاب بنبرة كان فحواها هذا الألم: العيد بالنسبة لي هو الشفاء من هذا المرض الذي أنهك جسدي وضعف به حالي فكم أتمنى أن ألعب مع أصدقائي وأذهب إلى مختلف المنتزهات والحدائق مثلي كهؤلاء الذين يلعبون ويمرحون لأن الأطفال أراهم لا يحبون اللعب معي وبعضهم يضحك علي إن سقطت أو إذا رأوني أزحف على الأرض ولهذا يروني بنظرة اشمئزاز ويضجرون من الجلوس بجانبي فأنا كما سمعتهم يقولون لأمي أبعث في نفوسهم الملل
وأضاف محمد: ولهذا فقد كررت على أمي مرارا وترجيتها ألا تسمح لأي أحد في العيد أن يزورني أو يراني فأنا أرتاح إن بقيت وحيدا.
الشعور بالنقص
وأما الطفلة إيناس أحمد ياسين مصابة بضمور جزئي في الدماغ تقول: أنا سعيدة بقدوم العيد كثيرا فأهلي يحاولون إدخال السرور إلى قلبي بعد إن اشتروا لي هذه الفساتين الجديدة والطقوم المختلفة ووعدوني بأنهم سيأخذونني إلى مختلف الأماكن للتنزه والفسحة إلى مختلف المناطق وهذا ما أسعدني ولكنني أشعر بالنقص في داخلي خاصة عندما أتلعثم وأتأتأ بالكلام أو عندما أمشي متعرجة بين الناس فيقفون ناظرين إلي بكل غرابة ومن شدة خوفي وحزني من هذا الموقف أصاب بالتشنج خاصة إذا نظر إلي أناس يعرفونني ولهذا فأنا أكره التجمعات العائلية في العيد وإذا حدث ذلك فأنا أفضل الذهاب إلى منزل جدتي لكونها وحيدة ورحيمة بحالتي..
ولكن الطفلة سلوى البالغة من العمر 11 عاما والتي تعاني من نفس الإعاقة لم تلق ذلك الحضن الدافئ من ذويها أو أي رعاية واهتمام ممن هم أولى بها رحمة ورعاية فلا عيد في حياتها كما وصفت ولا راحة حيث تقول: أشعر إن أبي لا يحبني فهو لا يجلس معي كبقية أخواني وأخواتي حتى ملابس العيد أشتراها لهم ولم يشترى لي شيئا لأنه لا يريدني أن أخرج ولا يريد أحد أن يرى إعاقتي فهذا العيد هو كغيره من الأعياد السابقة أنا أجلس هنا في المنزل برفقة أمي أما والدي برفقة زوجته الأخرى وأولاده يخرجون ويسافرون ويتنزهون !!
عافيتنا عيد
وأما الطفل الكفيف عبد العظيم النيري فهو يقول : الحمد لله على كل حال وله ما أخذ وله ما أعطى, فأنا طفل يتيم الأب وأمي تحاول جاهدة من أجل إسعادنا وإدخال السرور إلى قلوبنا رغم الظروف المعيشية الصعبة التي نمر بها ولهذا فعيدى هو أن أرى ولا شيء غير ذلك حتى أجد أي عمل يريح أمي التي هدها المرض و العمل من أجلنا.
وأضاف النيري : قد يكون الفقر والإعاقة هما سبباٍ ألمك وحزنك فلا تعد تعرف طعم عيد ولا سعادة حال رؤية الآخرين لك بأنك إنسان عاجز عليك أن تبقى في زاوية معينة من الحياة حتى يتوفاك الموت ولكنني رغم هذا وذاك سيظل ويبقى أملي بالله كبير أن تقر عيني بالنظر , فو الله لو علم الناس عظمة نعمة البصر والعافية لأدركوا إنها هي عيدهم ولاحتفلوا بها أمد ما عاشوا…
لأنه يحبكم
لكن الكفيفة شيماء القادري فقد استبشر الأمل على محياها قائلة: نحن كغيرنا من الناس نمرح ونفرح وهذا هو عيد المسلمين جمعاء وعمر الإعاقة ما كانت حاجزا عن سعادتنا وفرحنا بهذا العيد المبارك ولهذا وككل عام فنحن ننتظره بفارغ الصبر والشوق إلى حلوله حيث أجتمع أنا وصديقاتي الكفيفات في المدرسة الخاصة بنا وألعب الألعاب التي تناسب حالتي والناس من حولي يشجعوني على الاجتماع واللعب والمرح ولا يحاولون إشعاري بالعجز أو الإعاقة ولا أجد منهم سوى كل حب واحترام ورعاية فالحمد لله إن الله ابتلاني بذلك لأنه يحبني..
وبعثت شيماء برسالة قائلة: وبهذه المناسبة أهدي كل التهاني الحارة لكل الأطفال المصابين بالإعاقات المختلفة بهذا العيد السعيد وأقول لهم لا تحرموا أنفسكم من هذه السعادة واحتفلوا بها وأديروا ظهوركم من أي شخص يحاول الاستهزاء أو السخرية منكم.