حكاية امرأة .. الزوج يتخذ الغربة عذرا للهروب من واجباته الشرعية و الإنسانية

الثورة –
تلقيت رسالة غريبة من أم لولدين وبنت تعيش بحسب قولها في أحد أرياف محافظة إب.. والحقيقة أن الرسالة كتبت بحرقه لمشكلة عانت منها دون أن تطلب منا مساعدتها وإنما عرضها لكشف غدر وخيانة زوجها للعيش والملح الذي بينهما على مدى سنوات ذاقت المر في كل ما حدث لها.. الرسالة فيها حيرة عجيبة من تنكر وجحود ذلك الزوج والغريب في الأمر أنها تحملني أمانة بعدم ذكر اسم زوجها واسمها واسم أولادها لأنها تخشى أن يشك أهلها أو من يعرف قصتها بأنها تستعطف الآخرين لمساعدتها مع أنها لا تريد من أحد أي مساندة أو خدمة وإنما رأي في المشكلة لمن يستطيع أن يحكم فيها بالعدل .. وانطلاقا من مبدأ المهنة الصحفية بأن الصحافة للجميع أنشر رسالتها نصا¡ وجاء فيها :
قد تكون هذه الرسالة وجبة للقارئ الكريم بدون طعم أو نكهة أو رائحة لكنها بالنسبة لي غير ذلك لأنها درس من دروس الحياة تكشف معادن الناس في الشدة وما أكثر الشدائد التي مرت بزوجي من أزمات ومشاكل وابتلاءات تأتي فرادى أحيانا وبالكورجة غالبا لتمحو كل بصيص ضوء يمكن أن ينير لنا الطريق إلى الحياة الزوجية السعيدة كمثل بقية الأسر¡ وما أن نجتاز مشكلة حتى نفاجأ بأخرى .. البداية كانت بأزمة صحية عانى منها زوجي وتراكمت على إثرها الديون¡ بعت كل ما أملك من خروص وأشياء شخصية من أجل علاجه وسداد بعض الديون والتي اقترضتها من إخوتي ووالدتي وجيراننا جزاهم الله خيرا .. المهم فعلت المستحيل حتى وفقني الله وخرجت من هذه الأزمة وكافأ الله تعبي بشفاء زوجي والذي اعترف بلسانه أن وقوفي بجانبه وصمودي كان له بالغ الأثر في معاونته على اجتياز محنة مرضه¡ وكان شفاؤه الجائزة التي منحني الله على صبري ودعائي..فيما كان هو يردد دائما ذلك أمام الجميع اعترافا بفضل لم أكن أراه إلا واجبا تجاه أب أولادي ورفيق عمري¡ ولم أكد أشعر بالراحة إثر شفائه من مرضه حتى بدأت رحلة متاعب أخرى .. بعد شفائه من المرض كان يبحث عن عمل يخرج الصباح ويعود في المساء وعلى وجهه علامات الغلب .. وذات مساء قال لي: لقد فكرت بحل واتخذت قرارا رغم أنه صعب لكنه الخيار الوحيد أمامي وهو الغربة وإن كانت الغربة كربة¡ حاولت أقنعه بعدم هجرة وطنه وأهله لكنه أصر والمشكلة أنه اتخذ القرار ولم يكن لدينا فلوس¡ المهم عذاب جديد في البحث عن قروض من أهلي وأصحاب الخير حتى تم تدبير ما تم تدبيره على أساس يسدد القروض مما سيدخره من الغربة كان هذا عام 2000م وسافر في نفس العام على أساس دولة خليجية قريبة من أجل إذا تعب تكون العودة سريعة إلى الوطن ومن عام2000م وحتى كتابة هذه الرسالة لم نعرف عنه شيئا◌ٍ أو في أي بلد يعيش ولم يتصل بنا تلفون أو يكتب لنا رسالة يسأل علينا أو يعلمنا عن أخباره أو يذكر أن له زوجة وولدين وبنتا◌ٍ لهم التزامات وما أكثرها وهذا ما لم يكن في الحسبان .. وبدأت معركة جديدة مع الحياة وكان يفترض من أهله الوقوف إلى جانبنا لكنهم وللأسف مقاطعون لمشاكل عائلية لا أود الخوض فيها وكانوا فقط في المناسبات الدينية يعطون الأولاد ما تيسر .. على أية حال لم يكن الأمر سهلا في ظل ضيق اليد ولم يكن أمامي سوى الصبر وتدبير حالي وعشنا على الكفاف بين الستر واللطف .. لكن أسرتي لم تتركني مع أولادي بل مدت يد العون معنويا وماديا¡ علمتني الخياطة ونجحت وساعدتني على شراء مكينة خياطة¡ والحقيقة كانت مساعدتهم طوق نجاة لي ودينا في رقبتي ورقبة زوجي الهارب من ضميره وإنسانيته¡ المهم من هذا السرد كله لا أعرف لماذا نسي العيش والملح وكلماته واعترافاته بوقوفي إلى جانبه في مرضه ¿ لماذا اتخذ من الغربة عذرا ليتخلى عنا وعن وعوده ¿ لماذا حملني ديونا وهرب¿ ما هذا الجحود ونكران الجميل بكل بشاعة في هذا الزوج ¿ والذي لم تعد له مكانة في قلبي لهذا الجفاء والقسوة الكامنة في قلبه ¿ ماذا عملت به حتى خطط ليغادرنا هاربا ولم نكن قد أخطأنا في حقه ¿.. أصبحت اليوم نادمة على كل ما ضحيت من أجله .. أشعر كم كنت حمقاء أن أعطي من لا يستحق¡ من وقفت بجانبه في محنته وتركني غدرا مع أولادي وهرب ولم أجد سوى الله معينا لجأت إليه ودعوته أن يقف بجانبي وكان كرمه واسعا فاستجاب لدعائي وسخر لي عطف أسرتي .. كما كشف لي عن معدن ذلك الإنسان الخائن الجاحد الأناني والذي لم تعد تربطني به سوى ذكريات أليمة .. كم أشعر الآن بالحمق والظلم ولن يقلل من ضيقي وظلمي سوى أن أراه يموت أمامي وأمام أسرتي وهذا قرار أراه عين الصواب ويراه أولادي وأسرتي بمنتهى الصواب .. هذه هي حكايتي بإيجاز.. والحكم متروك لكم بدون عاطفة وتحيز.

قد يعجبك ايضا