مدينة الأمل المفقودة..

محمد المساح –
هروبا◌ٍ من عالم الطفر.. وجفاف القلب واليبس الذي يسكن الروح.. كان الرجل العجوز الذي شرب الحياة حتى الثمالة وما زال طرب الحياة على شفتية ينصحهم بالحج.. إلى مدينة الأمل وكان يتبع النصيحة بتوصية شفهية يلقنها لهم.. لن تخسروا شيئا◌ٍ..! لن تكلفكم الرحلة سوى التصميم على الذهاب سيرا◌ٍ على الأقدام.. ستجدونها في منتصف الطريق.
كان الطيبون مع خواء الجيوب يستعذبون حلم الذهاب إلى تلك المدينة.. ولكنهم سرعان ما يرددون لأنفسهم «هيهات» هذا الخرف يضحك على عقولنا.. وتتبدد الأمنية في القلوب¡ لكن الزمن ضاق بهم فتجمعوا ذات ليلة وقرروا السفر نحو مدينة الأمل.
كان كلام العجوز صحيحا◌ٍ في البداية.. أو هكذا شبه لهم فاختلط الأمل بالمستحيل.
دلفوا.. إلى أول مكان صادفهم.. وجدوا جمعا◌ٍ محتشدا◌ٍ يستمعون إلى صوت مغنية جميلة.. أخذهم الصوت الحنون إلى حدود القلب فتاهو إسماعا◌ٍ في بحر الصوت وثارت في قلوبهم مواجيد العشق والتعب الحزين.
قال أحدهم لصاحبه همسا◌ٍ: «جئنا إليها باحثين عن الفرح وألق العيون.. فتسلل صوتها المبحوح فنكأ القلب الجريح وأثار الشجون».
تنقلت العيون في الوجوه متسائلة بعتب لا يبين.. وصوت المغنية يرحل عبر الأضواء الشاحبة المنبثة في المكان وتتجاوزه إلى بحر الليل الفسيح الذي يحتضن المكان بشفقة جديرة بالواصلين الممتلئين شوقا◌ٍ وتلهفا◌ٍ وتطلع محموم وبتساؤل خجول.
ظل صوت المغنية يتحسس المسافات وينسل شجيا◌ٍ محملا◌ٍ باللوعة وقسوة الزمان وقسوة الحبيب والهجران والغربة وغيبة الحبيب في الأعماق.
استمر الصوت المبحوح يتماوج في بحر الليل يلامس قلوب الطفارى فيزداد الشجن عمقا◌ٍ في الوجدان ينسون أنفسهم لحظة من الزمن تتراءى لهم في الغبش البعيد وجه حبيبة يحلم القلب بها وبأضواء مدن بعيدة تظهر وتختفي يغيøبها الأفق مع آخر تلاش◌ُ لصوت المغنية المبحوح.. ينظرون إلى بعضهم بعضا◌ٍ تتساءل العيون بقلق مبثوث ويرين الصمت وهل حقا◌ٍ كانوا يستمعون إلى أغنية¿! يلتفون عائدين يتحسسون جيوبا◌ٍ خالية يسكنها الطفر.

قد يعجبك ايضا