بدأت الحكومة التركية القيام بخطوات تكرس الانقسام وتصنف المواطنين وفق انتماءاتهم الحزبية في مؤشر على خطورة الوضع الاجتماعي والسياسي الذي وصلت إليه البلاد بهدف التعرف على ميولات الناخبين واهتماماتهم تحت يافطة مكافحة الإرهاب.
وفي هذا الإطار أرسل رئيس الوزراء التركي أحمد داود اوغلو تعميما سريا للمسؤولين المعنيين في محافظات البلاد وعددها 81 محافظة بحجة الأحداث الإرهابية المتزايدة في الفترة الأخيرة.
ووذكرت صحيفة “زمان” التركية أنه بحسب التعميم يتعين على أجهزة المخابرات ومديريات الأمن وقيادة الدرك جمع المعلومات المتعلقة بحسابات الجمعيات ومؤسسات المجتمع المدني والصحف المحلية والمواقع الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي وإرسالها لمركز الرصد والمراقبة التابع لرئاسة الوزراء.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة الهدف منها هو تقسيم المواطنين حسب الانتماء الحزبي في ضرب واضح لقيم المواطنة والمنافسة الديمقراطية وأن الشعارات المرفوعة في إطار مكافحة الإرهاب والبحث عن المعلومة هي مجرد تبريرات لا غير في حين أن الغاية الأساسية تتمثل في محاولة التأثير على المواطنين وحثهم على انتخاب حزب العدالة والتنمية.
وأكد هؤلاء أن حملات التجسس على المواطنين ستبث الفرقة والانقسام وتغيب مبدأ المواطنة في المجتمع التركي ومن شأنها أن تثير الفوضى.
وعقب التصريحات المثيرة للغاية للرئيس رجب طيب أردوغان والتي قال فيها “يجب على العمد أن يعرفوا السكان في حيهم ومنازلهم ومن ثم أن يتجهوا إلى محافظ المدينة ومدير الأمن ليزودوهما بهذه المعلومات بكل هدوء وبشكل مناسب للغاية”.
وكانت وزارة الداخلية التركية قد نشرت تعميما يمنح”جائزة للمواطنين المخبرين” الذين يتخابرون على غيرهم.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تبين أن الحكومة مع أنها حكومة انتخابية مؤقتة أصدرت تعليمات لـ81 محافظا يخولهم تصنيف الأشخاص والمؤسسات حسب توجهاتهم وآرائهم السياسية في تركيا برمتها.
وقالت صحيفة “جمهوريت” التركية: إن رئيس الوزراء أحمد داوداوغلو اتخذ قرارات لا تطبق إلا في حالات الطوارئ القصوى في عموم تركيا وأدخلها حيز التنفيذ في الخامس من أغسطس متذرعا بالعمليات الإرهابية المتزايدة في الشهور الأخيرة.
وقال داود اوغلو في التعميم الذي أرسله لـ81 محافظة إنه سيتم توظيف رجال القوات المسلحة في كل الأماكن التي تستدعي الحاجة فيها لتوطيد سلطة الدولة في إطار محاربة المنظمات الإرهابية.
ويرى خبراء أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يريد أن يضمن فوز العدالة والتنمية في انتخابات نوفمبر بكل السبل وأنه مستعد للضغط على المواطنين الرافضين لتوجهات الحزب الاسلامي المحافظ وترهيبهم لكسب أصواتهم.
ويتهم أردوغان بنشر الفوضى والاقتتال بغية تحقيق مكاسب انتخابية بعد خسارته الأغلبية المطلقة في انتخابات يونيو.
وقال الكاتب الصحفي التركي البارز أحمد ألطان: إن الاستقرار يشكل أكبر كابوس بالنسبة لأدروغان وأتباعه من حكومة العدالة والتنمية لأن الاستقرار يأتي بالقانون في حين أن أردوغان ومسؤولي حكومته لا يحتملون القانون. فهم مضطرون للتهرب منه.
وأضاف ألطان: “لو أمكنهم أن يسجنوا ويسكتوا كل من يطالب بتطبيق القانون لفعلوا ذلك. حيث إن حزب العدالة والتنمية في الوقت الراهن لا يحتمل سماع أي صوت. إذ إن حزب العدالة والتنمية لم يعد حزبا بل تحول إلى عصابة”.
قد يعجبك ايضا