حذر خبراء من “اختراق الجهاديين للمؤسسة العسكرية” التونسية على خلفية “الاشتباه في انضمام ثلاثة عسكريين للتنظيم بعد اختفائهم بمعية ثلاثين متشددا في مدينة رمادة القريبة من الحدود الجنوبية الشرقية مع ليبيا.
يأتي ذلك في وقت اعلنت فيه السلطات التونسية أنها منعت خلال الأشهر الثلاثة الماضية آلاف الشاب من السفر إلى سوريا والعراق للالتحاق بتنظيم الدولة الاسلامية واعتقلت المئات من الجهاديين في عمليات مداهمة استباقية قامت بها الأجهزة الأمنية.
وقال الحبيب الصيد رئيس الحكومة الجمعة خلال جلسة حوار في البرلمان إنه تم منع حوالي 15 ألف شاب من السفر إلى بؤر التوتر في خارج البلاد وأشار إلى أنه تم اعتقال نحو ألف شخص من المشتبه في علاقتهم بالإرهاب خلال القيام بـ8 آلاف عملية مداهمة إستباقية منذ هجوم باردو في 18 مارس الذي تبناه تنظيم الدولة وخلف 70 ضحية بين قتيل وجريح أغلبهم من السياح.
وبقدر ما تظهر هده الأرقام أن الجهود التي قادتها الحكومة خلال الأشهر الماضية لمكافحة الجماعات الجهادية قد ضيقت “نسبيا” الخناق على الخلايا النائمة بعد تفكيك المئات منها بقدر ما تؤكد أن تلك الجهود لم تتوصل لا إلى الحد من تنامي خطر الفكر الجهادي لدى الشباب ولا إلى “تأمين” البلاد ضد تصاعد وتيرة الهجمات التي يعد هجوم سوسة في 26 يونيو والذي خلف 38 قتيلا و39 جريحا أخطرها الأمر الذي دفع بالرئيس الباجي قائد السبسي بفرض حالة الطوارئ بعد أن أصبحت الدولة مهددة بالانهيار.
ويبدو أن تصاعد حدة الهجمات رغم “الحزم الأمني” غذى لدى فئة من الشباب الفكر الجهادي الذي يعتبر تلك الهجمات “نوعا من انتصار جند الخلافة” على ما يقولون “طواغيت” تونس حتى أن عددا من تلك الفئة دأب على “إقامة احتفالات” رافعين الراية السوداء في أعقاب كل هجوم.
وتظهر الأرقام التي أعلنتها السلطات التونسية أن أعداد الشباب الذي يتبنى الفكر الجهادي في تزايد مفزع حيث وقع منع 12 ألف شاب وفتاة من السفر إلى سوريا والعراق للالتحاق بمقاتلي تنظيم الدولة خلال العام 2014 وبداية العام 2015 أي خلال فترة حكومة المهدي جمعة وارتفع هدا الرقم إلى 15 ألفا خلال الأشهر الثلاثة الأولى من حكومة الحبيب الصيد التي كثيرا ما وصفت بأنها “حكومة أمنية” ركزت جهودها على مكافحة الخلايا الجهادية.
والأخطر من ذلك أن الخبراء باتت تساورهم مخاوف من تسلل الجهاديين إلى المؤسسات السيادية للدولة وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية التي يثق فيها 97 بالمائة من التونسيين وفق أحدث عملية سبر للآراء أجرتها مؤسسة “سيغما كونساي” وسط أنباء عن اشتباه انضمام ثلاثة عسكريين لتنظيم الدولة بعد اختفائهم معية ثلاثين متشددا في مدينة رمادة القريبة من الحدود الجنوبية الشرقية مع ليبيا.
وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع بلحسن الوسلاتي إن 3 عسكريين من بين ما يزيد عن 30 شابا قيل إنهم التحقوا بـ”الدولة الاسلامية” مؤكدا على أن “مسألة التحاقهم بالتنظيم المذكور من عدمه غير مؤكدة”.
وأضح الوسلاتي أن من بين العسكريين طيار تابع للمؤسسة العسكرية وقد انقطع عن مباشرة العمل منذ شهر ينايرمضيفا أن العسكريين الآخرين حاليا في إجازة ولا يمكن مؤاخذتهما أو الجزم بأنهما التحقا بأي تنظيم أو غادرا التراب التونسي.
وكانت وزارة الداخلية أعلنت الأربعاء “اختفاء” 33 شخصا اغلبهم من المتشددين في رمادة جنوب البلاد في حين عبرت عائلاتهم وفق وسائل إعلام محلية عن خشيتها من انضمامهم إلى جماعات جهادية في ليبيا.
وذكرت اذاعة “شمس اف إم” الخاصة ان هؤلاء اختفوا بعد أدائهم صلاة التراويح في مسجد برمادة.
وأعلنت وزارة الداخلية في وقت سابق ان جهاديين تونسيين سافروا إلى ليبيا المجاورة لتلقي تدريبات على حمل السلاح في معسكرات تابعة لجماعات جهادية كما اعلنت ان منفذ هجوم سوسة سيف الدين الرزقي تلقى تدريبات على حمل السلاح في معسكر تابع لجماعة “أنصار الشريعة” الإسلامية بمنطقة صبراتة في ليبيا.
وأثار اختفاء العسكريين الثلاثة مخاوف لدى الخبراء من انضمامهم لتنظيم الدولة في الجارة ليبيا حيث شددت بدرة قعلول رئيسة المركز الدولي للدراسات الإستراتيجية والأمنية والعسكرية على أنه “في حال ثبت انضمام عسكريين تونسيين إلى تنظيم “الدولة الاسلامية” فذلك يشكل خطورة كبيرة لأن العسكريين يعرفون تفاصيل المؤسسة العسكرية من ثكنات ومواقع وتدريبات وغيرها ويعرفون كذلك العسكريين الذين يحملون نفس الفكر ومازالوا يعملون صلب المؤسسة”.
واعتبرت أنه “إذا ثبت الموضوع فإن المؤسسة العسكرية تتعرض إلى أكبر مشكلة خاصة وأنها تعد المرة الأولى التي ‘ينشق’ فيها عسكريون عن الجيش” على حد تعبيرها.
وشددت بدرة قعلول على أن هذه الحادثة تفتح “مسألة اختراق المؤسسة العسكرية الذي كثر الكلام عنه في وقت من الأوقات وكذلك دعوة “أبو عياض” زعيم تنظيم أنصار الشريعة الشباب التونسي إلى الالتحاق بمؤسسة الجيش لأداء الخدمة الوطنية” مشيرة إلى أن كل هذا يطرح عدة تساؤلات حول اختراق هذه المؤسسة.
من جهته قال الخبير العسكري فيصل الشريف إنه “إذا ما ثبت أن العسكريين التحقوا بتنظيم الدولة الاسلامية فإن ذلك في “منتهى الخطورة” مضيفا أن “الخطورة تكمن في أن العسكريين هم أناس تدربوا على الفنون القتالية العسكرية والتحاقهم بـ”الدولة الاسلامية” يطرح تساؤلا كبيرا وهو “ما مدى فاعلية جهاز المخابرات العسكري للتقصي حول هؤلاء”.
واعتبر العميد السابق بالجيش التونسي مختار بن نصر أنه في صورة التحاق العسكريين بالتنظيمات الإرهابية فإن “الدولة الاسلامية” تكون قد استطاعت استقطاب مجموعة كبيرة من المدنيين والعسكريين داعيا إلى استعجال تأطير الشباب ومنع طرق الاستقطاب.
ويستحوذ تزايد عمليات استقطاب الشباب من طرف تنظيم الدولة بانشغال الحكومة حيث شدد الحبيب الصيد الجمعة على ان “تونس في خطر” و”إنها تمر بوضعية حرجة” مؤكدا انه “لا خيار للتونسيين سوى الانتصار في معركتهم ضد الإرهاب”.
وقال الحبيب الصيد في رده على تساؤلات النواب في ختام جلسة عامة خصصت للحوار معه حول إعلان حالة الطوارئ والوضع الأمني العام بالبلاد “قد نكون خسرنا إحدى المعارك و لكننا لم نخسر الحرب ولا خيار لنا سوى أن ننتصر في هذه المعركة ضد الإرهاب”.
قد يعجبك ايضا