موازنة رمضان.. تحد جديد أمام الأسر اليمنية

يمثل الإنفاق الأسري في شهر رمضان المبارك واحدا من أكبر التحديات التي تواجه الأسر اليمنية اقتصاديا كل عام لكن هذا العام سيكون الوضع مختلفا ففي ظل أجواء العدوان والحصار الاقتصادي الذي تفرضه دول العدوان بقيادة السعودية على اليمن تعيش الأسر اليمنية أصعب المراحل إذ أدى الحصار والعدوان لفقدان لمعظم مواردها المالية وتراجع مستوى مداخيلها بنسبة كبيرة مما يجعل شراء مستلزمات رمضان غاية في الصعوبة وفي المقابل تصر الأسر اليمنية على الكفاح للتسوق وشراء تلك المستلزمات ولو في حدها الأدنى كل ذلك وهي متيقنة في قرار نفسها أن الفرج قريب ولن يجمع الله بين عسرين .

حين كانت الأرقام السنوية شبه الرسمية التي يطلقها الخبراء الاقتصاديون عن حجم انفاق إنفاق الأسر اليمنية في شهر رمضان المبارك بأنه أكثر من 400 مليار ريال لم يكن يدر في الحسبان أن يمر على اليمن وقت عصيب كما نحن فيه كهذا العام فالعدوان والحصار الاقتصادي من قبل دول التحالف السعودي ضد اليمن استهدف بشكل مباشر دخل الإنسان اليمن عبر استهداف المنشآت الاقتصادية ومراكز الأعمال مما أدى لفقدان الآلاف وظائفهم في القطاع الخاص اليمني وأصبحت مواردهم المالية على المحك وهذا بدوره اثر على نفقات أسرهم في رمضان وهنا يقول الخبير الاقتصادي الدكتور عادل الحوشبي: إن الإنفاق لهذا العام سينخفض إلى اكثر من 50 % ويمكن الحديث عن          150-100 مليار ريال فقط .
ويرى  الخبير الاقتصادي  علي فضل طه أن مستوى انفاق الأسر في شهر رمضان يتضاعف ثلاث مرات  في هذا الشهر مقارنة ببقية أشهر السنة  والتي لاتزيد الإنفاق فيها عن 40 الف ريال في المتوسط ويقول: هذا الإنفاق يأتي نتيجة استهلاك أنماط عديدة من السلع والمنتجات المرتبطة عادة برمضان كاللحوم بالدرجة الأولى والمكسرات والحلويات والفاكهة والعصائر الطازجة والمبردة .
العادات
يؤكد الخبراء أن ارتفاع مستوى إنفاق الأسر في رمضان يعود بدرجة أساسية لبروز عادات وأنماط استهلاكية غير حميدة فالأسر اليمنية تتسابق على اقتناء مجموعة من السلع الرمضانية بشراهة وتدفع لذلك مبالغ باهظة خصوصا تلك الأسر الميسورة فيما يكافح الفقراء وذوو الدخل المحدود لمجاراتهم وشراء مستلزمات رمضان بمبالغة الأمر الذي يؤدي للقضاء على ميزانيتهم الشهرية خلال يوم واحد ويشير الدكتور فؤاد الشرعبي الأستاذ المساعد بقسم الاقتصاد كلية الإدارة بجامعة العلوم والتكنولوجيا إلى أن الأسر اليمنية اكتسبت عادات استهلاكية ضارة جعلتها تعتقد أن شهر رمضان يحتاج الكثير من السلع  ولهذا تدخل عدة أنواع من الأطعمة والحلويات وغيرها من المأكولات المائدة الرمضانية فقط فيما تغيب بقية الأشهر وهذه السلع هي من تسبب زيادة في مستوى الإنفاق الأسري بهذا الشهر الكريم .
أعباء
تعترف الأسر اليمنية  أن تكاليف نفقات شهر رمضان تعتبر تحديا لموازنتها خصوصا في ظل وضع كهذا الذي نعيشه نتيجة للحرب على اليمن والعدوان عليها من قبل السعودية والذي ادى لفقدان الاعمال والوظائف لدى شريحة كبيرة من المجتمع إضافة لتشريد الآلاف من الأسر والعائلات من مساكنهم وقراهم في صعدة وعمران وحجة وعدن ولحج وذمار وتعز وغيرها .
حساب الفاتورة
يحسب الفقراء ومحدودو الدخل لدخول رمضان اقتصاديا من اليوم الأول لشهر شعبان وطوال هذا الشهر يفترض الإعداد والتجهيز لشراء تلك المصروفات حيث تدرك جميع الأسر اليمنية في الريف والحضر أن شهر رمضان الفضيل  بحاجة ماسة لمصروفات ومستلزمات غذائية واستهلاكية خاصة انطلاقا من الاستعداد للقيام والصيام الصحي ومعظمها في الغالب لا تدخل الموائد الأسرية إلا في رمضان وهذه تعتبر من خصائص رمضان جيلا بعد جيل لكن مع قلة الدخل وارتفاع الأسعار لهذه المواد حاليا أصبحت هذه المستلزمات هما يؤرق الأسر وهذا لب المشكلة هذه الأيام بداية من شعبان يقول الدكتور عبد الباري الشرجبي خبير اجتماعي: إن رمضان يتسم بعادات غذائية معينة في اليمن  تحرص الأسر على تحضيرها منذ أجيال وهذا التقليد عادة فرض على الأسر تكليف إضافية على موازنتها لا تقدر على توفيرها وفي حالة محدودي الدخل والفقراء تكون المشكلة أوضح وأعمق.
الفقراء ومحدودو الدخل
في ظل الظروف الراهنة التي يعيشها اليمن أصبح الفقراء ومحدودو الدخل فئة واحدة فوفقا لتقرير رسمي عن البنك الدولي هناك اكثر من 49 % من الأسر اليمنية داخل دائرة الفقر أي أنها تعتمد على دخل يومي يوازي دولارين أي أن الشهر لديهم بـ 60  دولاراٍ فيما الفقراء معروفون في اليمن انهم لايتمكنون من الحصول على هذا الرقم وترى معظمهم يساوي دخلهم 20000 ريال أي اقل من 100 دولار في الشهر ووفقا لهذه الحسبة فإن اليمنيين معظمهم في خط الفقر حيث يتقاضى الموظفون الحكوميون دخلا لا يزيد عن 200 دولار للمهن الحرفية ولا يزيد عن 260 دولارا للموظف الجامعي وهكذا تجمعهم  دائرة واحدة هي دائرة الفقر.
معاناة
من يعيش حياة الفقراء ومحدودي الدخل سيستشعر فعلا معاناتهم وخير دليل على ذلك الموائمة بين دخل هؤلاء الفقراء ومحدودي الدخل وما وصلت اليه مستويات الأسعار في السوق للكثير من السلع ويقول محمد طه (موظف بسيط ) أن الأسعار الحلية فضيعة فعلبة الحليب (2.5 كيلوجرام)ب4900  ريال والسمن النصف بـ 3800 ريال أما البهارات والمكسرات والتمور فأسعارها مرتفعة منذ العام الماضي ولشراء مستلزمات بسيطة تحتاج اكثر من 50 الف ريال وهذا مبلغ لايتوفر لأي أحد من الفقراء ومحدودي الدخل لأن احتياجاتهم اليومية لا يمكن توفيرها كاملة فما بالك بمستلزمات تحتاج راتب شهر كامل.
قلة الدخل
يرى مختصون بأن سبب الفقر في اليمن يعود في الأساس لقلة الدخل حيث يعيش رب الأسرة اليمنية بدخل شهري لايزيد عن 40 الف ريال في المتوسط وهذا يجعله يعيش حالة بائسة يتخبط يمينا وشمالا ويصارع المعاناة ويشير يحيى الزهيري إلى انه ينتظر تسلم راتبه للشهر القادم من اليوم الثالث لاستلامه وهي معاناة يطلب من الله أن يزيلها عن كاهل اليمنيين .
لكن الخبير الاقتصادي الدكتور صلاح المقطري يرى أن أسباب الفقر لا تعود لندرة الموارد الطبيعية فاليمن تمتلك موارد اقتصادية كبيرة في مختلف المجالات المعدنية والنفطية والزراعية والسمكية, إلى جانب موقعها الاستراتيجي الهام ووجود موارد بشرية كبيرة إنما الحاصل هو سوء استغلال الموارد في اليمن فإذا تم استغلالها سوف تسهم في تنمية المجتمع اليمني اقتصادياٍ وثقافيا والانتقال بالاقتصاد الوطني إلى مصاف الدول الغنية ولكن سوء استغلال تلك الموارد الاقتصادية في ظل إدارة اقتصادية تقليدية ومتخلفة, والتوزيع غير العادل للثروة بين السكان, والاستيلاء على عائداتها من قبل فئات صغيرة, وحرمان الجزء الأكبر من خيرات البلد. فقد كان ذلك سببا في تخلف الاقتصاد اليمني وانتشار الفقر والتخلف بين السكان .

قد يعجبك ايضا