ممارسة العدوان لسياسة التجويع.. خيار فاشل

> النفط: استمرار الحصار يؤدي إلى انهيار مؤسسات الدولة وانعدام أساسيات العيش

نهارها ركود ومعاناة.. وليلها ظلام ووحشة.. حياة شبه ميتة تعيشها اليمن بكافة مدنها وعواصمها هذه الأيام.. بسبب انعدام المشتقات النفطية منذ إعلان العدوان السعودي الحصار البحري والجوي والبري, وبذلك لم يتم إدخال المشتقات النفطية أو المواد الغذائية.
وتصبح الحياة صعبة في العصر الحديث حين تنعدم المشتقات النفطية بكافة أنواعها لأسابيع وأشهر عن السوق ومتناول المواطنين.. وذلك راجع لأهميته في تشغيل وتحريك كل المعدات والأدوات والوسائل التي تنقل المواطنين ويعمل عليها في مختلف مؤسسات الدولة وكذا الخاصة.

المواجهات القائمة حالياٍ في محافظة مارب بين الجيش واللجان الشعبية من جهة وعناصر تنظيم القاعدة والإصلاح من جهة أخرى زادت من صعوبة وتفاقم مشكلة غياب المشتقات النفطية, إذ أنه, وبحسبة مصدر بوزارة النفط, أنه وفي حال السماح بوصول المشتقات النفطية من مارب سيتم تغطية 20% من العجز الحاصل حالياٍ.
وفي ظل حصار العدوان السعودي القائم, تضرر ـ وما يزال ـ اليمنيون بدون استثناء, جميعهم وبمختلف المكونات السياسية والحزبية والفكرية, لم يسلم منه أحد لا صغير أو كبير ولا رجال أو نساء.. الجميع مسه الضر.. ووصلت وسكنت عنده المعاناة والمأساة.
معظم المؤسسات الإنتاجية والخدمية سواءٍ كانت الرسمية أو الخاصة, أعلنت خلال الثلاثة الأسابيع الماضية توقفها عن العمل وممارسة نشاطاتها بسبب انعدام المشتقات النفطية التي تعتبر من أساسيات القيام بأعمالها, وسائل المواصلات توقفت تدريجياٍ منذ بداية العدوان باستثناء الوسائل التي تعمل على مادة الغاز, التي يتم توفيرها محلياٍ من محافظة مارب, حتى الأسبوع الماضي الذي شهد فيه غياب تام لمادة الغاز بالعاصمة صنعاء وكافة محافظات الجمهورية بسبب احتجاز قاطرات النقل بمارب من قبل عناصر الإصلاح وتنظيم القاعدة وعدم السماح لها بالمضي قدماٍ نحو الأمانة والمحافظات وتوفير مادة الغاز.
الشوارع اليمنية, تشهد حالياٍ غياب وسائل المواصلات بشكل كبير, ما زاد من الوضع المأساوي للمواطن اليمني, وإن وجدت الوسائل التي تعمل على الغاز فهي بشكل ضئيل, وبارتفاع أضعاف أجرة وكذا عدد الركاب عن ما هو محدد لها ومتعارف عليها في السابق.
ويعاني اليمنيون في ظل استمرار الحصار العدواني السعودي من مشاكل عديدة بسبب توقف المؤسسات والمنشآت الخدمية الرئيسية, أهمها مؤسسة الكهرباء التي تمر بأصعب مراحل وظروف منذ اكتشافها في العالم وإنشائها وتوفيرها في اليمن خاصة وأن انقطاع الكهرباء يعود لسببين أبرزهما نفاد المخزون النفطي لدى المؤسسة العامة للكهرباء, وكذا توقف محطات وأبراج توليدها الرئيسية في محافظة مارب, بسبب المواجهات القائمة هناك, ما دفع بمؤسسة الكهرباء إلى البحث والعمل على توفير التيار الكهربائي بالعاصمة وعواصم المحافظات عبر محطات التوليد الاحتياطية والتي لا يتجاوز إنتاجها 20% من التيار المتطلب توفيره.. ورغم ذلك فإن مؤسسة الكهرباء ناشدت وحذرت أكثر من مرة, من نفاد المشتقات النفطية وانقطاع التيار الكهربائي بشكل شامل, بعد أن قاموا بتوفيره من محطات التوليد وتقسيمه لكل الأحياء والمناطق, إذ يصل نصيب الحي الواحد ما بين ساعة إلى ساعتين كل ثلاثة أيام.
ولا يختلف عاقلان على أهمية الكهرباء في العصر الحديث الذي لم يعد يمر عبر عقارب الساعة, وإنما عبر لترات من المشتقات النفطية, الذي في حال غيابه يغيب التيار, وبذلك تتوقف آبار الماء والمخابز وشركات ومحطات المياه وكل مكونات وأساسيات الحياة.
هنا وضع العدوان اليمنيين قاب قوسين أو أدنى من الموت.. إذ أنه لم يكتف بالحصار الجوي والبحري والبري, وإنما ما يزال مصراٍ في جحوده وطغيانه على قصف الأحياء السكنية والمؤسسات العسكرية والمدنية, ليخلف وراءه مئات من الشهداء والجرحى, ما يفرض على كل المستشفيات والمرافق الصحية مواجهة ذلك العدوان عبر قيامها بواجبها الوطني والإنساني في معالجة المصابين وإنقاذهم.
كل تلك المعاناة والمأساة التي يتعرض لها شعب بأكمله.. يمكننا أن نصفها بـ “الموت البطيء”.. إلا أنه وبحسب مراقبين, فإن المجتمع اليمني وبعاداته وتقاليده وتكافله وتعاونه مع بعضه, وكذا العيش بأبسط المقومات وفي أحلك الظروف ومقابل أن يحيا بعزة وكرامة بدلاٍ من الذل والمهانة, تكون معاناته أخف بكثير من أي شعب قد يتعرض لذات الحصار.
مصدر بوزارة المالية أكد نهاية إبريل الماضي أن جهوداٍ ومساعي يبذلها القائم بأعمال محمد زمام وزير المالية خارج الوطن لرفع الحصار المفروض على المطارات والموانئ اليمنية من قبل العدوان السعودي وحلفائه قد تكللت بالنجاح وسيتم وصول البواخر والسفن المحملة بالمشتقات النفطية إلى الموانئ خلال الأيام القليلة القادمة.
ونقلت صحيفة “اليمن اليوم” اليومية عن مصدر في وزارة المالية قوله:إن الدكتور زمام استطاع من خلال لقاءاته مع مسئولين في حكومات دول عربية وأجنبية الإقناع بضرورة تدخل تلك البلدان والضغط على دول حلف العدوان السماح بنقل العالقين في المطارات الخارجية إلى اليمن وكذا السماح بوصول السفن والبواخر المحملة بالمشتقات النفطية الى الموانئ اليمنية بعد أن كان قد تم السماح بتسهيل دخول البواخر المحملة بالمواد الغذائية.
مرت أكثر من 10 أيام على إعلان المصدر عن نجاح مساعي وزير المالية دون أن تتوفر وتتواجد المشتقات النفطية أو يسمح العدوان بدخولها عبر المياه الإقليمية اليمنية, كما أكد السماح لها بالدخول وأكد على ذلك في وسائله الإعلامية العدوانية.
شركة النفط اليمنية قالت في مؤتمر صحفي مشترك مع وزارتي الكهرباء والصحة وقطاع النظافة بصنعاء الاثنين الفائت, 4 مايو 2015م أنه من المحتمل أن تتوافر المشتقات النفطية ” الديزل والبترول” خلال اليومين القادمين بكميات كافية لعدة أيام للمستشفيات والمحطات والاتصالات لتجنب توقف الخدمة وكذا قطاع النظافة.
وأضافت في بيان لها استعرضته خلال المؤتمر “نؤكد هنا مرة أخرى أن الشركة لا تمتلك أي كمية حالياٍ في كل منشآتها ولم تقم أي جهة بالاستيلاء على أي كمية نهائيا وأنها لم تأل جهد في محاولات توفير احتياجات المواطنين من خلال استيراد الكميات الكافية من المشتقات لرفع المعاناة عن المواطنين والتي تعتبرها الشركة مسئولية أخلاقية وإنسانية قبل أن تكون مسئولية عمل” .
وناشد المدير العام التنفيذي لشركة النفط علي الطائفي في المؤتمر الصحفي الذي عقده في شركة النفط وحضرته العديد من القنوات التلفزيونية والصحفية والأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة المحلية والعربية والعالمية وكل من لديه الإمكانية في الدفع باتجاه رفع الحظر عن المشتقات النفطية المحتجزة في البحر منذ ما يقارب الشهر وأكد أن الحظر سيتسبب بكارثة إنسانية إذا استمر أكثر من ذلك لارتباط المشتقات بكل جوانب الحياة من كهرباء ومستشفيات ومخابز ومياه ونظافة ووسائل مواصلات خاصة وعامة.
وأكدت الشركة في بيانها على أن استمرار الحصار الجائر على أبناء الشعب اليمني سيؤدي إلى انهيار مؤسسات الدولة والاقتصاد الوطني ولن تنعكس على الدولة والمجتمع اليمني فحسب بل سيكون لها أثر على المنطقة بكاملها .
وناشد المؤتمر الصحفي دول العالم وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالتدخل العاجل لرفع الحصار المفروض على الشعب اليمني وإدخال المواد الغذائية والمشقات على وجه السرعة لتجنب كارثة إنسانية وبيئية سيعاني منها أكثر من 25 مليون يمني .
وأوضحت أن من تبعات الحصار انعدام الخبز من الأسواق وانعدام القمح والدقيق بالإضافة إلى الأضرار الجسيمة التي تلحق بالمزارعين والمزروعات لعدم توفر الوقود المخصص لتشغيل مضخات المياه المستخدمة للري.
ورغم كل تلك التحذيرات والمناشدات وصرخات الاستغاثة التي أطلقتها تلك المنشآت الطبية والنفطية والخدمية للمجتمع الدولي والعالم أجمع خلال الأيام الماضية, مفادها المطالبة برفع الحصار وتوفير المشتقات النفطية لها والأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية لمواجهة ومعالجة الحالات الطارئة.. إلا أن كل تلك الصرخات رغم كثرتها وقوتها وصداها في وسائل الإعلام لم تجد آذاناٍ صاغية أو قلوباٍ إنسانية تتجاوب لها وتلبي نداءها وتغيثها.
وفي مقابل الصمت الدولي أمام الحصار العدواني, نجحت, بحسب تصريح مصدر محلي لوكالة الأنباء “سبأ” الأربعاء الماضي, وساطة قبلية في إقناع مجاميع حزب الإصلاح المسلحة التخريبية بالإفراج عن عشرات القاطرات المحملة بالغاز المنزلي والتي كانت محتجزة لدى عناصر تخريبية في محافظة مارب منذ مساء الجمعة قبل الماضية.

قد يعجبك ايضا