مقامرة محفوفة بالمخاطر” .. هكذا وصفت صحيفة نيويورك تايمز الصحيفة الأمريكية في افتتاحيتها التدخل العسكري للسعودية باليمن راصدة حجم المأساة التي تعيشها البلاد بعد أربعة أسابيع من الغارات العسكرية على اليمن.
وتقول الصحيفة “هناك أدلة تظهر أنه بعد أربعة أسابيع من الغارات لم تجن اليمن سوى الدمار حيث قتöل أكثر من ألف مدني وأصيب أكثر من 4 آلاف آخرين فضلا عن نزوح 150 ألف شخص في غضون ذلك فإن القتال والحصار قد حرم اليمنيين من الطعام والوقود والمياه والأدوية ما تسبب في كارثة إنسانية على حد وصف مسؤول في الصليب الأحمر”.
وتشير الصحيفة إلى المزاعم السعودية بأن الغارات الجوية تهدف “لمعاقبة الحوثيين” الذين حاولوا الاستيلاء على السلطة في اليمن وذلك بتدمير أسلحتهم ومنشآتهم العسكرية في شتى أنحاء البلاد لكنهم لا يزالون أقوياء على الأرض.
تصرفات الإدارة الأمريكية في ذلك الصراع متناقضة تماما حيث ساعدت السعودية من خلال المعلومات الاستخباراتية والمشورة الخططية ونشر السفن الحربية قرابة الساحل اليمني لكنها الآن تحث الرياض على إنهاء العمليات.
ويبدو أن البيت الأبيض أدرك أن السعوديين لا يملكون استراتيجية حقيقية لتحقيق أهدافهم السياسية في اليمن والدليل على ذلك إعلانهم الثلاثاء الماضي إيقاف معظم العمليات العسكرية لتستأنف لاحقا القصف بشن المزيد من الغارات العسكرية على أهداف حول مدينتي عدن وإب.
أمر آخر حفز السعودية على تلك “المقامرة” هو احتمالية التوصل لاتفاق نووي بين القوى العالمية وإيران فمثل ذلك الاتفاق من الممكن أن يساعد إيران على أن تصبح القوة المهيمنة في المنطقة ويشجع على المصالحة مع الولايات المتحدة وبالتالي يعرض كل ما سبق العلاقة الأمنية بين واشنطن والرياض للخطر.
هذا الأمر أيضا ترك صناع السياسات الأمريكية في تحد دبلوماسي قوي: وهو طمأنة حلفائها في المنطقة العربية على استمرار تقديمها الدعم لهم من جهة ومن جهة أخرى أن تحاول واشنطن معرفة ما إذا كانت إيران التي على خلاف معها منذ عام 1979 يمكن دفعها لبناء علاقات ثنائية بين الجانبين تكون أكثر فائدة.
هناك حاجة لإنهاء القتال الحالي في اليمن وإيصال مواد الإغاثة بشكل سريع مع إعادة بدء حوار سياسي حيث حققت مبادرة دبلوماسية بقيادة الأمم المتحدة بعض التقدم غير أنها لم تحظ بدعم واهتمام كاف من مجلس الأمن الدولي وما زاد الطين بلة هو تقديم جمال بن عمر مبعوث الأمم المتحدة في اليمن استقالته.
إن إيجاد حل سياسي في اليمن لن يكون أمرا سهلا وربما يكون مستحيلا حيث إنه سيتطلب قبول السعودية بالحوثيين كجزء أساس من السلطة الحاكمة في اليمن ومثل هذا الحل هو الأمل الوحيد لجلب بعض الاستقرار للبلاد وإعادة تركيز الجهود الدولية واليمنية نحو مكافحة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية الذي هو المستفيد الحقيقي من هذه الفوضى الآخذة في الاتساع.
قد يعجبك ايضا