“عاصفة الحزم” تحد صاروخ لمواثيق الأمم المتحدة

وصفت العشرات من منظمات حقوق الإنسان العربية والدولية عاصفة الحزم بأنها اعتداء همجي وسافر يطال المدنيين الأبرياء ويطال مقومات المجتمع اليمني بصورة عامة.. في ظل ظروف صعبة عاشتها اليمن أربع سنوات عجاف كان المؤمل بعدها أن تنفرج الأزمة ليفاجأ الجميع بهذا العدوان غير المتوقع..
هذا ما أكده الناشط الحقوقي والسياسي رئيس المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر الأستاذ علي ناصر الجلعي الذي عْين مؤخراٍ سفيرا للنوايا الحسنة للمجلس الدولي لحقوق الإنسان للدراسات الاستراتيجية والتحكيم الدولي بمنظمة بعثة السلام الدولية والعلاقات الدبلوماسية…
الناشط الحقوق تحدث في حوار صحفي لـ “الثورة” بمرارة من جراء تدهور الأوضاع الإنسانية في اليمن جراء هذا الاعتداء مقيماٍ الواقع الحقوقي في اليمن على ضوء معطيات الأزمات والصراعات السياسية التي شهدها المجتمع اليمني ورؤى المنظمات الحقوقية لواقع ما يجري في البلد وغيرها من القضايا.. فإلى التفاصيل:

•  بداية أستاذ علي كيف تنظرون لما تتعرض له اليمن من القصف المستمر من قبل ما يسمى بـ”عاصفة الحزم” من زاوية حقوقيــة وقانونية.. ¿! وما هي رؤيتكم لأطروحات المحللين والسياسيين في بعض وسائل الإعلام المبررة لهذا العمل وهذا التحالف..¿
–  ندين –كحقوقيين- بشدة ما تتعرض له اليمن من اعتداءات همجية من قبل عشر دول على رأسها المملكة العربية السعودية ونرى أن هذا يتنافى مع قوانين ومواثيق الأمم المتحدة التي تنص على عدم جواز التدخل بجميع أنواعه في الشئون الداخلية للدول بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم (103/39) المؤرخ في 9  ديسمبر 1981م وبالتحديد المادة الأولى والثانية الفقرة (أ/ب).. هذا العدوان لقي استنكاراٍ كبيراٍ من قبل الشعوب العربية والمنظمات المدنية العربية والمحلية والدولية.. وجميع هذه المنظمات الحقوقية والسياسية تقول بصوت مسموع للدول العشر برعاية آل سعود: “ما تقومون به جريمة ومخالفة لميثاق الأمم المتحدة وهذا العمل يندرج تحت بند جرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة”…
أما ما يتصل بما نتابعه من تناقضات في خطاب المحللين السياسيين المحليين بالذات وفي وسائل إعلامية تتبع قوى العدوان فللأسف الشديد ليس لديهم إلمام ولا دراية بالقوانين ولا المواثيق الدولية وإلا لما رأينا هذا التلكؤ تجاه اعتداء واضح.. كما نقول لكل من يبرر الضربات تحت ذرائع الصراع السياسي اليمني اليمني من المحللين والحقوقيين العرب عليه أن يدرك أنه يبرر ويجيز قتل الأطفال والنساء والمدنيين بطريقة وحشية تحت مبرر ضرب الحوثي الذي يعد مكوناٍ يمنياٍ من المكونات السياسية التي تتصارع في الساحة اليمنية منذ 2011م وهذا شأن يمني.. وليس مبرراٍ منطقياٍ بأن يستهدف اليمن وتضاعف معاناة أبنائه وعلى الدول العشر أن تدرك أن آلاف الأسر اليمنية عالقة في المطارات الخارجية وملايين اليمنيين تحت القصف والأوضاع المعيشية والإنسانية تزداد سوءاٍ..  ومن يبرر ذلك من المحللين والسياسيين والحقوقيين اليمنيين فعليه أن ينسى أنه يمني فمن يرضى بقصف وطنه لا يمكن أن يغار غداٍ على بلد عربي قومي..
•  مع استدامة واستطالة الصراع السياسي كيف تنظرون للواقع الحقوقي في اليمن.. ¿!
– بالنسبة للواقع الحقوقي في اليمن خلال أحداث وصراعات الفترة الزمنية (2011-2015م) فقد شهد تدنياٍ كبيراٍ وخطيراٍ وحصلت هناك الكثير من الانتهاكات التي سجلت الاخفاء القسري والقتل وغيره.. صحيح أن هذه احتجاجات 2011م ساهمت في الكشف عن أشخاص مخفيين قسريا منذ فترة طويلة من الثمانينات والتسعينات إلا أن هناك انتهاكات تعرض لها صحفيون وناشطون وتم اعتقالهم كسجناء رأي في هذه الفترة فازدادت الأمور تعقيداٍ خصوصاٍ وقد ترافق مع هذه الانتهاكات خلال السنوات الأخير صراع سياسي ومسلح ظللنا مستمراٍ ومتصاعداٍ رغم توقيع  اتفاقيات عدة بين الأطراف السياسية المتصارعة والتي من أهمها المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني واتفاقية السلم والشركة ولم تلتزم تلك القوى وفشلت حكومة الوفاق وبعدها حكومة الكفاءات وفشل الرئيس هادي أيضاٍ في إدارة البلد كل ذلك أدى إلى تفكك مؤسسات الدولة وكذلك المؤسسات الأمنية والعسكرية ما ساعد على تفاقم معضلة تدني الوضع الحقوقي في اليمن.. وهذا لا يعني أن ما قبل 2011م كما يجب وأن الوضع الحقوقي كان جيداٍ بل كان هشا أو هامشيا وما نعيشه اليوم هو واقعنا الحقيقي الذي كان مخفيا في تلك الفترة بأساليب وطرق أخرى.. خلاصة القول أن الأزمة السياسية أثرت كثيرا على المسار الحقوقي بشكل كبير جدا وفقدت كل المسارات الخاصة بحماية حقوق الإنسان كوننا نعيش مرحلة فوضى أو بالأصح شريعة الغاب حيث البقاء للأقوى وكل شيء واضح قتل واغتيالات وتقطع ونهب واختطافات ومتاجرة بالشر وجرائم أخرى…
•  هل  كانت مسألة إطالة هذا الصراع مبرراٍ كافياٍ للتدخل السعودي على رأس تحالف دولي إسلامي..¿¿ وما هو رأيك في الحالة السياسية القائمة الآن في اليمن..¿!
– القضية يمنية – يمنية ولا يحق لأي من الدول التدخل في الشأن الداخلي مطلقاٍ وإنما هذه مبررات من شأنها الهروب من المسؤولية الأخلاقية والإنسانية من هذا التدخل الذي أراد الإجهاز على ما تبقى من معالم الدولة اليمنية ومن عوامل الاستقرار المعيشي للإنسانية..
وبالنسبة للحالة السياسية اليمنية في هذه الظروف لا زالت غير متزنة أو واضحة الملامح ومواقفها ورؤاها غير مفهومة مقارنة بمواقف السواد الأعظم من الشعب الرافض لهذه العدوان.. فالأطراف السياسية لا زالت تتبادل الاتهامات فيما يحدث وما يجري وما جرى حتى يومنا هذا خلال الأربع السنوات الماضية .. وأؤكد لكل الأطراف السياسية عبر صحيفتكم أننا إذا ظللنا نتبادل الاتهامات بين القوى الوطنية لن نخرج إلى نتيجة والوضع سيزداد تعقيدا وستزداد تبعات ونتائج العدوان الخارجي والصراع الداخلي على الشعب اليمني..
•  برأيكم إلى أي مدى ستزيد هذه الظروف والتعقيدات من تنامي ثقافة العنف والإرهاب والتطرف..¿!
– تعقيد الظروف المعيشية واختلال قيم الأمن والأمان واستمرار الصراع السياسي اليمني حتى وصل إلى هذه النتائج.. كل هذا ساهم بشكل كبير في نمو ثقافة الإرهاب والتطرف في اليمن وأدى إلى تخلخل النسيج الاجتماعي اليمني.. لان الصراع يهمش كل مؤسسات الدولة بما فيها مؤسسة القضاء كذلك تنخفض إيرادات الدولة ويتولد الظلم وتكثر الاحتجاجات والتي تكون احتجاجات لها مطالب شرعية وأحيانا احتجاجات سياسية تندرج أو تخدم الصراع السياسي وينعكس هذا الصراع على الحالة الأمنية والتي تنعكس سلبا على الوضع الاقتصادي فمعظم الشركات العاملة في البلاد غادرت البلاد حيث نتج عن ذلك تسريح الآلاف من العمال وارتفعت نسب البطالة واتسع الفقر.. وهذا أدى بدوره إلى ازدياد في مؤشر الجرائم السرقة والنهب والسطو المسلح وووالخ.. كذلك أضعف مؤسسات القضاء حتى صار حسم القضايا أحيانا سياسيا لعدم وجود مؤسسات دولة قوية وضابطة تحاسب من يقع في الخطأ أو تجاوز القانون ومصادرة الحقوق وهضم حقوق العمال مما يؤدي إلى قيام الجماعات الإرهابية باستغلال هذا الوضع والسيطرة على الشباب الذين قد تعرضوا ولظلم وإقصاء من مؤسسات أو من المجتمع نفسه أو الأسرة ومن هنا يسهل السيطرة عليهم وتجنيدهم للعمليات الإرهابية..
• ما يتعلق بوسائل الإرهاب وطرقه وأساليبه هناك تحول خطير طرأ محاولاٍ جر اليمن إلى فتنة طائفية على غرار ما هو قائم في العراق… ما هي قراءتكم لهذا التطور السيئ¿! وما هو المصدر الفكري الذي يغذي هذا التطرف بهذه البشاعة…¿
–  خلال الفترة الماضية حصلت في اليمن جرائم بشعة لم يسبق لليمنيين معرفة هذه البشاعة من الجرم ولم يكونوا يوماٍ ما من دعاة الحرب والتطرف والإرهاب فهي أعمال دخيلة على ثقافتهم.. بل أن هذه الجرائم لم تشهد مثلها أي دولة في العالم خصوصا جريمة مستشفى العرضي التي طالت مرضى وأطباء وأطفالاٍ يأتي بعد هذه الجريمة استهداف الجوامع بأشد صور البشاعة المستنسخة من ما يجري في العراق وهي بشعة الأسلوب والتخطيط لكن الأخطر هو اتهامات القوى السياسية لبعضها البعض بأنها وراء هذا الإرهاب وهذا تحول خطير باتجاه الانجرار إلى مربع العنف والعنف المضاد بين أبناء البلد والدين والمجتمع الواحد المعهود بتعايش كل مذاهبه وأطيافه الفكرية والسياسية..
أما المصادر التي صنعت فكر تلك الجماعات الإرهابية حتى وصلت إلى المساجد كما ذكرت لك سابقا أن ذلك استنساخ لما يجري في العراق كون  اليمن تحيطه مؤامرات دولية وصراع دولي من اجل المصالح وما يجري في الوطن العربي العراق وسوريا وليبيا ومصر هو مخطط واحد ومشروع واحد ونفس المنتج.. والأدل على هذا ما تتعرض له اليمن اليوم من عدوان غاشم وظالم من قبل الجارة السعودية..
•  على ذكر ارتفاع مؤشر الجرائم.. وأنتم ترأسون المؤسسة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر.. ماذا عن واقع الجريمة في ظل الظروف آنفة الذكر ¿!
– بالنسبة لمؤشر جرائم الاتجار بالبشر هناك تزايد كبير وتحديات أكبر وفي نفس الوقت هناك جهود كبيرة تبذلها المؤسسة والجهات المعنية في الأجهزة الأمنية التي تعمل بمهنية عالية وسط جحيم السياسة والصراع السلطوي وهو ما يعني تحقيق أقصى ما يمكن تحقيقه من مكافحة ومقاومة هذه الظاهرة للحد من جرائم الاتجار بالبشر.. وأود الإشارة إلى أنه من خلال علاقات المؤسسة بالحقوقيين والأجهزة الأمنية هناك أحاديث عن تزايد في مؤشر جريمة الاتجار بالبشر قد تصل إلى خمسة آلاف حالة.. والمؤسسة تبذل مع الأجهزة الأمنية جل جهودها لضبط المزيد من هذه الحالات والجرائم..
•  ماذا عن الجانب الضبطي ما هي أوجه جرائم الاتجار بالأعضاء البشرية..¿! وكم عدد الحالات التي تم ضبطها..¿!
– هناك أوجه متعددة لجرائم الاتجار بالبشر وأشكال متنوعة فهناك سوق متخفية تشتري الأعضاء البشرية إما برضا أصحابها نظراٍ للفقر الشديد أو بدون رضاهم حيث يتم تهريبهم وقتلهم وبيع أعضائهم البشرية في الخارج.. أما كيف يتم ذلك فهناك وسائل وطرق متعددة كالتهريب والاستدراج دون علم الضحية أو بالمفاوضة مقابل المال الكثير فمثلاٍ في تاريخ 24/6/2010م تم إلقاء القبض على متهم بالاتجار بالأعضاء البشرية واعترف انه قام بتسفير (200) حالة إلى دول مختلفة تم استغلالهم وشراء أعضائهم منهم أو من العصابات التي تنتهج هذه الجرائم .. كما أن المعلومات الصادرة عن الأجهزة الأمنية تؤكد أن1650 حالة متاجرة بأعضاء بشرية سجلت وضبط معظمها..
أما عدد قضايا الاتجار بالأعضاء البشرية المضبوطة في اليمن فقد بلغ خلال (سبتمبر 2009م حتى مطلع العام 2014م) نحو (90) قضية تقريباٍ تم القبض على (70) متهماٍ فيها و(12) فاراٍ كمطلوبين.. وتم إحالة (6) قضايا للقضاء ولم يصدر حكم قضائي يعاقب المتهمين بسبب عدم وجود قانون أو أحكام بالبراءة وخلال هذا العام أعلنت الأجهزة الأمنية عن إلقاء القبض على متهمين اثنين..
وتم القبض على عصابة متخصصة في الاتجار بالأعضاء البشرية في محافظة عمران بداية هذا الشهر وهم رهن التحقيق وربما العدد اكبر بكثير من هذه الأرقام نظراٍ لغياب الدولة والأجهزة المختصة التي لا تستطيع أن تؤدي واجبها كذلك المنظمات لا تستطيع الرصد الدقيق لهذه الحالات بسبب الأوضاع الأمنية وكذلك شحة الموارد المالية..
أخيراٍ
• كلمة أخيرة تودون قولها…¿!
– الكلمة الأخيرة هي أنني أدعو كل أبناء اليمن وفي مقدمتهم القوى السياسية وصناع القرار إلى أن يحكموا العقل والمنطق ويدركوا أن ما يجري في اليمن هو صراع دولي من اجل الهيمنة والمصالح وليس حبا في اليمن وعلينا أن نوحد صفوفنا جميعا لمواجهة الإرهاب الذي سيقضي علينا جميعا وسيقضي على الأخضر واليابس وان نفتح صفحة جديدة ونتصالح مصالحة وطنية شاملة دون استثناء لأي يمني مصالحة سياسية لننهي الصراع السياسي..
وما يتعلق بالعدوان السعودي ومن يتحالف ومعهم على اليمن فنحن كحقوقيين وكمؤسسة وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر ندين ونستنكر بأشد العبارات ما يجري في اليمن من جرائم جماعية ضد الإنسانية في استهداف المدنيين ومخيمات النازحين من خلال قصف مستمر وحصار بري وبحري وجوي إلى درجة عدم السماح للمنظمات الإنسانية للإغاثة الوصول إلى اليمن إن هذه جرائم إبادة جماعية وتستخدم كل أنواع الأسلحة المتطورة والمحرمة دولياٍ ضد الشعب اليمني ودون أي مبرر أو مستند قانوني أو منطقي أو عقلي..

قد يعجبك ايضا