أدان جريمة إعدام الطيار الأردني حـرقـاوأكد تنافيها مع قيم الإنسانية والعدل


■ د.عويس: الإسلام دين الرحمة كفـــــــــــــل حقوق الأسرى حتى من غير المسلمين

أدان فضيلة الشيخ الدكتور محمد محمد عويس –رئيس بعثة الأزهر الشريف- الجريمة البشعة التي ارتكبها تنظيم ما يسمى الدولة الإسلامية من إعدام الأسير الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقاٍ بالنار مؤكداٍ أن هذه الجريمة فوق حرمتها تعتبر تصرفاٍ خالياٍ من الرحمة والإنسانية ومن أي قيم العدالة التي جاء بها الإسلام الحنيف وأوضحها نبي الرحمة المهداة محمد بن عبدالله الصادق الأمين عليه وعلى آله أفضل الصلوات والتسليم.

وأشار الدكتور عويس في حديث للثورة إلى أنه لم يسبق في التاريخ مثل هذا التمثيل أو التعذيب لأي أسير حتى لو كان من غير المسلمين فما بالك عندما يكون الأسير مسلماٍ ينطق بالشهادتين موضحاٍ أن لا مصلحة يجنيها الإسلام من أفعال كهذه يرتكبها من يرفعون اسمه ويدعون انتسابهم له فيما أفعالهم بعيدة كل البعد عن تعاليمه السمحة ومبادئه النبيلة بل إنهم يشوهون صورته ويهدون أعداءه فرصة ثمينة للنيل منه ومن أبنائه.
وبين عويس في حديثه أن ديننا الإسلامي هو دين رحمة وعدل وأخوة في الدين وأخوة في الإنسانية حين قال تعالى في محكم التنزيل: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين).
وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما أنا الرحمة المهداة) وديننا الإسلامي حدد حقوق الأسرى رغم عدم إسلامهم وأكد أن في مقدمة الحقوق التي حفظها الإسلام للأسرى هو المعاملة الحسنة وهذه المعاملة الحسنة للأسير كما يقول عويس تتمثل في الرفق به وعدم إيذائه والمحافظة على كرامتي والعفو عنه ومعالجته من أمراضه إذا مرض.
يدل على ذلك قول الحق تبارك وتعالى في سورة الإنسان (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناٍ ويتيماٍ وأسيراٍ).
فجعل مولانا من صفات الأبرار المتقين.
أحكام الأسير:
ورسولنا صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر في العام الثاني الهجري أمر صحابته الكرام أن يكرموا الأسير فأوصى خيراٍ بالأسارى رغم عدم إيمانهم ولم يؤثر عن صحابة النبي صلى الله عليه وسلم أنهم آذوا أسيراٍ أو عذبوه بل كان صحابة النبي صلى عليه وسلم يقدمون الأسرى على أنفسهم في الطعام رحمة به.
وبالإضافة إلى هذا كفل الإسلام حق الأسير في الكسوة حيث أوجب كسوة الأسير وستر عورته.
وقد عنون الإمام البخاري –رحمه الله- في صحيحه باباٍ سماه (باب الكسوة للأسارى).
وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من حديث جابر بن عبدالله – رضي الله عنهما- أنه يوم بدر أتى بالأسارى وأتى بالعباس ولم يكن عليه ثوب فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم _ فوجد قميص عبدالله بن أبي يضيق عليه فكساه إياه.
كما روي أنه صلى الله عليه وسلم فكساه بعض الأسرى من ملابسه
ومن الحقوق التي حفظها الإسلام للأسير يقول الدكتور عويس إنه لايجوز شرعاٍ إكراه الأسير على اعتناق الإسلام, ولم يعرف عن الصحب الكرام كذلك ويدل على ذلك أن تمامة بن أثال سيد بني حنيفة _ جيء به أسيراٍ, فربط بسارية المسجد, فجاء إليه الرسول صلى الله عليه وسلم
فقال له: ما عندك يا ثمامة¿
فقال: عندي يا محمد خيراٍ, إن تقتل تقتل ذا دم,
أي استحق القتل, لأني قتلت من المسلمين, وإن تنعم تنعم على شاكر, وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ماشئت, فتركة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ثلاثة أيام, وفي كل يوم يأتي إليه ويسأله هذه الأسئلة, ويجيبه (ثمانية) يمثل إجابتي تلك, وبعد اليوم الثالث أمر بفك أسره, فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل , ثم جاء إلى النبي _ صلى عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله, وأن محمداٍ رسول الله _ صلى الله عليه وسلم.
ثم قال والله ما كان على الأرض أبغض إلى من دينك, فأصبح دينك أحب الدين كله إلى, وما كان على الأرض أبغض إلي من وجهك فأصبح وجهك أحب الوجوه إلي, والله ما كان من بلدُ أبغض إلي من بلدك , فأصبح بلدك أحب البلاد إلي, وأنا أريد العمرة, فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم _ وأمره أن يعتمر, فلما قدم مكة, قال له قائل :قد صبوت فقال: لا, ولكني أسلمت مع رسول الله _- صلى عليه وسلم فتأملوا رعاكم الله يا أمة الإسلام.
وما كان ذلك ليحصل لو لا توفيق الله تعالى, ثم المعاملة الحسنة التي لقيها _ ثمانية _ من الحبيب صلى الله عليه وسلم.
ويؤكد الدكتور عويس أن التمثيل بالأسرى منهي عند شرعاٍ مبيناٍ أنه قد ورد النهي عن الإعدام حرقاٍ, وجاء النهي عن ذلك في أكثر من موضع في السنة النبوية فعن ابن مسعود _ رضي الله عنه _ قال:-كنا مع النبي _ صلى الله عليه وسلم _ فمررنا بقرب النمل قد أحرقت , وغضب النبي _ صلى الله عليه وسلم
فقال :- إنه لا ينبغي لبشرُ أن يعذب بعذاب الله تعالى.
مؤكداٍ أن وجه الدلالة في هذا الحديث هي عدم جواز تعذيب إنسان أو حيوان أو طير بالحرق.
كما نهي الإسلام أيضاٍ عن تعذيب الأسير ببتر أعضائه , أو حرق أطرافه وغير ذلك.
وقد قال صلى الله عليه وسلم _ لعمر بن الخطاب _ رضي الله عنه حين عرض عليه أن ينزع ثنيتي سهل بن عمر حتى يندلع لسانه, لا: ياعمر لاأمثل به فيمثل الله بي ولو كنت نبياٍ.
وجه الدلالة: دل هذا الحديث على عدم جواز التمثيل أو تعذيب الأسير.
وجاء النهي عن الحرق أيضاٍ, في قوله – صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا بالنار فإنه لا يعذب بالنار إلا ربها.
ورسو لنا صلى الله وعليه وسلم _ عند ما رأى يهود بني قريظة _ موقوفين في العراء وقت الظهيرة, فقال مخاطباٍ المسلمين المكلفين بحراستهم
(لاتجمعوا عليهم حر الشمس, وحر السلاح, واسقوهم حتى يبردوا ويضيف عويس : وهذا أبو بكر الصديق – رضي الله عنه عندما جاءه مندوب يبشره ومعه (صرة) ففتح أبو بكر رضي الله عنه – الصرة فوجد فيها رأس إنسان مقتول, فاستعاذ بالله وقال للمندوب الذي أرسله قائداٍ للجيش ماهذا¿
قالوا : يا خليفة رسول الله إن عدونا يفعلون بنا مثل هذا, فارس والروم إذا قتل أحد من قادتنا يبعثون برأسه إلى ملكهما وامبراطورهم أو قائدهم يبشرونه بهذا الأمر, فنحن نعاملهم بالمثل, فقال أبو بكر – رضي الله عنه أتستنان بالفرس والروم نستن بهم أنتخذهم أساتذة فنجعلهم أسوة لنا والله لا يحمل إلي رأس بعد اليوم.

قد يعجبك ايضا