الأمم المتحدة تؤكد أن طرفي النزاع بجنوب السودان ارتكبا مجازر خلفت آلاف القتلى

تسبب النزاع الذي يشهده جنوب السودان منذ أكثر من عام في مقتل عشرات آلاف القتلى خصوصا في مناطق الشمال حسب إحصاءات الأمم المتحدة.
وأعلن مسؤول كبير في الأمم المتحدة أمس الاول اثر عودته من زيارة لجنوب السودان ان النزاع الذي يشهده هذا البلد منذ أكثر من عام خلف على الأرجح عشرات آلاف القتلى وخصوصا في مناطق الشمال.
وصرح مساعد الأمين العام للأمم المتحدة المكلف حقوق الإنسان ايفان سيمونوفيتش للصحافيين “يصعب إعطاء رقم محدد لكننا نتحدث بالتأكيد عن آلاف (القتلى) وعلى الأرجح عن عشرات الآلاف”.
وأوضح ان الحصيلة الأكبر هي “في المدن التي تبدلت السيطرة عليها مرارا” مثل بنتيو وملاكال (شمال) وجونقلي وعموما في ولايتي الوحدة (شمال) وأعالي النيل (شمال شرق).
ولفت إلى ان بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان تتولى في هذه المناطق حماية اكبر عدد من المدنيين في مخيماتها وبينهم خمسون الفا في بنتيو وثلاثون الفا في جوبا وعشرون الفا في ملاكال.
وشدد سيمونوفيتش على ضرورة ان تتضمن اتفاقات السلام المحتملة تدابير لمحاسبة المسؤولين عن انتهاكات عديدة ارتكبها طرفا النزاع.
لكنه لاحظ ان من الصعوبة بمكان حاليا ضمان حماية الشهود في ظل نظام قضائي محلي ضعيف جدا: إذ ليس هناك سوى مائة إلى مائتي قاض في كل إنحاء البلاد ومدعيين فقط في ولاية شرق الاستوائية (جنوب شرق).
ومنذ ديسمبر 2013م يشهد جنوب السودان حربا أهلية تخللتها مجازر اتنية وتسببت بأزمة إنسانية خطيرة.
من جهة أخرى انتهك وقف إطلاق النار الهش في جنوب السودان مرة جديدة أمس حيث اتهمت الحكومة المتمردين بقصف مدينة بنتيو النفطية ووعدت بالرد على ذلك.
يأتي استئناف الأعمال الحربية غداة مؤتمر للمانحين في العاصمة الكينية نيروبي طلبت الأمم المتحدة خلاله 1,8 مليار دولار لمساعدة البلاد التي وصلت إلى حافة المجاعة لكنها جمعت 529 مليون دولار كوعود هبات.
والمواجهات استؤنفت في بنتيو المدينة النفطية الواقعة في شمال البلاد واحد محاور النزاع الذي يشهده جنوب السودان منذ ديسمبر 2013م. ولجأ إليها حوالي 53 ألف مدني منذ شهر في قاعدة تابعة للأمم المتحدة. وقال وزير الدفاع في جنوب السودان كول مانيانغ لوكالة الصحافة الفرنسية: ان “المتمردين يقصفون مواقعنا في بنتيو” بالمدفعية.
وأضاف: “هذا انتهاك لاتفاق وقف الأعمال الحربية وسنتصرف بموجب الدفاع عن النفس”. وأكد عمال إغاثة في بنتيو (شمال) القصف قائلين انهم نزلوا إلى الملاجئ لبعض الوقت. وبضغط من المجموعة الدولية وقع الرئيس سلفا كير ونائبه السابق رياك مشار في مطلع فبراير سابع وقف لإطلاق النار يعلن خلال سنة.

وكانت كل اتفاقات الهدنة السابقة انتهكت بعد ساعات او أيام من إعلانها. واندلع القتال في جنوب السودان في ديسمبر 2013م حين اتهم الرئيس كير نائبه الذي أقاله مشار بمحاولة انقلاب.
وأدى القتال في العاصمة جوبا إلى مجازر في مختلف أنحاء البلاد. ولا يزال القتال مستمرا بين القوات الموالية لكير والمتمردين الموالين لمشار رغم اتفاقات عدة لوقف إطلاق نار.
وأعلنت الأمم المتحدة أمس الاول ان أكثر من نصف عدد سكان البلاد البالغ 12 مليون نسمة بحاجة إلى مساعدة. وتستقبل الأمم المتحدة مائة ألف مدني لجأوا إلى مخيماتها هربا من أعمال القتل والمعارك.
وتأتي موجة العنف الأخيرة غداة تعهد الدول المانحة تقديم 529 مليون دولار مساعدات فيما اعتبرت الأمم المتحدة ان أكثر من 2,5 مليون شخص على حافة المجاعة. وخلال مؤتمر المانحين في نيروبي امس الاول وجهت دعوات إلى الطرفين لإنهاء النزاع الدموي بينهما.
وقالت منسقة الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري أموس: ان على “زعماء جنوب السودان ان يظهروا لشعبهم والعالم انهم ملتزمون بتحقيق السلام”. من جهتها أكدت وزارة الخارجية الأمريكية مجددا ان المساعدة لا يمكن ان تكون الحل الوحيد للنزاع. وقالت: ان “الأطراف المتحاربة تتحمل كامل المسؤولية عن هذه الأزمة ومعاناة مواطنيها في جنوب السودان” داعية قادة البلاد إلى “القيام بالتسويات اللازمة للتوصل إلى اتفاق نهائي”. وكانت الولايات المتحدة إحدى ابرز الجهات الداعمة لجوبا في سعيها إلى الاستقلال عن الخرطوم في 2011م.
وحدد كير وزعيم المتمردين مشار الخامس من مارس مهلة نهائية للتوصل إلى اتفاق سلام نهائي إلا انه تم في السابق تجاهل مهل نهائية أخرى رغم التهديد بفرض عقوبات. ومن المرتقب ان تبدأ الجولة التالية من محادثات السلام المتعثرة بين الطرفين في 19 فبراير تحت اشراف الهيئة الحكومية لتنمية شرق إفريقيا (ايغاد) في العاصمة الإثيوبية اديس ابابا.
ولم تعلن أية حصيلة رسمية لعدد الضحايا منذ بدء القتال. لكن مصادر متطابقة أشارت إلى سقوط عشرات آلاف القتلى. وتسببت المعارك بتشريد حوالي مليوني شخص ونزح قرابة 500 ألف شخص إلى الدول المجاورة. وقالت اموس امس الاول بعد عودتها من زيارة استغرقت يومين إلى جنوب السودان انها شهدت بنفسها “الدمار الذي يعم” كل مكان و”مستوى المعاناة غير المعقول”. وأضافت: “لقد كان للنزاع تأثير مدمر على جنوب السودان لكن إذا لم يحل السلام بسرعة فستكون للنزاع تداعيات إقليمية واسعة”.

قد يعجبك ايضا