مر عامان على اللقاء الأول الذي جمعنا مع فاتنة بحر العرب والمحيط الهندي أعجوبة العالم في التنوع الطبيعي النادر جزيرة الأحلام أرخبيل سقطرى وهاهو اللقاء يتجدد ومن الطبيعي أن يتجدد فمن يزور هذه الجزيرة حتماٍ لايفارقها إلا بعد أن يتعهد أمام نفسه أن يعاود الكرة مرة أخرى حتى يصبر نفسه على هذا الفراق , هاهي الزيارة تتكرر وربما تأخرت عما كنا قد تعهدنا به أمام أنفسنا ولكننا سعداء بهذا الالتقاء الحميمي الذي حرصنا أن ننفذه مع عدد من الزملاء وبجهود ذاتية باستثناء الطيران الذي تكفلت به قيادة القوات الجوية ممثلة باللواء الطيار راشد الجند قائد القوات الجوية والدفاع الجوي الذي نقدر تعاونه في تأمين انتقالنا من وإلى الجزيرة .
في الثلاثة الأيام الأولى من هذه الزيارة التي تستمر قرابة أسبوع زرنا فيها العديد من المواقع السياحية في هذه الجزيرة مترامية الأطراف التي تبلغ مساحتها ( 3660) كم2 والتي تتناثر فيها مواطن السياحة والجمال لتغطي معظم مساحتها الواسعة وبالتالي يصعب على أي زائر الإلمام بكل معالم ومواقع الجزيرة أو حتى معظمها ويحتاج إلى الكثير من الوقت وحتى الجهد للإلمام بتلك المواقع التي يحتاج البعض منها إلى جهد كبير للوصول إليها مشيا على الأقدام يستمر لساعات من الزمن .
فضاء واسع
هذا الثراء السياحي في هذه الجزيرة الممتد على ذلك الفضاء الواسع والمساحات الشاسعة يحتاج إلى جهود كبيرة ومضنية لتوفير الحماية والرعاية لتلك المواقع وزوارها وهذا يحتاج إلى تكاتف كافة الجهات المعنية في الجزيرة التي أصبحت محافظة مستقلة بعد أن كانت تابعة لمحافظة حضرموت , وهنا يقول العقيد الركن محمد علي الصوفي رئيس أركان اللواء الأول مشاة بحري المكلف بحماية الجزيرة أن هناك تعاوناٍ وتنسيقاٍ بين الأمن والقوات المسلحة ممثلة باللواء الأول مشاة من أجل حماية المواقع السياحية وزوارها كون الجزيرة بحاجة إلى تكامل الجهود لتوفير الحماية والأمان لهذه المواقع , وأشار إلى أن وجود أفراد من اللواء بجوار بعض المواقع السياحية يجعلها تحت مسؤوليتهم , وأشاد العقيد الصوفي بحرص أبناء الجزيرة على جزيرتهم وحسن تعاملهم مع زوارها سواء القادمين من المحافظات اليمنية الأخرى أو الأجانب وهو ما يجعل الجزيرة أبرز المقاصد السياحية في البلد .
وهنا لابد من تقديم الشكر لقيادة اللواء الأول مشاة بحري ممثلة بالعقيد الركن محمد الصوفي على تعاونها معنا ومع الزملاء الذين كانوا معنا في الرحلة .
رمال من الذهب
من المواقع التي زرناها محمية تطواح التي تعد أبرز المزارات السياحية والتي لا يمكن لأي سائح أن يصل إلى الجزيرة عدم زيارتها فهذه المحمية الفاتنة عبارة عن شاطئ كبير وواسع ممتد على مسافة طويلة تصل إلى ثلاثة كيلومترات كلها رمال بيضاء ناعمة , فضاءات واسعة من الجمال تختلط فيها زرقة البحر وبياض الرمال التي تحتل البحر إلى مسافات بعيدة لتشكل متنفساٍ ومكاناٍ آمناٍ لكل من يريد الاستمتاع بالسباحة وحتى الغوص, بيد أن هذا الساحل الكبير والجميل والذي يشكل أبرز متنفسات الجزيرة يفتقر إلى أبسط الاحتياجات من الخدمات بما فيها الحمامات باستثناء حمامين شعبيين قام الأهالي ببنائهما ولكنهما متواجدان في منطقة واحدة في مكان يبعد كثيرا على السياح القادمين إليها من قلنسية بمحاذاة الساحل وننتظر من الأهالي أن يعملوا على بناء المزيد من الحمامات بينما الدولة لم تقدم لهذا الساحل الجميل أي شيء , ويقول العقيد الركن صالح محمد الهميمي قائد المنطقة الغربية التابعة للواء الأول مشاة المتواجد جوار هذه المحمية إن ساحل تطواح يحظى باهتمام وإعجاب الكثير من السياح الذين يرغب الكثير منهم في التخييم فيه إلا أن عدم توفر الخدمات يمثل أبرز العوائق التي تقف أمامهم .
وأشار العقيد الهميمي إلى أن الكثير من السياح وتحديدا الخليجيين وحتى يمنيين يرغبون في الاستثمار في هذا الساحل الجميل وإقامة منتزهات أو شاليهات ولكن الخلافات بين من تملكوا الأراضي الصالحة للاستثمار تجعلهم يصرفوا النظر عن رغبتهم بالاستثمار .
مشاريع استثمارية
وعلى ذكر الاستثمار فهناك أحد المستثمرين من إحدى دول الخليج يعتزم إقامة فندق على الطريق المؤدي بين المطار وعاصمة الجزيرة مدينة حديبو مطل على البحر مباشرة وعلى الشريط الساحلي بالإضافة إلى فندق آخر قريب من المباني الحكومية المتواجدة على مدخل مدينة حديبو ونتمنى أن تكون الجهات المعنية مدركة أن مثل هذه المشروعات لا تؤثر على القيمة البيئية لهذه الجزيرة النادرة , فضلا عن وجود أكوام من النفايات والأوساخ على مدخل مدينة حديبو في منظر يسيء إلى الجزيرة وسكانها .
حكاية البركة العجيبة
في الطريق التي تربط مدينة حديبو بمدينة قلنسية توجد الكثير من المواقع السياحية أبرزها موري وأيضا قرية غبة حيث توجد بركة كبيرة عميقة جدا في تلك القرية والجميل أن أطفال تلك القرية يستطيعون السباحة وبمهارة عالية جدا تدهش كل الزوار والسياح ,ويقول أهالي القرية إن هذه البركة تكونت نتيجة نيزك سقط من السماء وخلف هذه البركة التي لا نهاية لها ولم يستطع أحد الوصول إلى قاعتها ولهذا يعتبر الأهالي هذه البركة بلا عمق ,ومن المناطق التي نمر عليها ونحن متجهين إلى قلنسية وهي ذات مناطق سياحية بامتياز ( قاضب – نوجهر – ذي حم – علامة – سلمهوا – قدامة ) .
وبجوار حديبو العاصمة استمتعنا كثيرا بتلك الواحة من الجمال الآسر لبحيرة تزينها أشجار النخيل في وادي سرهين وهو من الأماكن التي تستوقف كل السياح القادمين إلى سقطرى دون استثناء ,وفعلا مكان في غاية الروعة والجمال خاصة في ساعات الصباح الأولى .
ولا تنتهي عجائب وغرائب هذه الجزيرة التي لا يستطيع الكتاب والصحفيون أن يوفونها حقها مهما كتبوا وسردوا ووصفوا واستخدموا عبارات المدح والغزل فهي جزيرة تفوق كل الخيال .
مشاريع في الاتصالات
ويقول أحد العاملين في الإرشاد السياحي فؤاد حسين الشحيري :إن الكثير من السياح يتفاجأون من أن جزيرة مثل سقطرى لا تتوفر لها الخدمات السياحية في الكثير من المواقع السياحية منها الفنادق والمتنزهات التي تفتقر إليها الجزيرة وتتركز الخدمات والفنادق في العاصمة حديبو .
ومن المؤسف أن خدمة الانترنت لا تزال محدودة جدا بالجزيرة ومع أنها تتركز في حديبو العاصمة إلا أنها بطيئة جدا كما أن خدمة (الثري جي) غير متاحة بالجزيرة وهنا يقول الأخ اسكندر محمد ثاني نائب مدير الاتصالات في محافظة أرخبيل سقطرى إن سبب عدم إدخال خدمة الثري جي أنها مكلفة وفي نفس الوقت ضيق الباند الفضائي أو نطاق التراسل كون اتصالات سقطرى مرتبطة بالأقمار الصناعية والدولة حريصة على أن تكون سقطرى مرتبطة ببقية المحافظات رغم أن التكلفة عالية وتعد مكالمات دولية داخل الجمهورية والمؤسسة العامة للاتصالات تتحمل تكاليفها لتوفير الخدمة وربط الجزيرة بالعالم الخارجي .
وكشف المهندس اسكندر عن مشروع توسعة خدمية للإنترنت والاتصالات في الجزيرة والتي من خلالها تستطيع المؤسسة وشركة يمن موبايل إدخال خدمة الثري جي إلى الجزير ويتم حاليا العمل على تنفيذ مشروع ربط الألياف الضوئية من العاصمة حديبو إلى مدينة قلنسية وذلك للتخلص من الانقطاعات في الاتصالات التي تحدث خلال موسم الرياح وكذلك تزويد المناطق بكبائن الاتصالات الريفية.
مواعيد طيران غير منتظمة
وتبدو الجزيرة في أبهى وأجمل صورها هذه الأيام, فالخضرة تنتشر في كل مكان والجبال يكسوها بساط أخضر جميل يسر الناظرين كما أن الطقس يميل إلى الاعتدال ونسمات ريحه الخفيفة تداعب الأحاسيس والمشاعر .
وكان الأخ رضوان مبارك علي صاحب إحدى الوكالات السياحية قد أورد ملحوظة سياحية هامة حول طيران السعيدة وعدم التزامها أحيانا بمواعيد الطيران المحددة الأمر الذي يسبب استياء وتذمرا للكثير من السياح الذين يؤدي تأخر الرحلات من سقطرى إلى عرقلة رحلاتهم الخارجية .
وأشار رضوان إلى أن السعيدة ألغت أربع رحلات متتالية من الشارقة إلى سقطرى الأمر الذي أدى إلى أن الكثير من السياح قاموا بإلغاء حجوزاتهم إلى سقطرى سواء في تلك الرحلات أو رحلات بعدها نظرا لإحساسهم بعدم الثقة في مواعيد الطيران وكل هذا يؤثر على الحركة السياحية إلى سقطرى .