أولويات تجديد الخطاب الديني

المقصود بالخطاب الديني الإسلامي كل ما يطرحه العلماء والدعاة إلى الإسلام من طرق وأساليب مثل : الخطبة والمحاضرة والدرس والخاطرة والندوة والمقال والحديث الإذاعي والدورات التدريبية ومناهج التعليم المختلفة..
ويمكن اختصار كل ذلك في عبارة ” كيفية الدعوة إلى الإسلام”.
أما المقصود بتجديد الخطاب الديني فهو: تنقيته من الشوائب حتى تبلغ دعوة الإسلام إلى الناس بالطرق السلمية والأساليب الحكيمة ومن هذه الشوائب ما يلي:
1- مخاطبة الناس بما لا يفهمون ففي الحديث “أمرت أن أخاطب الناس على قدر عقولهم “فعلى الداعية أن يتأنق في أسلوبه مع خاصة الناس ويتوسط مع أوساطهم ويتنزل مع العامة والبسطاء.
2- مخاطبة الناس بما لا يناسبهم من الموضوعات يقول العلامة محمد الغزالي – رحمة الله – ” أرأيت إلى واعظ ذهب إلى قوم كاد الفقر يهلكهم والجوع يقتلهم فأخذ يحذرهم من أضرار الإسراف والتبذير.
أو ذهب إلى قوم كسالى يجرون أقدامهم على الأرض في كسل واسترخاء فأخذ يحذرهم من الدنيا والواقع أن القوم متبلدون لا يطلبون الدنيا ولا يطلبون الآخرة أو واعظ ذهب إلى السجن ليلقي درسا على المساجين فأخذ يوصيهم بالعدل بين الزوجات.
والذي يقرأ القرآن الكريم يجد أن الأنبياء السابقين كانوا يخاطبون أقوامهم بما يناسبهم ويهتمون بقضايا مجتمعاتهم.
3- الأحاديث الموضوعية والمرويات الغربية التي لا أصل لها يجب أن يحذرها الدعاة والقرآن الكريم وصحيح السنة فيهما الكفاية لمن أراد الهداية.
4- عدم إنزال الأحكام منازلها مثل ذلك:
أ- أن يرفع الأمر بالسواك إلى درجة الأمر بالصلاة فيقع في الغلو والتشدد أو ينزل بالأمر بالصلاة إلى درجة الأمر بالسواك فيقع في التفريط والتأهل وهو غلة في الدين أيضا.
ب- أن يرفع المكروه إلى درجة الحرام أو ينزل بالواجب إلى درجة المندوب.
5- عدم مراعاة عوامل التأثير في الناس عند توجيه الخطاب الإسلامي وعوامل التأثير كثيرة منها:
أ- المزواجة في الخطاب بين العقل والقلب. قال تعالى: “أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة” فالحكمة هي الأدلة العقلية المقنعة فالمقنعة التي لا يتطرق إلى صحتها شك.
والموعظة الحسنة هي الحكمة الطيبة التي تدخل إلى القلب برفق وتلامس المشاعر بلطف فتفعل فيها فعل السهام بلا أقوس ولا وتر فالداعية إلى الإسلام يخاطب العقل والوجدان معا.
ب- حرارة العاطفة لأن ما خرج من القلب وصل إلى القلب وما خرج من اللسان تعدى الأذان.
ج – أن تكون انفعالاته ونبرات صوته موافقة للمعنى الذي يتحدث عنه فبفرح في موضع الفرح ويحزن في موضع الحزن ويعجب في موضع الدهشة وهكذا.
6- ومن سلبيات الخطاب الديني استخدام لغة التبكيت والتأنيب فهذا يخالف قول الله تعالى” وقولوا للناس حسنا”.
7- التقدم الهدام ومحاربة الوسائل الحديثة التي يمكن أن تخدم الدعوة من خلالها دون الاستفادة منها.
8- اختزل الإسلام كله في بعض جوانبه وهذا ظلم فادح وفاضح في الوقت نفسه فالأسف يوجد على الساحة من يرى الإسلام نقابا ولحية وتحريما للغناء والموسيقى بإطلاق وما شابه ذلك من مسائل الخلاف وكأنه اتخذ من فقه الفروع أساسا لدعوة الإسلام وشر البلية ما يضحك.
هذه بعض الشوائب التي تشوب الخطاب الديني الإسلامي لذلك ندعو إلى تجديده بمعنى تخليصه من هذه الشوائب من أجل تحقيق هذه الأهداف:
1- تحقيق التدين الإيجابي والفهم الصحيح للإسلام.
2- حماية المجتمع من عوامل التمزق والفرقة.
3- مواجهة الدعوات الهدامة المناوئة للإسلام.
4- مواكبة قضايا العصر ومنها:
أ- الأمن ب- الوحدة ج-التنمية د- المساواة والإخاء
روى أبو داوود أن النبي صلى الله عليه وسلم – قال “إن الله يبعث على رأس كل مائة سنة من يجدد للأمة دينها”
والمقصود تجديد تدينها بمعنى رد الأمة إلى الصواب كلما ابتعدت عنه وتقويم الواقع على ضوء الكتاب والسنة.

عضو بعثة الأزهر الشريف *

قد يعجبك ايضا