باريس / أ ف ب
قامت اجهزة مكافحة الارهاب الفرنسية امس بتفكيك شبكة تقوم بإرسال جهاديين الى سوريا واوقفت حوالى 10 اشخاص لا سيما في منطقة تولوز (جنوب) والنورماندي (غرب) ومنطقة باريس على ما افادت مصادر في الشرطة.
ونفذت الاعتقالات قوات مديرية مكافحة الارهاب في الشرطة القضائية الفرنسية وعناصر وحدة “ريد” وهي وحدة نخبة في الشرطة بمساعدة قوات اخرى من الشرطة.
واوضح المصدر ان العملية شملت بين 10 و15 هدفا نتيجة تحقيق لمديرية مكافحة الارهاب استغرق اشهرا اثر تلقي معلومات افادت عن احتمال مغادرة شخص الى سوريا.
ولم يعرف عدد الموقوفين ولا خلفياتهم.
وواجهت فرنسا خلال العام الجاري ارتفاعا كبيرا في عدد الشبان الذين توجهوا للقتال في سوريا والعراق وهم يشكلون خطرا في حال عودتهم مع احتمال تنفيذهم اعمال عنف.
وارتفع عدد طالبي الجهاد في سوريا باكثر من 80 % منذ يناير بحسب ما افاد وزير الداخلية الفرنسي برنار كازنوف مؤخرا.
وبحسب الارقام الرسمية هناك اكثر من 400 فرنسي في سوريا. كما ابدى اكثر من مائتين آخرين عن نية في الرحيل وعاد حوالي 120 فيما هناك نحو مائتين في طريقهم الى سوريا وخمسين قتلوا هناك بحسب معلومات رسمية.
فمع ضلوع اكثر من الف من رعاياها وانضمام حوالى 400 شاب فرنسي الى صفوف الحركات الجهادية في سوريا او العراق وعودة 118 الى فرنسا ومقتل 51 في معارك او هجمات انتحارية باتت فرنسا الى جانب بلجيكا في الخط الاول للدول الغربية على مستوى عدد المتطوعين المنضمين الى تنظيم “داعش”.
وبالرغم من تطبيق فرنسا تشريعات تعتبر من الاكثر قمعا في العالم وتم تشديدها في نوفمبر مع اضافة امكانية سحب جواز السفر من مشتبه به تستمر موجة المغادرة للانضمام الى الجهاد.
واوضح الرئيس الاسبق لقسم مكافحة الارهاب في الاستخبارات الداخلية الفرنسية لوي كابريولي ان “اسباب تعرض فرنسا بشكل خاص لهذه الظاهرة هي من جهة بقاء شبكات فيها كانت ارسلت الكثير من المتطوعين لمقاتلة الاميركيين في العراق منذ 2003م”.
وتابع من جهة اخرى: “التفسير الآخر قد يكون على الارجح عمل حركة التبليغ للدعوة الاسلامية الناشطة جدا في في المدن والضواحي الفرنسية منذ منتصف التسعينيات. هذه الجهود لاعادة ابناء المهاجرين الى الاسلام بدات تثمر الآن. وبالرغم من العدد الكبير لمعتنقي الاسلام الذين يغادرون من اجل الجهاد ونحن نتحدث عن 20 الى 25 % بالاجمال فإن الاعتناق يتم في اغلب الاحيان نتيجة تقارب مع افراد تمت اسلمتهم ضمن مجتمع المهاجرين”.
واضاف: “في جميع الاحوال ليس هناك تفسير واحد لدوافع التوجه الى الجهاد بل مجموعة عناصر. واحد هؤلاء النوعية العالية الاستثنائية لوسائل التواصل التي يعتمدها تنظيم “داعش” والتي تتقن بالكامل جميع وسائط الانترنت”.
ويواجه الراغبين في العودة من الجهاد في سوريا والعراق مخاوف من التتعبات القضائية بعد ان اكتشفوا حقيقة التنظيمات المتطرفة.
وأوردت صحيفة لوفيغارو الفرنسية على موقعها اعتماداٍ على شهادات لمحامين وقانونيين وأمنيين أن العشرات من الفرنسيين الذين تحولوا إلى سوريا والعراق للالتحاق بتنظيم “داعش” اتصلوا بمحامين ومتخصصين قانونيين إما مباشرة أو عن طريق توكيلات لتأمين عودتهم هرباٍ من التنظيم المتطرف وبحثاٍ عن تفاهمات مع السلطات القضائية في باريس لتفادي عقوبات مشددة.
وترى الصحيفة ان حياة الترف والسهولة المتوفرة في الغرب مقارنة بحياة القرون الوسطى التي يفرضها تنظيم “داعش” على مجنديه من الأسباب الأساسية في هذه الرغبة الجديدة والمتزايدة بين الجهاديين الفرنسيين.
وبدل ان تشجع السلطات الفرنسية الجهاديين على العودة والعمل على تاهيلهم للعودة الى الحياة الاجتماعية تكتفي تكتفي السلطات حسب لوفيغارو بالطلب من التائبين عن الجهاد في صفوف داعش بالقول “تواصلوا مع القنصلية الفرنسية في اربيل أو اسطنبول”.
وباستثناء ذلك تتخبط السلطات الفرنسية بسبب غياب التعريف القانوني والتشريعي للتائبين من الإرهابين ذلك أنه يوجد وضع خاص بالتائبين في مجالات كثيرة مثل تهريب المخدرات والجرائم المنظمة أو غيرها ما يسمح بتخفيف العقوبة وضمان بعض الحقوق لكن في جرائم الإرهاب لم يضع المشرع الفرنسي أي تصور أو سيناريو يمكن على أساس العمل والتصرف.
وتؤكد الصحيفة أن الأغلبية الساحقة من الفرنسيين في سوريا والعراق يمكنهم الإفادة من المرونة ومن مزايا التوبة لما يمكن أن يقدموه من معلومات ثمينة للمخابرات الفرنسية والأجنبية على غرار المخابرات البريطانية التي تتعامل بطريقة إيجابية مع التائبين العائدين إلى لندن إلى درجة أن بعض الفرنسيين يفكرون في التوجه إلى بريطاينا من سوريا والعراق وليس فرنسا للإفادة من المعاملة الخاصة التي توفرها المخابرات البريطانية الخارجية.
وتنهي الصحيفة تقريرها بالقول: “إن المعلومات التي توفرت للمخابرات الفرنسية والبريطانية من الأهمية بمكان ما يطرح اليوم جدياٍ فكرة مطاردة المقاتلين الأكثر تطرفاٍ وتشدداٍ بين الأوروبيين في سوريا والعراق لتصفيتهم قبل العودة إلى دولهم وهي فكرة تشق طريقها على ما يبدو وسط دوائر المخابرات وبين أصحاب القرار بفضل ما يمكن للتائبين العائدين من توفيره من معلومات لا تقدر بثمن”.