بكلمات موجزة عبر أحد البرلمانيين في جلسة يوم أمس بمجلس النواب في خضم نقاشات برنامج الحكومة عن الإشكالية والحل بالقول: إن الإشكالية يمكن حلها بالاستقرار الأمني والسياسي والحد من الصراعات التي تستهدف موارد الدولة وتؤدي الى هدرها والعبث بها.
من وجهة نظر هذا البرلماني وغيره من أعضاء المجلس ويشاطرهم الرأي الكثير من الخبراء فان البرنامج الحكومي لا يعني شيئاٍ إذا لم يتوفر الامن والاستقرار والعوامل المساعدة لتنمية الموارد وتوسيع هيكل الاقتصاد الوطني.
ويبدو أن الحكومة التي قدمت مؤخرا برنامجها العام للبرلمان أمام مفترق طرق لتنمية الموارد العامة وانتشال البلد من وضعية اقتصادية وتنموية صعبة.
يمر اليمن في مرحلة صعبة وحرجه تتطلب حكومة قوية ودعم جميع الدول المانحة وتهيئة الظروف والأجواء المناسبة للبحث عن الحلول الهادفة لزيادة الدخل والتعامل مع الاحتياجات التمويلية وتنمية الاقتصاد الوطني وتفعيل برامج مكافحة الفقر والبطالة بسياسات حديثة مختلفة عن البرامج والاستراتيجيات السابقة التي لم تحدث أي أثر بهذا الخصوص.
وبحسب مسؤول دولي في صنعاء فان هناك العديد من الاسباب التي ادت الى وصول اليمن الى هذه الوضعية منها انخفاض اسعار النفط وتأثيره على الوضع الاقتصادي والهجمات المتكررة على انابيب النفط والغاز وتدهور الوضع الامني والذي اثر سلبا على الجانب الاقتصادي حيث اثر ذلك على تراجع ايرادات مطار صنعاء وميناء الحديدة باعتبارهما احدى الموارد الهامة في اليمن.
مشيرا إلى انخفاض مستوى الاعمال والدخل بنسبة 40 % وتكبد الحكومة الكثير من الخسائر جراء ذلك بالإضافة الى عدم الاستقرار السياسي والأمني وتأثيره على الموارد والتعهدات الخارجية المتاحة لليمن لأن لدى المانحين شك في مقدرة المؤسسات الحكومية على ادارة هذه الموارد والتعهدات اذا ما استمرت هذه الأوضاع في البلاد.
معالجات
يضع خبراء العديد من الحلول لمعالجة العجز المالي وتوسيع الموارد العامة بدون الأضرار بمشاريع التنمية الاقتصادية وبمحدودي الدخل .
وأهم هذه الحلول في نظر الخبراء تتمثل في شفافية الانفاق الحكومي باعتباره الحل الامثل لمعالجة العجز المالي وكذا تطبيق سياسة اصلاحات اقتصادية صارمة للحد من الفساد وهدر المال العام .
وأمام الحكومة العديد من الخيارات لمعالجة الاختلالات المالية والإدارية ووضع الاجراءات اللازمة لتهيئة بيئة مناسبة لإنجاح برامج الإصلاحات الاقتصادية التي تشجع على تدفق التمويلات الخارجية لمشاريع التنمية الاقتصادية واستقطاب الاستثمارات المحلية والأجنبية وتنمية الموارد الضريبية والجمركية.
ويرى الخبير الاقتصادي الدكتور محمد يحيي الرفيق ان الحكومة يجب ان تركز في برنامجها على الجوانب التي تهيئ بيئة اعمال آمنة لنمو الاستثمارات وتوسيع هيكل الاقتصاد الوطني من خلال الموارد المتاحة الضريبية والجمركية واستغلال الموانئ والثروات الطبيعية .
ويؤكد الدكتور محمد أن السياسات النقدية والمالية تشكل إحدى الأدوات الفعالة التي تسخرها العديد من الدول مع بعض الأدوات والوسائل لتحقيق التنمية الاقتصادية حيث لا يتم تطوير النظم الائتمانية والنقدية وتطوير الرقابة على عرض النقود واستخدامه مع الائتمان في ظروف الاستقرار النقدي المحلي إلا من خلال السياسات النقدية والمالية وتتناول السياسة النقدية المسائل بإدارة ومراقبة عرض النقود واستخدامها في التداول سواء كانت نقوداٍ ائتمانية أو قانونية مع مراقبة الصرف الأجنبي تحقيقا لغايات معينة ويعالج إصدار العملة الرسمية أو النقود القانونية عن طريق التمويل بالعجز في الميزانية العامة كوسيلة من وسائل السياسة المالية.
تأثير
تختلف وجهات النظر حول اثر زيادة الإنفاق الحكومي على مستوى النمو الاقتصادي للدولة حيث انه في ظل تدني مستوى الادخار والاستثمار فإن العجز في الميزانية يؤدي إلى تدهور الحساب الجاري وبالتالي يؤثر سلبا على مستوى النمو الاقتصادي.
ويشدد الدكتور الرفيق في هذا الخصوص على أن ضعف الاقتصاد اليمني في القدرة على السيطرة والتحكم في العجز المالي للحكومة من أهم المشاكل الاقتصادية حيث تزايد حجم العجز منذ منتصف الثمانينيات وحتى الآن .
ويرى أن هناك الكثير من الفرص لإصلاح العديد من الاختلالات تتطلب جدية وإرادة وهناك كما يقول فرص لمكافحة الفساد واصلاح الادارة المعنية بالنشاط الاقتصادي وتنمية الموارد .
ويقول خبراء كذلك ان الحكومة اذا كانت غير قادرة على اجراء اصلاحات اقتصادية ومالية قد تكون اكيد قادرة على إجراء اصلاحات ادارية وتنفذ برامج اصلاحية بمفهوم الحكم الرشيد واحداث نوع من التطور والتحسن في هذه الادارات وبالتالي يتحسن معها الموارد والتقليص من النفقات ومحاربة الفساد.
إصلاحات
يدعو البنك الدولي في نفس السياق الى أهمية إجراء المزيد من الإصلاحات اللازمة في اليمن لتحسين نظام الإدارة المالية العامة لدعم النمو واستيعاب الموارد المتاحة بشكل أكثر فاعلية بالإضافة إلى تطبيق القوانين الضريبية وتعزيز الجهات الايرادية ومصلحة الجمارك بشكل كبير وشفافية تنفيذ الميزانية دون تدخلات اجتهادية وإقامة آليات فعالة للرقابة الداخلية تعتبر جوانب رئيسية ينبغي التركيز عليها خلال الفترة القادمة.
وعلى الرغم من تحسن آليات وأساليب الشراء والتعاقد لكنها بحسب خبراء البنك الدولي تحتاج الى مزيد من الاهتمام كون الفساد لايزال مستشرياٍ بصورة كبيرة .
ويرى ثمة حاجة الى اصلاح شامل لنظام الحكم لتمكين الخدمة المدنية في اليمن من أداء المهام الرئيسية وتقديم الخدمات على نحو فعال ويتطلب ذلك تعزيز المؤسسات الرئيسية في القطاع العام وكذا السياسات والإجراءات والقدرات على المستوى المحلي والمحافظة على المستوى المركزي مع العمل على اتخاذ خطوات عملية نحو تحسين تقديم الخدمات وضمان مزيد من المشاركة والسماع لصوت المواطنين المعنيين في الحكم المحلي .
ويعتبر استعادة وتسريع النمو الاقتصادي في اليمن امرا اساسيا على المدى القصير ويمثل شرطاٍ لتحقيق التنمية البشرية على المدى الطويل.
ويشير خبراء الى أن اليمن يحتاج للتغلب على سجل النمو البطيء بنسبة لاتزيد عن 3 % الذي ظلت تحرزه خلال العقد الماضي وذلك لتلبية الطلب على العمالة المربحة خاصة في اوساط الشباب وكذا لمعالجة مستويات الفقر العالية.
ويرى البنك الدولي ان خلق فرص عمل وزيادة الدخل المعيشي لليمنيين العاطلين يعتبر أمراٍ اساسيا خلال الفترة الانتقالية والفترة التي تليها حيث ينبغي ان تركز الاصلاحات على التدابير التي من شأنها خلق فرص اقتصادية وتعزز القدرة على المنافسة وتسهل الاستثمارات المربحة .
ويشدد على أن النمو السريع يتطلب بعض الوقت للتخطيط وتحقيق النتائج لكن ينبغي بمؤازاة ذلك أن تكون الإصلاحات المطلوبة اكثر سهولة لتنفيذها من خلال توفير موارد كبيرة والدعم على المدى القصير.
ويؤكد تقرير حديث للبنك الدولي ان استراتيجية النمو المستدام في اليمن تتطلب تسريع تنمية القطاع الخاص .
ويوضح البنك أن ذلك يمكن ان يتم من خلال تحسين مناخ الأعمال التجارية والاستثمار ومراجعة الأطر التنظيمية وغيرها من الوسائل وخاصة فيما يتعلق بالخدمات .
ويرى ضرورة تنفيذ اجراءات سياسية راسخة لجعل القطاع الخاص في اليمن اكثر قدرة على المنافسة وأقل اعتماداٍ على الدولة ومواردها .
ويرى أن موارد اليمن العامة ستبقى محدودة خلال المستقبل المنظور كما أن قدرات الخدمات الحكومية ستحتاج لوقت اطول كي تتحسن .