انخفاض قيمة الناتج المحلي
الإجمالي بنسبة 9.1 % في 2014م
ارتفاع فجوة الطلب الكلي السالب إلى 12.4 %
قدمت حكومة الكفاءات برنامجها إلى مجلس النواب في ظل ظروف مالية واقتصادية صعبة يعيشها اليمن تجعل عملية التنفيذ لما يتم الالتزام به رهاناٍ يحتاج إلى نوايا صادقة من المكونات السياسية لدعم هذه الحكومة كمصلحة وطنية تقتضي التكاتف للخروج بالوطن إلى بر الأمان وغير ذلك هو مجرد ضحك على الذقون فحتى البطل الخارق في أفلام الأكشن سوبرمان سيقف عاجزا في ظل بيئة مليئة بالمعوقات والصعاب زد على ذلك فرقاء يتبادلون التهم ويكيدون لبعضهم من أجل مصالح ضيقة فهم غير مبالين بشعب يئن من فتك الجوع والفقر.
■ الثورة الاقتصادي/عبدالله الخولاني
نتمنى أن تدرك حكومة الكفاءات أن الاقتصاد هو مفتاح العلل لمشاكل اليمن إذا أرادت النجاح والفوز بثقة المواطن البسيط الذي يبحث عن العيش الكريم وفرصة العمل التي تقيه العوز والحاجة .
فالمؤشرات الاقتصادية التي ذكرتها الحكومة في برنامجها المقدم للمجلس لنيل الثقة يكشف بلغة الأرقام حجم الخسائر التي يتكبدها الاقتصاد الوطني نتيجة الاستهداف لأنابيب النفط وأبراج الكهرباء وعدم نفاذ القانون حيث ترتب على ذلك ما يقارب 1,4 تريليون ريال خلال الفترة 2014-2012م بما نسبته (94 %) من إجمالي العجز الصافي لهذه السنوات هذا إلى جانب ما تكبدته الخزينة العامة من خسائر نتيجة عدم القدرة على إنفاذ القوانين المالية بسبب الانفلات الأمني هذه المبالغ الفلكية كان يمكن استغلالها في عشرات المشاريع التنموية لإحداث نقلة نوعية في مستوى الخدمات ومشاريع البنية التحية لكن إهدارها انعكس سلبا حيث اتسع نطاق الفقر بمفهومه العام إلى (54 %) من إجمالي السكان وتفاقم مشكلة البطالة حيث ارتفعت نسبتها بين الشباب للفئة العمرية (15 – 24) سنة إلى (33.7 %) من إجمالي السكان والانخفاض الكبير في مستوى النشاط الاقتصادي واقتراب الاقتصاد من هوة الركود الاقتصادي حيث أدى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي عام 2011م بما نسبته (15.1 %) وما تلاه من انخفاض معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاث سنوات (2012 – 2014م) في المتوسط إلى (2.82 %) في ظل معدل نمو مرتفع للسكان بلغ (3 %) إلى انخفاض قيمة الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لعام 2014م عن مستواه عام 2010م بما نسبته (9.1 %).
شروط التنمية
أظهرت التجارب الدولية في مجال التنمية أهمية توفر العديد من الشروط والمقومات اللازمة لبلوغ غايات التنمية الحقيقية التي يطمح المجتمع لبلوغها على الأمد الطويل والتي في مقدمتها -كما يطرح الخبير الاقتصادي أحمد حجر- وجود وعي ورغبة حقيقية ليس لدى القيادة السياسية فحسب بل ولدى مختلف القوى السياسية والاقتصادية والاجتماعية الفاعلة بأهمية ونجاعة الأخذ بأسلوب ومنهجية التنمية الحقيقية العادلة والمستدامة في إدارة وتوجيه الشأن الاقتصادي والاجتماعي والسياسي للبلاد وتوفر قاعدة بيانات واقعية وشاملة ومتسقة ومنتظمة تسمح بتحديد مختلف الموارد الاقتصادية المتاحة (بشرية مادية مالية) وخصائصها وتوزيعها ومستوى استغلالها وكذا العوامل الحقيقية التي تحكم مستوى أداء وتطور مختلف الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية الداخلية والخارجية والاختلالات والصعوبات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية… إلخ التي تواجه أو تعيق عملية التنمية وبلوغ غاياتها وأهدافها بالإضافة إلى توفر الشجاعة والمصداقية الكافية لدى متخذي القرار والقوى الفاعلة في المجتمع بالاختلالات والصعوبات والإشكاليات القائمة وبالأخص ما تعلق منها بمستوى معيشة السكان وعدالة توزيع الدخول والثروة ومنافع التنمية ومستوى الخدمات…الخ وإشراك القوى المجتمعية الفاعلة ليس في اتخاذ القرارات بشأنها فحسب بل وفي تشخيصها وتحديد العوامل المسببة لها وتحديد أهداف وغايات للتنمية واضحة ومحددة ومعبرة عن احتياجات المجتمع وتطلعاته المستقبلية في التطور والرفاه وقابلة للقياس وتراعي أولويات المجتمع ومنطقية الترتيب والتكامل والاتساق وكذا السياسات والإجراءات العامة اللازمة لبلوغها وكذلك توفر الموارد البشرية والمادية اللازمة لتنفيذ العمليات والمشاريع اللازمة لبلوغ أهداف التنمية بالكميات والمواصفات المطلوبة وبدرجة أساسية من المصادر المحلية وأن يكون العامل الخارجي عاملاٍ مساعداٍ وإيجابياٍ يتسق مع توجهات وغايات التنمية أيضاٍ.
مؤشرات
من المعلوم أن أبرز سمات التنمية الحقيقية في أي مجتمع هي نقل المجتمع من مستوى معيشي معين إلى مستوى أفضل ورغم أن الجانب الاقتصادي لا يزال دون مستوى الطموح في برنامج الحكومة الذي ركز على الجانب السياسي بشكل كبير إلا أنها قدمت بعض الرؤى لحل المشاكل الاقتصادية وتحسن مستوى المواطن وتنمية الموارد غير النفطية لكنها تواجه صعوبة انخفاض متوسط معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي خلال عامي (2012 و2013م) حيث لا يتجاوز في المتوسط (2.71 %) سنوياٍ أي أقل من معدل نمو السكان السنوي والبالغ (3.01 %) وانخفاض متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي المتاح الحقيقي (حسب أسعار سنة الأساس2005) حيث لا يتجاوز (68374) ريالاٍ يمنياٍ أي ما يوازي (423) دولاراٍ سنوياٍ بانخفاض عن خط الفقر العام الدولي والمقدر بنحو (720) دولاراٍ في السنة بما نسبته (41 %) وزيادة عن خط فقر الغذاء لا تتجاوز (16 %) وارتفاع نسبة السكان تحت خط الفقر العام لتصل عام 2013 إلى ما يقارب (56 %) وكذلك تفشي نسبة البطالة الكاملة وبالأخص الشباب حيث تقدر خلال الثلاث سنوات الأخيرة (2013-2011م) بما يتراوح ما بين (30 % و35 %).
تفاوت
من أبرز التحديات التي يواجها الاقتصاد اليمني التفاوت الكبير في توزيع الدخول والثروة حيث نجد إن (10 %) من السكان الأقل دخلاٍ لا يحصلون سوى على (3 %) من الدخل القومي بينما (10 %) من السكان الأعلى دخلاٍ يستحوذون على ما نسبته (34 %) من الدخل القومي ويتوقع أن يكون الوضع أكبر تفاوتاٍ كما أن التفاوت في توزيع منافع التنمية حيث نجد أن نسبة الأطفال المقيدين في التعليم الأساسي والثانوي تصل في محافظات عدن والأمانة وتعز ولحج إلى (80.9 %) و(73.4 %) و(72.1) و(70.6 %) على التوالي بينما لا تتجاوز في محافظات الجوف وحجة والحديدة وصعدة (28.7 %) و(43.8 %) و(43.1 %) و(46.9 %) على التوالي كما نجد أن عدد الأسرة لكل عشرة آلاف من السكان يتفاوت من محافظة إلى أخرى حيث تصل في محافظات المهرة وعدن وأبين وشبوة إلى ما نسبته (33.8) و(23.8) و(15.7) و(14.1) على التوالي بينما لا تتجاوز في إب والجوف وذمار والحديدة وصنعاء (1.2) و(2.6) و(2.5) و (3.1) على التوالي كما نلاحظ وجود تفاوت واضح في نسبة السكان الذين يحصلون على مياه مأمونة حيث تصل في حضر محافظات عدن وحضرموت ولحج وأبين إلى (98.2 %) و(93.7 %) و(93.2 %) و(92.7 %) على التوالي بينما لا تتجاوز في ريف محافظات الجوف وصعدة وحجة والضالع (0.8 %) و(7.3 %) و(7.6 %) و(10.8 %) على التوالي وكذلك الوضع في خدمات الصرف الصحي.
السكان
الاختلالات الكبيرة في توزيع السكان مقارنة بالمساحة وحجم الموارد الاقتصادية المستغلة من التحديات الاقتصادية الكبيرة حيث نجد في إقليم الجند أن (34.2 %) من إجمالي السكان يعيشون على مساحة لا تزيد نسبتها عن (3.3 %) من إجمالي المساحة بينما في أقليم حضرموت يعيش نحو (8.1 %) من إجمالي السكان على مساحة تصل نسبتها إلى (58.6 %) من إجمالي المساحة بل إن (9 %) من إجمالي السكان يعيشون في الأمانة على مساحة لا تتجاوز نسبتها (0.04) بينما يعيش (0.45 %) من إجمالي السكان في محافظة المهرة على مساحة تصل نسبتها إلى (17.3 %) من إجمالي المساحة أما من حيث الموارد الطبيعية المستغلة فنجد أن إقليمي حضرموت وسبأ واللذين يستحوذان على إنتاج النفط والغاز واللذين يمثلان ما نسبته (23.0 %) من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي كمتوسط سنوي لثلاث سنوات الأخيرة و(85 %) من إجمالي الصادرات و (50 %) من إجمالي موارد الموازنة العامة بينما لا يتجاوز سكان هذين الإقليمين (14.5 %) من إجمالي السكان أما إذا أخذنا في الاعتبار مدى التفاوت في توفر البنى التحتية للاقتصاد فسنجد أنها متوفرة إلى حد ما في أربع مدن هي الأمانة وعدن وتعز وحضرموت وإب أما باقي المحافظات فتكاد لا تذكر وهذا ما تعكسه لنا بيانات الاستثمارات المرخصة حيث تستحوذ في المتوسط على ما نسبته (75 %) من إجمالي الاستثمارات المسجلة في هيئة الاستثمار وفروعها كما أن هناك تباين واضح بين المحافظات حول نوعية الأنشطة الاقتصادية وتوفر عناصر الإنتاج فيها وهذا ما يجعل مستوى وكفاءة إنتاجها دون المستويات الممكنة وهناك ارتفاع واضح ليس في حجم ونسبة فجوة الطلب المحلي الكلي السالبة حيث بلغت نحو (12.4 %) فحسب بل تظهر البيانات وجود فجوة طلب سالبة في حجم ونسبة الإنفاق الاستهلاك النهائي الكلي أيضاٍ تصل إلى ما نسبته (2.2 %) مما يعني أن الناتج المحلي الإجمالي لا يفي حتى بمتطلبات المجتمع الاستهلاكية رغم تدني مستوى معيشة الغالبية العظمى من السكان أما الاستثمار حتى لصيانة الأصول الإنتاجية فيعتمد كلياٍ على التمويل الأجنبي.
اختلالات
الاقتصاد اليمني اقتصاد ريعي يعتمد على الخارج بنسب كبيرة والتي تجاوزت نسبة الانكشاف (69.2 %) ونسبة واردات السلع والخدمات إلى الناتج المحلي (40 %) وتمويل الاستثمارات (100 %) وذلك في ظل محدودية مصادر الاقتصاد الوطني من النقد الأجنبي والتي تحكمها عوامل خارجية غير مستقرة وهذا يعكس مدى الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد القومي من ناحية وأهمية إدارة النقد الأجنبي بدرجة عالية من الكفاءة والرشادة الاقتصادية لدورها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وذلك عبر البنك المركزي وبالتنسيق والتكامل الحقيقي مع السلطة المركزية ومشاركة السلطة المحلية كما أن التراجع الكبير والمستمر في إنتاج النفط الخام المحلي وأسعاره في السوق الدولية في ظل عدم قدرة الأنشطة الاقتصادية الموجهة نحو التصدير على تعويض النقص في عائدات الصادرات النفطية وتزايد حجم اعتماد الاقتصاد الوطني على توفير احتياجاته من المشتقات النفطية خاصة والسلع الأساسية عامة مما يشكل خطورة ليس على عائدات الخزينة العامة من الموارد العامة فحسب بل وعلى عائدات الاقتصاد الوطني من النقد الأجنبي أيضاٍ مما يترتب عليه استنـزاف احتياطيات الجهاز المصرفي وبالأخص البنك المركزي من العملات الأجنبية والانعكاسات الخطيرة لذلك على فاتورة الاستيراد الضرورية وعلى أسعار الصرف وبالتالي معدلات التضخم وصولاٍ إلى انعدام الاستقرار الاقتصادي.