الحديدة تبني مستقبلها الصحي بتوطين 12 تخصصاً طبياً

الثورة نت/ تقرير/ يحيى كرد

في قاعات هيئة مستشفى الثورة العام بمحافظة الحديدة، لم يكن المشهد اليوم الأربعاء، مجرد امتحان أكاديمي، بل كان تجسيدا حيا لإرادة الصمود والتحدي. خلف كل ورقة امتحان جلس طبيب وطبيبة من بين 68 متقدما، حاملين معهم طموحاتهم الشخصية وآمال مجتمع بأكمله يتوق إلى رعاية صحية متكاملة.

هذا الامتحان التنافسي للقبول في برامج الزمالة اليمنية (البورد) والماجستير المهني كان بمثابة إعلان واضح بأن قطاع الصحة في الحديدة يخطو خطوات متسارعة نحو بناء قدراته الذاتية وسد الفجوة التي خلفتها سنوات من الحصار والعدوان.
ويمثل الانتقال من مساقين فقط عند تفعيل فرع المجلس اليمني للاختصاصات الطبية في عام 2019، إلى فتح باب المنافسة في اثني عشر تخصصاً حيويا اليوم، قفزة نوعية بكل المقاييس. فلم تعد المسألة تقتصر على التخصصات الأساسية، بل امتدت لتشمل فروعا جراحية دقيقة ونادرة عانت البلاد من نقص حاد فيها، مثل جراحة المخ والأعصاب، وجراحة الأوعية الدموية، وجراحة المسالك البولية، وهي تخصصات ترتبط بشكل مباشر بمعالجة الحالات المعقدة وإصابات الحرب، مما يمنح هذا الإنجاز بعدا استراتيجيا وإنسانياً عميقا.

إنجاز من رحم المعاناة

لا يمكن قراءة هذا الحدث بمعزل عن السياق الذي تعيشه اليمن. ففي ظل الحصار الذي يلقي بظلاله على كافة القطاعات، يبرز هذا التوسع في التعليم الطبي كرسالة تحد وصمود. وهو ما يؤكده الدكتور محمد قحم العبدلي، المسجل العام لفرع المجلس، الذي يرى أن تحقيق هذا الإنجاز العلمي في ظل ظروف العدوان والحصار، يبعث برسالة قوية حول قدرة القطاع الصحي اليمني على الصمود والنمو.

بناء منظومة متكاملة 

ويضيف العبدلي: أن المجلس لا يهدف فقط إلى منح شهادات، بل يسعى بشكل حثيث للارتقاء بالمستوى العلمي وتحسين خبرات ومهارات العاملين في القطاع الطبي. موضحاً ان هذه الرؤية تعني بناء منظومة متكاملة تبدأ من تأهيل الكوادر وتنتهي بتحسين جودة الخدمة المقدمة للمواطن البسيط. ويشير إلى وجود حراك مستمر لافتتاح المزيد من المساقات التي يحتاجها المجتمع بشدة، مما يؤكد أن الخطة طموحة ومستمرة.

خدمة أفضل للمرضى

لعقود طويلة، كان حلم التخصص العالي يراود الأطباء اليمنيين، لكنه كان يصطدم بعقبات السفر إلى الخارج، وما يعنيه ذلك من تكاليف باهظة، ومشقة الغربة، وصعوبات الحصول على القبول. اليوم، يمثل هذا التوسع “فرصة ذهبية” بكل معنى الكلمة، فهؤلاء الأطباء الشباب يمكنهم الآن تحقيق طموحهم العلمي والأكاديمي وهم بين أهلهم وفي وطنهم، مما يساهم في وقف نزيف هجرة العقول الطبية.

نقلة نوعية 

يصف الدكتور نجيب ملهي، منسق مساق طب الأطفال هذا التطور بأنه مكسب ونقلة نوعية، لافتاً إلى الأهمية القصوى لتخصصات مثل طب الأطفال في محافظة تعاني من ارتفاع معدلات سوء التغذية وأمراض الطفولة.
لافتاً الى ان الأثر الإيجابي لا يتوقف عند الطبيب، بل يمتد مباشرة إلى سرير المريض، فوجود أطباء الدراسات العليا ” البورد والماجستير” داخل المستشفيات يعني توفر كوادر طبية على مدار الساعة، وتقديم رعاية أكثر دقة تحت إشراف نخبة من الاستشاريين.

تعزيز جودة الرعاية الصحية

في السياق توضح الدكتورة حنان بالبيد، منسق ماجستير النساء والولادة، أن أطباء الدراسات العليا يساهمون بشكل فاعل في تقديم الخدمات بالمستشفيات حتى أثناء فترة تدريبهم، مما يعني تعزيز جودة الرعاية الصحية المقدمة للمرضى بشكل مباشر.

رؤية استراتيجية 

يقول الدكتور خالد أحمد سهيل، رئيس فرع المجلس ورئيس هيئة مستشفى الثورة، ان التطور الحاصل في هذا المجال بفضل الدعم المباشر من قيادة وزارة الصحة والمجلس اليمني للاختصاصات الطبية والسلطة المحلية بالمحافظة.

ثمرة ثورة 21 سبتمبر 

وأعتبر الدكتور سهيل أن ما يحدث اليوم هو ثمرة من ثمار ثورة 21 سبتمبر المجيدة، التي وضعت ضمن أولوياتها تأهيل الكادر اليمني. مشيرا الى ان الحديدة في طريقها لتصبح مركزا إقليميا للتعليم الطبي، يخدم أبناء المحافظة، بالإضافة الى استقطاب الأطباء من أنحاء اليمن. مؤكداً إن كل مقعد دراسي يتم إشغاله اليوم، هو لبنة أساسية في بناء مستقبل صحي أكثر استدامة ويؤسس لاكتفاء ذاتي في هذا المجال.

قد يعجبك ايضا