«إسرائيل» تخاف حزب الله الجديد وتستفزه للمواجهة مبكراً
اغتيال القائد طبطبائي.. لماذا لا يعد إنجازا لـ«إسرائيل».. فالرجل ملاحق منذ عقود وبشكل محموم منذ 2016م ولدى العدو وأدواته الإقليمية أرشيف تقني للرجل
تقرير/ إبراهيم الوادعي
أول عملية اغتيال كبيرة من نوعها ينفذها العدو الإسرائيلي منذ توقيع اتفاق وقف اطلاق النار منذ ما يزيد على عام مع لبنان ..
حزب الله نعى قبل يومين القائد الجهادي الكبير السيد هيثم علي الطبطبائي السيد أبو علي مع ثلة من رفاقه المجاهدين، بعملية اغتيال في الضاحية الجنوبية لبيروت.
صباح الأحد العدو الإسرائيلي استهدف بأربعة صواريخ أطلقتها مسيَّرة صهيونية الطابق الرابع والخامس في أحد البنايات السكنية بالضاحية الجنوبية لبيروت.
العدوان استدعى إدانات واسعة من فصائل المقاومة الفلسطينية ودول محور المقاومة على رأسها اليمن، حيث أكد المكتب السياسي لأنصار الله في بيانه «ما شجع العدو الصهيوني على التمادي في عدوانه وغطرسته بحق فلسطين ولبنان وفتح شهيته على المنطقة بكلها هو تخاذل الأنظمة العربية وانخراط بعضها في التآمر مع العدو ضد حركات الجهاد والمقاومة وضد أي صوت مناهض للهيمنة الإسرائيلية والأمريكية على الأمة».
وهذا ما أغرى العدو الصهيوني ومن ورائه الأمريكي ودفع به للتمادي وتجاوز الخطوط الحمراء، والعمل على فرض وتوسيع معادلة الاستباحة وفرض واقع على الأمة تكون فيه الغلبة للعدو الإسرائيلي وتكون المنطقة برمتها في عين عاصفة المخطط الصهيوأمريكي، ومشروع «إسرائيل الكبرى» وما يسمى بالشرق الأوسط الجديد.
وأضاف: إن المقاومة الإسلامية في لبنان والتي تنهل من معين الإيمان، وتجود بالأرواح والدماء، وهي تمضي في مراكمة قدرات الردع بكل صبر وثبات، وتقتفي أثر القادة الشهداء قطعا ستنتصر مهما كان التآمر عليها.
ومهما توهم العدو الإسرائيلي أنه قد حقق نجاحا في هذه العملية أو تلك فإنه يعيش الوهم ويشرب السراب فأيامه عدد، وجمعه بدد، ومصيره إلى زوال.
ومن هنا تحديدا في هذا البيان يبدو المحور على متابعة دقيقة لمسار ترميم حزب الله لقدراته ما بعد معركة أولي البأس والانكشاف الكبير الذي سبق المعركة.
في بطاقة تعريف بالشهيد السيد أبو علي قال حزب الله -إن الشهيد تولى مسؤولية القيادة العسكرية في المُقاومة الإسلاميّة بعد معركة أولي البأس، وكان من القادة الجهاديين الكبار الذين أداروا وأشرفوا على عمليّات المُقاومة الإسلاميّة خلال معركة أولي البأس عام 2024، وتوّلى مسؤولية ركن العمليات في المُقاومة الإسلاميّة خلال معركة طوفان الأقصى، وأوكلت إليه مهام قيادية عليا على مستوى محور المُقاومة في مختلف ساحاته، وكان من القادة الجهاديين الذين خططوا وأداروا العمليّات ضد الجماعات التكفيرية على حدود لبنان الشرقية.
ومن هذه النقطة تحديدا يمكن الاطمئنان إلى أن حزب الله ما بعد استشهاد السيد حسن نصر الله بات معميا بالكامل على العدو الإسرائيلي والطرف الأمريكي والعربي المتواطئ معه.
لم يعلن العدو الإسرائيلي عن اغتيال قادة محوريين ممن تعينوا حديثا في مفاصل ومفارز المقاومة الإسلامية، ولم يكونوا معروفين في السابق للعدو أو للأطراف المتواطئة معه..
استهداف القائد الجهادي السيد هيثم الطبطبائي قد يكون تم بوسائل تقنية لمن توفر للعدو عنهم أرشيف بصمة صوتية، وهذا ما تمت ملاحظته في الاغتيالات الأخيرة التي طالت كوادر وعناصر في حزب الله، واغتيال القادة المعروفين للعدو خلال القترة السابقة منذ الاختراق الكبير وارد ونجاح الحزب في التعمية عليهم خلال القترة القادمة أو مددا أطول يعد إنجازا في وجه التحالف الاستخباري الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية لاستئصال شأفة المقاومة اللبنانية وبمساعدة أجهزة استخبارات غربية وعربية للأسف..
هل سيذهب حزب الله إلى رد ؟..
هذا هو السؤال المحوري الذي يدور في الخلد بعد انتهاء مراسم التشييع للشهيد الكبير ورفاقه الشهد في الضاحية الجنوبية، وطرح منذ اللحظة الأولى للعدوان على الضاحية الجنوبية ..
ويعزز هذا الطرح حالة التخاذل والعجز الذي تعيشه الدولة اللبنانية والوضع الخياني الذي تتموضع فيه حكومة لبنان برئاسة نواف سلام والهوان أمام عجرفة وإهانات المبعوث الأمريكي إلى سوريا توم براك..
باعتقادي فإن حزب الله ومن واقع بيانه لن يذهب إلى رد، يهدد هدفه الكبير وهو استعادة معادلة الردع مع العدو الإسرائيلي
يريد العدو الإسرائيلي جر حزب الله إلى حرب، لا تكون في صالحه وهو لم يكمل بعد تعافيه وترميم قدراته..
صمت حزب الله الإيجابي عن الخروقات الإسرائيلية التي بلغت نحو 3 آلاف خرق، والاستهدافات التي أودت بحياة نحو 300 شهيد في جنوب لبنان مردها أن الحزب يراكم قدراته ويعمل سريعا للوصول إلى الهدف.. هدف تخشاه إسرائيل، وتعبر في كل مناسبة عن كون استعادة حزب الله لقدراته يعني ذهاب كل الإنجازات..
الضربة الأخيرة المؤلمة في الضاحية، وقبلها الضربة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين أكدت وجود قلق صهيوني حقيقي تجاه الوضع في لبنان لجهة حزب الله أو المقاومة الفلسطينية التي ترمم نفسها أيضا..
لبنان تحت الرماد يستعد.. ضربة هنا أو هناك يمكن امتصاصها..
والرد الكبير.. آت تدركه إسرائيل
الذهاب إسرائيليا إلى حرب في الوقت الحالي قد يعين مفاجآت لم تتنبأ بها إسرائيل، وحدوث شيء من تلك سيبدد صورة الزهو الأمريكي الصهيوني بعد عمليتي البيجر واللاسلكي وإنجازات الأيام العشرة.
.. من المؤكد أن حزب الله استعد جيدا.. ويريد الثأر ولدى مقاتليه وبيئته الطاقة الكاملة والرغبة المتوقدة والثأر لدماء شهيد الإسلام والإنسانية سيد المجاهدين السيد حسن نصر الله، وإنهاء حالة الغرور الصهيوني.. لديهم الخبرة الكاملة، ويعملون لذلك ليل نهار.
يدرك العدو ذلك.. ويخشى العدو كل ذلك، ويريد إخراج الخطر إلى سطح الأرض بدل أن يظل كامنا يفاجأ به..
يريد العدو الإسرائيلي وضعا ما بين الحرب واللاحرب، شبيهة بحرب الإسناد التي خاضها الحزب على مدى عامين قبل معركة البأس الشديد.. الذهاب إلى حرب سيعني خوض غمار معركة برية أثبتت عجزه في مواجهة حزب الله من دون قياده، فكيف بالوضع الآن وقد صار جل قيادة حزب الله خفية بالنسبة إلى العدو..
يدرك الحزب ذلك.. وسيفضل أن يسرع في المقابل من جهوده للوصول إلى لحظة القتال الحقيقي واستعادة معادلة الردع..
وقد لا تتوقف الأمور عند استعادة معادلة الردع، فالأحداث من غزة إلى اليمن وعلى مستوى المنطقة أظهرت أن كل الاحتمالات وارده بما فيها تبدل الجغرافيا السياسية للمنطقة، والتي ستؤدي حتما إلى سقوط آخر الأسوار لحماية إسرائيل، بعد أن حيدت قوة الأساطيل البحرية التي حضرت في بداية الطوفان لإخافة المنطقة، وتحولت بعد عامين إلى مجال للتندر وقد تحول إلى متاحف تحكي حقبة غرب شمسها..
الأحداث مفتوحة على كل الصعد.. وإذا ما اندلعت الحرب في لبنان فلن يكون حزب الله الجديد خطر فحسب على الكيان الإسرائيلي، بل سيكون له أشقاء أوفياء في ميدان المعركة الذي لن يقتصر على حدود لبنان، والمفاجآت التي لم تظهر ستكون في متناوله تبعا لاحتياجات الميدان..
وتفاخر العدو بالوصول إلى رجل تلاحقه الاستخبارات الأمريكية والصهيونية والسعودية منذ عقود وبشكل محموم منذ 15 عاما وبات لديها أرشيفا تقنيا له تراكم على مدى كل تلك السنوات وخصوصا في سوريا ليس إنجازا..
«إسرائيل» قله.. وعليها أن تقلق.. فالأسد الذي حاولت التخلص منه.. جرح فقط وهو يتعافى بل وتتعاظم قوته على امتداد ميادين المواجهة من باب المندب إلى مضيق هرمز فشمال فلسطين المحتلة وجوار القدس.
