
سرعان ما تحولت قضية تبرئة قاتل الشاب الأسود مايكل بروان في ضاحية فيرغسون إلى قضية رأي عام أميركي زلزلت الولايات المتحدة الأميركية لأول مرة في تاريخها الحديث وذلك بتضامن سواد الشعب الأميركي مع هكذا حدث وضع البلاد على صعيد صفيح ساخن.
حيث شهدت العديد من المدن الأميركية لليوم الثاني على التوالي مظاهرات احتجاجية ضد قرار لجنة المحلفين بتبرئة ضابط الشرطة الأبيض الذي أقدم على قتل الشاب الأسود الأعزل في فيرغسون بمدينة سانت لويس من أغسطس الماضي وامتدت هذه الاحتجاجات الغاضبة إلى إحدى عشرة مدينة أميركية من سياتل في الغرب إلى نيويورك في الشرق وتخللها أعمال شغب وتدمير للمنشآت وإحراق المحلات التجارية أدت في مجملها إلى حدوث مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين حيث اضطرت السلطات الأميركية إلى نشر أكثر من 2200 من قوات الحرس الوطني وقوات من الشرطة والأمن بهدف حماية الأرواح والممتلكات وسط استياء واضح من خروج المظاهرات عن طابعها السلمي مما حمل الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى التنديد بهذه الأعمال الخارجة عن القانون والتي تستوجب معاقبة مرتكبيها.
وأكد أوباما أن كل من يدمر الممتلكات في أحداث شغب للاحتجاج على قرار هيئة محلفين عليا في ميزوري يجب أن يقدم للمحاكمة وحث الأميركيين الذين أغضبهم قرار المحكمة على العمل معا لتحسين العلاقات بين الطوائف العرقية.
وأضاف أوباما في كلمة ألقاها في شيكاغو أمس أن “إحراق المباني وإضرام النار في السيارات وتدمير الممتلكات وتعريض الناس للخطر.. أعمال تخريبية ولا توجد ذريعة تبررها.. تلك أعمال جنائية ويجب أن يقدم الأشخاص للمحاكمة إذا تورطوا في أعمال جنائية.”
وقال لأولئك الذين يعتقدون أن ما حدث في فيرغسون هو ذريعة للعنف “لا اشعر بأي تعاطف معكم عن تدميركم لمجتمعاتكم.”
وقال أوباما انه يتعاطف مع هذه المجتمعات. وانه أصدر تعليمات إلى وزير العدل اريك هولدر لعقد اجتماعات اقليمية بين زعماء المجتمعات وسلطات إنفاذ القانون في أرجاء الولايات المتحدة لدراسة سبل لبناء الثقة.
ومضى قائلا “الاحباطات التي شاهدناها لا تتعلق فقط بحادث بعينه.. أنها لها جذرو عميقة في مجتمعات كثيرة من الملونين الذين لديهم أحساس بأن قوانيننا لا يجري دائما إنفاذها بطريقة موحدة أو منصفة.”
ويعلق الأعضاء السود بالكونجرس الأميركي والناشطون المحليون آمالهم في العدالة على تحقيق تجريه حاليا وزارة العدل الأميركية بشان ما إذا كان ويلسون قد انتهك حقوق براون المدنية من خلال إفراط في استخدام القوة وما إذا كانت شرطة فيرغسون قد انتهكت بشكل ممنهج حقوق الأفراد من خلال القوة المفرطة أو التمييز.
وأعلن حاكم ميزوري (وسط الولايات المتحدة) جاي نكسون أن عدد العسكريين التابعين للحرس الوطني في فيرغسون التي تشهد توترا عرقيا سوف يتضاعف ثلاث مرات موضحا أن هذه القوات ستلعب دورا كبيرا.
وقال الحاكم خلال مؤتمر صحافي غداة قرار هيئة محلفين عدم ملاحقة شرطي أبيض قتل في التاسع من أغسطس شابا اسود “سوف ينتشر بالإجمال 2200 من الحرس الوطني في المنطقة. يجب حماية الأرواح والممتلكات. هذه المجموعات تستحق السلام”.
وأضاف أن “وجود الحرس الوطني سوف يتعزز بشكل كبير في فيرغسون كي يكونوا على استعداد للتحرك سريعا لمنع أعمال العنف”.
وسوف ينتشر العسكريون خصوصا في أماكن رئيسية مثل مركز شرطة المدينة وضاحية سانت لويس التي يبلغ عدد سكانها 21 ألف نسمة.
وانتشر ليل الاثنين الثلاثاء 700 عسكري من الحرس الوطني في فيرغسون حيث تعرضت متاجر لإضرام النار ونهبت ابنية بعد الإعلان عن قرار هيئة محلفين بعدم ملاحقة الشرطي دارين ولسون.
وكانت الحادثة التي وقعت في التاسع من أغسطس الماضي قد أدت إلى اندلاع أعمال عنف استمرت لعدة أسابيع.
وكانت نسبة كبيرة من الأميركيين الأفارقة تطالب بتوجيه تهمة القتل العمد إلى الشرطي ويلسون ولكن قرار لجنة المحلفين يعني انه لن يواجه أي تهم جنائية.
وهاجم محامو أسرة الشاب براون قرار اللجنة ووصفوه بأنه غير عادل.
وكان الموقف في فيرغسون هادئا بشكل عام معظم نهار أمس الأول رغم قيام المحتجين بإغلاق أحد الطرق الرئيسية في قلب مدينة سانت لويس لبرهة وجيزة وتنظيمهم لتجمعات واعتصامات خارج مبنى المحكمة الاتحادية في المدينة.
ولكن ما إن حل المساء حتى بدأت حدة التوتر في الارتفاع فقد أضرم المحتجون النار في سيارة للشرطة حاولوا قلبها وبدأت الشرطة بإخلاء الشوارع واعتقال عدد من المتظاهرين.
وفي نيويورك أغلق محتجون لفترة قصيرة جسر بروكلين كما أوقفوا سير المركبات في عدد من الشوارع.
كما شهدت مدن اتلانتا ويوستن ولوس انجليس مظاهرات احتجاجية.
وأقام محتجون اعتصاما خارج مكتب عمدة مدينة شيكاغو.
وفي مدينة مينيابوليس بولاية منيسوتا حاولت سيارة دهس محتجين كانوا يغلقون أحد الشوارع في المدينة مما أدى إلى إصابة شخص واحد.