تشكيل الحكومة خطوة مفصلية باتجاه الاستحقاقات الوطنية الأهم


●الملف الأمني واستعادة النفس المؤسسي للمجريات الوظيفية للدولة وملف الاستحقاقات الأهم في ما تبقى من محطات استكمال التسوية السياسية اليمنية كصياغة الدستور والإعداد للاستفتاء عليه ومن بعد ذلك الانتخابات البرلمانية والرئاسية والملف الاقتصادي ومسارات الالتقاء والافتراق السياسي وسبل ردم الشروخ الخلافية حول القضايا السياسية بين القوى اليمنية والذهاب إلى بناء مؤسسات الدولة.. وغيرها من الملفات الشائكة.
كل هذه الملفات تقف أمام مهمة هي الاصعب لحكومة السلم والشراكة برئاسة الإداري القدير الأستاذ خالد محفوظ بحاح لكن ما الأهم وذو الأولوية القصوى في أجندة الحكومة من هذه الملفات¿ وما التحديات وما الممكنات التي ستعين الحكومة على مهامها…¿ هذه الأسئلة وأسئلة أخرى طرحتها صحيفة الثورة في حوار سريع مع مستشار رئيس الجمهورية رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور فارس السقاف إلى التفاصيل.
● دكتور فارس السقاف .. بداية تقف حكومة السلم والشراكة أمام ملفات صعبة ومهمة وطنية استثنائية.. برأيك ما هي الأولويات القصوى من هذه الملفات¿
أولاٍ نحمد الله أنه تم تجاوز معضلة التعثر في تشكيل الحكومة التي بقت لفترة رهن قضايا خلافية اعاقت خطوات تشكيلها طبقاٍ لاتفاقية السلم والشراكة وصولاٍ إلى التشكيل الحكومي الجديد كخطوة بالغة الأهمية وأود هنا لفت الانتباه إلى أنه لا ينبغي طرح كل الملفات التي تراكمت منذ العام 2011م على طاولة الحكومة الآن وإنما يجب التركيز على الملفات العاجلة والأهم كتثبيت الأمن وتطبيع الحياة واستعادة الدولة لمهامها التي اختفت بعد دخول أنصار الله إلى صنعاء وانتشار اللجان الشعبية إلى عواصم المحافظات الأخرى يأتي بعد ذلك استكمال مجريات الاستحقاقات النهائية من المرحلة الانتقالية من خلال الصياغة النهائية للدستور والاستفتاء عليه والإعداد للانتخابات البرلمانية الرئاسية.. وهذه هي الأهم بل هي خيط الفصل للانتقال من المرحلة الانتقالية إلى المرحلة الشرعية والدستورية التي ستكون محطة للملفات الأخرى, كبناء مؤسسات الدولة والاقتصاد والحكومة المركزية التي ستدير حكومات الأقاليم وفق النظام الاتحادي.

صعوبات وتحديات
● ما يتعلق بالدستور وما تبقى من مراحل إعداد صيغته النهائية.. ما هي الصعوبات التي تكتنف طريقه¿
ليس من السهل أن تجتاز حكومة السلم والشراكة هذه المرحلة بلا صعوبات, فمهمة صياغة الدستور تقف أمامها بعض المشكلات والتحديات والنقاط الخلافية المرحلة من مؤتمر الحوار الوطني الشامل, فمخرجات المؤتمر الذي استمر ما يقرب من 10 أشهر حددت الملامح الرئيسية والخطوت العامة لمسار العمل السياسي في خارطة طريق الحلول, فلجنة الدستور الآن تعمل على الصياغة الفنية والقانونية للدستور وفق محددات مخرجات الحوار الوطني ليخضع الدستور بعد ذلك لقراءة مستفيضة ودقيقة من قبل القوى السياسية اليمنية الممثلة في الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني, وبالتالي من الطبيعي أن تكون هذه الحكومة مشوبة بالنقاشات والخلافات خصوصاٍ عند القضايا المختلف عليها من البداية, مثلاٍ تحديد الأقاليم التي سيتضمنها الدستور, فقد تبرز خلافات حادة تستدعي بعض المعالجات والانزياحات للوضع الذي تلتقي عنده رؤى كل القوى السياسية اليمنية وكذلك مسألة تحديد طبيعة النظام رئاسي أو برلماني, صحيح أنه قد حْسم بالرئاسي لكن هناك خلاف عليه وقد يكون من الممكن أن يتغير بعد دورة أو دورتين حسب اتفاق القوى السياسية إلى نظام برلماني.
● برأيكم ما مدى التأثير الذي سيعكسه الواقع الجديد الذي فرض نفسه على الأرض بعد 2014/9/21م ودخول مكوني الحراك وأنصار الله مسار التسوية على مجريات مرحلة صياغة الدستور.. خصوصاٍ في قضية الـ6 الأقاليم..¿
هذا أمر واقع يتساوق مع ما تم الاتفاق عليه في وثيقة ضمانات القضية الجنوبية ومخرجات الحوار الوطني, وأنت تعلم أن الاتفاق على الستة الأقاليم حينها تم في أجواء مشحونة جداٍ والبعض من مكونات مؤتمر الحوار تحفظ على هذه المرحلة لكن كان الخلاف حول إقليمين أو أكثر وحسم الخلاف لصالح أكثر من إقليمين, أي ستة أقاليم, لكن الواقع الذي فرض نفسه بعد 21 سبتمبر يقود الأمور إلى نقاشات وخلافات حادة لكن تحت مظلة الستة الأقاليم, فقد تحصل انزياحات على مستوى الجغرافيا الإدارية في التقسيم الإداري لخارطة الجمهورية إلى أقاليم وفي أقاليم محددة ويتم الاتفاق بين القوى السياسية المختلفة على هذه الانزياحات وفق معطيات الواقع الذي فرض نفسه.

تثبيت الأمن
● ملفات القاعدة, الجماعات المسلحة من مختلف القوى, عدم الاتساق الواضح بين الأمن والجيش واللجان الشعبية, وغيرها من الملفات الأمنية.. كيف سيتم تجاوز تحديات هذه الملفات من أجل تثبيت الأمن..¿ وماذا على حكومة السلم والشراكة فعله..¿
ما يتعلق بكيفية تجاوز التحديات فيما يتصل بالملف الأمني.. هناك الملحق الأمني لاتفاقية السلم والشراكة فقد رسم خارطة طريق لإعادة الأمن وإنهاء غياب الدولة في بعض المناطق العسكرية ولكن كان هذا الأمر متوقفاٍ على تشكيل الحكومة المتفق عليها في اتفاقية السلم والشراكة .. أما الآن فأمامنا حكومة تم تشكيلها وتولت مهام تنفيذ هذه الاتفاقية فبالتأكيد ستبدأ الخطوات وقد بدأت في الميدان فيما يتعلق برفع ما تبقى من المخيمات التابعة لأنصار الله أمام جامعة صنعاء وهذا مؤشر عملي لكن هناك صعوبات وتحديات تكتنف مهمة تطبيع الحياة وإعادة وجود الدولة التي غابت وأعتقد أن هناك اتفاقاٍ واضحاٍ سيقضي بعمل ما يجب على الحكومة فعله تجاه هذا المشكل, خصوصاٍ والظاهرة تشكل عبئاٍ في المشهد العام خصوصاٍ في المطارات والموانئ وتستدعي سرعة عودة الدولة وفق اتفاق يعزز السلم والشراكة وينهي الصدامات.. وعلى الحكومة الجديدة الحرص في اتفاق كهذا يقضي بالشراكة بين مؤسسات الدولة «الجيش والأمن» واللجان الشعبية على أن لا تكون اللجان الشعبية من فصيل واحد بل من كل القوى السياسية اليمنية ويحدد الاتفاق مهام اللجان وقوامها وإن كان وضع البلد يتطلب بقاءها من عدمه.
فمهمة الحكومة الجديدة تقتضي في المقام الأول إعادة الدولة إلى مهمتها حسب ما نص عليه اتفاق السلم والشراكة وملحقه العسكري اللذين حسما مسألة اللجان الشعبية وزمنها أما ملف الإرهاب فهذا تحد ليس لليمن فحسب بل وللمجتمع الدولي وبالتالي يجب على الحكومة الذهاب إلى حشد الجهود المختلفة لمحاربة الإرهاب ولكن تحت مظلة الدولة بمؤسستيها الأمنية والعسكرية ومن خلفهما اللجان الشعبية ومنظمات المجتمع المدني وكذلك الدعم الإقليمي والدولي.. ولن يتأتى هذا إلا بعد تثبيت عمل مؤسسات الدولة.

تنفيذ مخرجات
الحوار الوطني
● هناك من يتناول اتفاق السلم والشراكة على أنه ألغى المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار.. ما هو ردكم على مثل هذه التناولات وماذا يتوجب على الحكومة الجديدة¿ وما هو دور الإعلام تجاه الحكومة الجديدة¿
هذا التناول وارد في سياق الجدل السياسي وبعض وسائل الإعلام لكن الكل يدرك أن المبادرة الخليجية هي أساس ما وصلنا إليه من محطات التسوية السياسية, وهي أساس مؤتمر الحوار الوطني.. صحيح أن المبادرة وقعت بين طرفي اللقاء المشترك وشركائه والمؤتمر الشعبي العام وحلفائه فقط لكنها حرصت في سياقاتها على أن يكون الحوار الوطني بين كافة مكونات الشعب اليمني, وهذا ما جعل أنصار الله والحراك ضمن هذه المكونات ففرضت هذه المكونات اتساع الوفاق والحلول على أساس المبادرة الخليجية, الأمر الآخر أن الواقع الذي فرض نفسه في اتفاق السلم والشراكة عزز المبادرة الخليجية وأكمل ما كان مغيباٍ فيها الحراك وأنصارالله وكانت مرجعيتها المنصوص عليها في اتفاقية السلم والشراكة أما تنفيذ مخرجات الحوار الوطني فهي أهم ركائز الاتفاقية ومن يقول غير ذلك لا يريد إلا الجدل والمناكفات.
وبالتالي يتوجب على حكومة السلم والشراكة الذهاب إلى العمل التنفيذي الميداني بالاتفاقية ومخرجات الحوار وعدم الالتفات إلى مثل هذه التناولات فالوقت لا يتسع لغير العمل خصوصاٍ في ظل وضع استثنائي تعيشه البلد.
● كيف تنظرون لامتعاض أو اعتراض بعض القوى السياسية على التشكيلة الجديدة¿ وما هي دعوتكم لكافة المكونات¿
بعض القوى السياسية لم تستوعب المتغيرات التي تفرض نفسها على الواقع فدخول أنصار الله والحراك ضمن حقائب الحكومة قلص على الأطراف السياسية حصص الحقائب التي حصلت عليها في حكومة الوفاق الوطني والاعتراض هنا وارد في الحسبان بسبب التمسك بالقسمة السابقة لكن هذا لا يعني أن تسير الأمور الخلافية كما تريد قوة سياسية بعينها فالبلد أمام مرحلة صعبة والقيادة السياسية ممثلة بفخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية حرصت كل الحرص على معايير الكفاءة والعدالة السياسية التي تقضيها هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ اليمن.
وبالتالي, فدعوتنا لكل الأطراف السياسية أن تدرك أن المرحلة لا تحتمل التسويف ومزيداٍ من التعقيدات وأي اعتراض على كفاءات بعض الشخصيات يجب أن يكون مشفوعا بأدلة قانونية ودستورية شريطة أن إجراءاتها خارج عمل الحكومة ومهامها الآنية والهامة وعلى القوى السياسية أن تعي أن تشكيل الحكومة إنجاز كبير وأن التوقف عند نقاط الخلاف سيضيع علينا كثيراٍ من الفرص العملية وكثيراٍ من الوقت وعليهم أن يدعوا الحكومة تعمل وتتحمل مسؤوليتها كي لا تجد كل القوى السياسية نفسها أمام مسؤولية تاريخية وعليها أن تفي بالتزاماتها تجاه دعم الحكومة الجديدة وبرنامجها الوطني.

قد يعجبك ايضا