◄ علماء ودعاة : تقديم طــاعــة الزوج واجبـــة شرعا مـا لــم تكـن فــي معصيــة

■ تحقيق/ أسماء حيدر البزاز –

يتساءل الكثيرون: ما الأبدر والأوجب  والأولى تقديم طاعة الزوج أو الزوجة على الوالدين أم العكس في العرف والشرع¿ وإن عاثت المشاكل الأسرية في الحياة الزوجية وأصبحت العشرة لا تطاق من يضحي بمن ¿ ومتى يقع المحظور ¿ شكاوى لا تنتهي وأسئلة حيرى بيد أرباب أهل العلم .. نتابع .
 

■ تحقيق/ أسماء حيدر البزاز  

 وقفنا على العتبة الأولى من المشكلة , فتحنا الباب وإذا بمشاكل تجرها مآس خيمت على أركان الكثير من البيوت , بعد أن غابت لغة التفاهم والحوار وتلاشى الجو الأسري مذ كانت تكتنفه روح الألفة والود بين أفرادها, فالزوجة تشكو من أهل الزوج وتتهمهم بأنهم سر شقائها وعذابها, والزوج يرى في زوجته ذلك الكيان الضائع المفتعل للصراعات والمشاكل, قليلة الحيلة والتحمل تستعين بأهلها على زوجها وكأن الحياة بينهما صارت حلبة صراع, والأهل الجمهور المشجع لمن الغلبة ولمن النصر¿ بينما آخرون يضعون الخطوط العريضة الحمراء أمام الزوجة حتى لا تتجاوز حدودها على والديه وإن فعلت لكان حل الانفصال حليفها , فهم يقولون : الزوجة ستعوض بينما الوالدان من يعوض مكانهما ¿

 حياة إذلال
نزلنا إلى ميدان الحال والتقينا بعدد من الأسر , حيث أفادتنا أم إسراء 28 عاما مطلقة منذ ثلاث سنوات بالقول : منذ الشهور الأولى من زواجنا وحماتي تصطنع المشاكل وتحرض زوجي عليِ بحجة حبها لولدها وخوفها عليه وتتهمني بالتقصير بحقه وبكوني لا أنفع أن أكون زوجة فحاولت وصبرت على تعليقاتها وأوامرها المهلكة حتى نفد صبري وشكوت لزوجي سوء معاملة أهله لي , وكان دائما في صف أهله ضعيف الشخصية وكما يقولون ( ابن أمه ) ليس له رأي ولا كلمة داخل البيت فاستنجدت بأهلي حتى ينصفوا لي ففار البركان بين الأهل فأصر والدي أن أترك بيت زوجي وأن آخذ أبنائي معي حتى يتعهد زوجي وأهله بعدم مضايقتي ولكن ما هي إلا ثلاثة أيام حتى وصلتني ورقة طلاقي , فقلت الطلاق أهون من حياة الإذلال معه , والحياة ليست متوقفة عنده .
 
حالات طلاق
بينما زوج إسراء يبرر سبب طلاقه لها بكونها تسيء إلى أهله أمام الناس وتستنقص زوجها بكلمات وصفها بأنها إهانة لشخصيته وبكونها لا تراعيه , تشكو حاله لكل قريب وبعيد وتعامله حسب المزاج لا حسب الحقوق والواجبات , وقال : لم أر فيها تلك الزوجة الصالحة الراضية القانعة التي تعين زوجها على مصاعب الحياة وتجهماتها لا أن تكون هي والزمن عليه !!
مريم 40 عاماٍ تزوجت أربع مرات باءت كلها بالفشل سألناها عن سبب ذلك , قالت أهل الزوج في كل مرة هم السبب فتارة تأتي المشاكل من قبل أم الزوج وتارة من قبل أخواته وتارة من قبل زوجات إخوانه وأنا الضحية في النهاية !!
وأضافت : فتيات هذا الجيل لديهن الحق في دعواتهن الصادقة بأن يرتبطن بزوج يتيم الأب والأم حتى يسلمن من القيل والقال والمشاكل طوال العام !!
 
اصطناع المشاكل
عبدالكريم 36 عاما موظف يقول : الزوجة الحقيقية هي التي تحترم زوجها وتحترم أهله وترى فيهم الأم والأب والأخ والأخت , زوجة يعتمد عليها بأن تكون عونا له على طاعة والديه والتحمل من أجله , زوجة هي نعم المشيرة والنصوحة والوفية والمخلصة , رزينة العقل والمنطق حتى يأمن ويطمئن لها في حضوره وغيابه وأن تكون مربية فاضلة لأبنائه , تقدم التنازلات لا لشيء , حتى لتحافظ على بيتها وكيان أسرتها وما دون ذلك فلا بركة فيها ولا صلاح ..  
وقال : كانت تجربة حياتي مؤلمة خاصة بعد أن رزقت بثلاثة أطفال وكنت أصبر وأتحمل لطباع زوجتي الأولى حتى تغير من طباعها واصطناعها للمشاكل مع أسرتي ومعي أنا شخصيا بالرغم من كوني وقد وفرت لها بيتا خاصا حتى أتجنب تلك الخلافات ولكن لا فائدة , فالبعض من الزوجات لو تبني لها قصرا ما زادت إلا تعنتا وكبرا فعزمت النية وقررت الانفصال .
 
 أمر الله
ولبيان هذه المسألة من الناحية الشرعية والدينية يوضح لنا فضيلة الشيخ سلطان الحمادي أن تعاليم الإسلام جاءت مبينة ومؤكدة على تقديم طاعة الزوج   والتِحذير من مْخالِفته والوعيد عليها – ما لم يِرد في حق غيرهº ولهذا قال الإمام أحمد في امرأة لها زوج وأمَ مريضة: «طاعة زِوجها أِوجِب عليها من أمها إلِا أن يِأذِن لها». وروى ابن حبان عن أبي هريرة قال: قال النبي صلِى الله عليه وسلِم: «إذا صلِت المرأةْ خمسِها وصامت شهرها وحِصِنت فرجِها وأطاعت زِوجها قيل لها: ادخْلي الجنِة من أي أبواب الجنِة شئت» ,  وروى ابن ماجه عن عبد الله بن أْبِيُ قال: قال رسول الله صلِى الله عليه وسلِم: «لو كنت آمرٍا أحدٍا أن يِسجْد لغير الله لأمِرتْ المرأة أن تِسجْد لزوجها والذي نفسْ محمد بيده لا تْؤدي المرأة حقِ ربها حتى تْؤديِ حقِ زوجها  وروى أحمد والحاكم عن الحْصين بن محصن: «أن عمِةٍ له أِتِت النبي صلِى الله عليه وسلِم في حاجة ففِرِغت من حاجتها فقال لها النبي صلِى الله عليه وسلِم: «أذاتْ زوج أنت¿» قالت: «نعم» قال: «كيف أنت له¿» قالت: «ما آلْوه -أي: لا أْقصر في حقِه- إلِا ما عِجِزتْ عنه» قال: «فانظْري أين أنت منهº فإنِما هو جنِتْك ونارْك».
 
إذن زوجها
وتابع الحمادي حديثه : وقد جاء عن ابن قْدِامة في «المغني»: «وللزِوج مِنعْها من الخروج من منزله إلِا ما لها منه بْدَ سواء أرادت زيارة والدِيها أو عيادتهما أو حضورِ جنازة أحدهما «لا يِلزِمْها طاعة أبويها في فراق زوجها ولا زيارةُ ونحوها بل طاعة زوجها أحقْ». وقال ابن حجر الهيتمي في «الفتاوى الفقهيِة الكبرى» -بعد ذكر الأحوال الضِروريِة التي يِجوز للمرأة الخروج فيها دون إذن زِوجها-: «لا لعيادة مِريض وإن كان أباها ولا لموته وشهود جنازته.  وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في «الفتاوى»: «المرأة إذا تِزوِجت كان زِوجْها أملك بها من أبويها وطاعةْ زوجها عليها أِوجِبْ» وقال أيضٍا: «فليس لها أن تِخرْج من منزله إلا بإذنه سواء أِمِرِها أبوها أو أمْها أو غيرْ أبويها باتفاق الأئمِة».
 
الكلمة الطيبة
في حين توضح المرشدة الدينية إيمان أحمد ياسين – جامعة القرآن الكريم وعلومه : إن احترام  أهل الزوج والزوجة من قبل الزوجين هو سر من أسرار السعادة الزوجية بما يسهم في التقليل من التشاحنات والخلافات والتي لا بد أن تمر بها حياتهما والتي لا بد من أن تلقى صبر وعقلانية في التعامل لامتصاص حجم المشاكل وترويضها بالكلمة الطيبة والإحسان والتفاهم , ولكن إن قدمت أوامر الوالدين على الزوج فهنا يكمن الخلاف ويسوء الحال لكونه تقديم على أوامر وشرع الله لقوله تعالى : (  وِمِا كِانِ لمْؤúمنُ وِلِا مْؤúمنِةُ إذِا قِضِى اللِهْ وِرِسْولْهْ أِمúرٍا أِنú يِكْونِ لِهْمْ الúخيِرِةْ منú أِمúرهمú وِمِنú يِعúص اللِهِ وِرِسْولِهْ فِقِدú ضِلِ ضِلِالٍا مْبينٍا ) .
 
ما بين مرحلتين
ومضت تقول : وقد بين العلماء الحكمة من ذلك بالقول بأن ما قبل الزواج يكون حق الوالدين على ابنتهم من أعظم الحقوق وخصوصا حق الأم وما  بعد الزواج وحينئذ يكون حق الزوج أعظم من حق الوالدين وهذا ما تقتضيه الحكمة وذلك لما كان الوالدان هما اللذان يبذلان ويعطيان الولد حقوقه من نفقة وكسوة وتربية وتعليم وغير ذلك كان حقهما أعظم وبعد الزواج صار أمر الإنفاق والكسوة والإطعام والعلاج وغير ذلك على الزوج فكان حقه لذلك مقدما , والزوج هو الذي يعطي لزوجته الإشباع المادي والعاطفي  ولا يفعل ذلك غيره فكان جزاؤه تعظيم حقه على زوجته فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان وبكون الشرع حريصاٍ كل الحرص على حفظ كيان الأسرة وحمايتها من عوامل التفكك والانهيار والزوجة ركن أساسي في تكوين الأسرة والمرأة بطبعها عاطفية سريعة التأثر بمشاعرها فاقتضت حكمة اللطيف الخبير أن يجعل أعظم الحقوق عليها هو حق الزوج حتى تسارع في طاعته ومرضاته والانقياد له في غير معصية ولا شك أن في هذا حفظا أيما حفظ لكيان الأسرة لأنه لن يكون أحد أحرص على الأسرة وعلى الأولاد وعلى الزوجة من الرجل الذي هو رب الأسرة فوحد الشرع للزوجة جهة القيادة والطاعة – وذلك بتعظيم حق الزوج – حتى تكون سلما لزوجها ولا تقع ضحية لشركاء متشاكسين.
 
 
إلى الله أقرب
في حين تحدثت الداعية أحلام الحكيمي إلى حق الزوجة على زوجها من حسن العشرة لها وتقدير أهلها  والرفق بها وحل المشاكل الأسرية أولا بأول حتى لا تتفاقم ويصعب حلها وتقديم ما يمكن تقديمه إليها مما يؤلف قلبها لقوله تعالى : ( وعاشروهن بالمعروف ) وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: « استوصوا بالنساء  خيرا «.فاسمح لها بزيارة أهلها إذا أرادت واسمح لأهلها بزيارتها في بيتها في أوقات معلومة لأن ذلك من صلة الرحم وخصص وقتا للخروج سويا والاستمتاع بحياتك معها ولا تعنفها أمام الناس ولهذا اختر شريكة حياتك التي ترى فيها مواصفات الزوجة الصالحة والأخلاق الفاضلة والقدوة الحسنة بتصرفاتها وطرحها وأسلوبها من تكون لك إلى الله أقرب وإلى طاعة والديك أقرب وأدوم وأظفر بذات الدين تربت يداك .

قد يعجبك ايضا