العدوان والحصار يلقيان بظلالهما على النحالين ومنتجي العسل اليمني

تضرر منتجي مناحل العسل في اليمن بسبب ضعف القوة الشرائية للمواطنين وفرض الحصار الجائر

 

 

تراجع إنتاج العسل بنسبة تصل إلى 50%، بعد تقييد حركة النحالين الذين يواجهون صعوبة في التنقل
الجودة العالية التي يتمتع بها العسل اليمني جعلت منه أحد المقوّمات الاقتصادية المهمة للبلد

يوجد في اليمن نحو 100 ألف من النحالين، ينتجون ما يقارب 1.580 طناً من العسل سنوياً يصدر منها 840 طناً وفقاً لتقرير الأمم المتحدة لعام 2020. لكن منذ عام 2015م منذ بدء العدوان والحصار الشامل على اليمن تأثر إنتاج العسل وتضرر المنتجين لمناحل العسل في اليمن بسبب ضعف القوة الشرائية للمواطنين و فرض الحصار الجائر على البلد ما أثر على الصادرات اليمنية من العسل إلى الخارج ، ومع استمرار الحرب والحصار على اليمن والتي نعيش عامها الثامن ، تراجع إنتاج العسل بنسبة تصل إلى 50 %، بعد تقييد حركة النحالين الذين يواجهون صعوبة في التنقل من منطقة إلى أخرى، فضلاً عن فقدان المئات منهم الكثير من خلايا النحل بسبب النزوح والصراع والرش العشوائي للأراضي الزراعية بالمبيدات الحشرية ناهيك عن أن الحرب والحصار أغلقا الأبواب أمام الزوار والسياح من خارج اليمن، بالإضافة إلى عرقلة عمليات التصدير، إذ كان يصدر العسل قبل الحرب إلى عدة دول عبر مطار صنعاء.. إلى التفاصيل:-

الثورة /أحمد علي

لا يزال العسل اليمني محافظاً على قيمته الرفيعة عالمياً، بسبب طبيعة الأرض وتنوّع المراعي التي يجني منها النحل طعامه الذي يُعد ثروة طبيعية غنية في البلد الفقير والمدمّر بفعل الحرب التي طال أمدها.
ويعيش أكثر من 20 ألف نوع من النحل في جميع مناطق العالم، لكن يوجد جنس واحد مستأنس يقوم بإنتاج العسل وهو نحل العسل. ويسبق ظهور النحل على كوكب الأرض وجود الإنسان نفسه. ولا تزال الكثير من الأسرار الخاصة بتاريخ وتطور نحل العسل مجهولة بالنسبة للبشر، لكن ما أكده العلم حتى الآن هو أن تطور نحل العسل عن أسلافه أشباه الدبابير قد ظهر في أواخر العصر الطباشيري منذ حوالي 80 مليون سنة.
وقد جعلت الجودة العالية التي يتمتع بها العسل اليمني منه أحد المقوّمات الاقتصادية المهمة للبلد الذي كان يُصدّر منه آلاف الأطنان قبل الحرب التي تدور رحاها منذ سنوات. ويُنتج العسل في مختلف مناطق اليمن، إلا أن أجوده هو عسل السدر الذي يُعرف في وادي دوعن بمحافظة حضرموت جنوبي اليمن، والذي تتغذى نحله على أشجار السدر فقط.
وتنتشر أشجار السدر في مناطق يمنية عدة، ما يجعلها مناطق ملائمة لتربية النحل، وإنتاج العسل الصافي ذي الجودة العالية. وللعسل اليمني قيمة غذائية كبيرة، إذ يعد علاجاً للكثير من الأمراض، ويعطي الجسم نشاطاً وطاقة عالية.
تميز
ويأتي تميّز العسل اليمني من تميّز التضاريس التي يرعى فيها النحل، كالجبال الشاهقة والوديان الممتدة والهضاب الواسعة والسواحل الطويلة التي يزخر بها البلد، ما أعطاه مناخاً فريداً ساعد في جودة عطائه النباتي على مدار السنة، وهذا الأمر الذي أدى إلى تنوّع كبير في الأزهار والثمار، وبالتالي اختلاف أنواع العسل.
وكما يتميز العسل اليمني أيضاً عن سواه، بأن النحلة هي التي تبني خلايا العسل بنفسها من دون تدخل الإنسان في صنعها، إذ يحافظ على خواصه الطبيعية من حبوب اللقاح وغذاء الملكات وغذاء النحل، ما يجعله ذا قيمة علاجية فائقة، فضلاً عن قيمته الغذائية العالية، إلى جانب مذاقه اللذيذ ونكهته الطيبة ذات اللون الداكن والجميل.
ويعمل آلاف اليمنيين في تربية النحل وإنتاج العسل، وعليه يعتاشون ويتنقلون من منطقة إلى أخرى بحثاً عن المراعي المناسبة لإنتاج «الذهب السائل»، وزيادة التكاثر في خلايا نحلهم.
إلا أنه مع استمرار الحرب التي تجاوزت عامها السابع في البلاد، تراجع إنتاج العسل بنسبة تصل الى 50 %، بعد تقييد حركة النحالين الذين يواجهون صعوبة في التنقل من منطقة إلى أخرى، فضلاً عن فقدان المئات منهم الكثير من خلايا النحل بسبب النزوح والصراع والرش العشوائي للأراضي الزراعية بالمبيدات الحشرية.
مستوى الدخل تراجع بنسبة كبيرة عما كان عليه قبل الحرب إلى نحو 50 % بالنسبة إلى بيع العسل داخلياً. أما التصدير، فتراجع بشكل كبير جداً».
ويقول النحالون إن الحرب والحصار أغلقا الأبواب أمام الزوار والسياح من خارج اليمن، بالإضافة إلى عرقلة عمليات التصدير، إذ كان يصدر العسل قبل الحرب إلى دول عدة عبر مطار صنعاء، أو عبر المنافذ البرية بسهولة.
صعوبات
ويقول خبير نحل يمني إن منتجي وبائعي العسل يواجهون صعوبات كثيرة تحد من تنقلهم وتقلل من كميات إنتاجهم، ومن أهمها الاحتطاب الجائر للأشجار ذات الفوائد العالية للنحل بسبب انعدام مادة الغاز التي تستخدم للطهي، ما دفع الكثير من العائلات إلى البحث عن بدائل كاستخدام الأشجار.
وبتربية النحل وإنتاج العسل، اهتم اليمنيون على مدى عصور توارثوها من الآباء والأجداد واكتسبوا خبراتهم في معرفة أنواع وطوائف النحل ومراعيها ونوعية كل منتج من عسل النحل، حتى صار اليوم يُعرف كل عسل بطبيعة الأرض والأزهار والأشجار التي يرعى منها النحل، كما تحدد جودته وفق نوع الأشجار والمنطقة.
وتراكمت خبرات النحالين اليمنيين حتى صاروا على دراية كافية بمواعيد تكاثر النحل ومواسم تقسيمه، وبمواسم إنتاج العسل، وفي رعاية طوائفها على مدار العام.
ويعرف النحالون اليمنيون مواعيد تزهير المراعي في المناطق البيئية المختلفة، فتجدهم ينقلون طوائف النحل من واد إلى آخر، ومن منطقة إلى منطقة أخرى سعياً وراء مصدر الغذاء (رحيق – حبوب لقاح).
أنواع
ويمتلك اليمن الكثير من أنواع العسل، ومنها عسل السدر (العلب)، وهو النوع الذي يحظى بشهرة ومكانة مرموقة جعلته من أشهر الأعسال في العالم وأغلاها سعراً.
عسل السُمر (الطلح)، وهو العسل المستخلص من أشجار شوكية تسمى السمر، وتنتشر بكثافة عالية في أرجاء اليمن، وحضرموت وبعض المناطق الجبلية في محافظة إب وذمار وصنعاء وتعز، وهو معروف بفوائده الكثيرة لمرضى السكري، كونه يخلو تماماً من السكر ويحتوي على أنسولين نباتي ينشط في البنكرياس ويتحول إلى أنسولين بشري يخفض معدل السكر في الدم.
كما أن للعسل السُمر فوائد كثيرة لمرضى الكبد وقرحة المعدة.. وفي علاج فقر الدم وأمراض البرد.
عسل الصال (الأثل)، وهو العسل المعروف بطعمه اللاذع الذي يترك حرقة في الحلق تدوم بعد تعاطيه لساعات طوال. وهذا النوع من أحسن الأنواع العلاجية، وفق خبراء.
عسل السلام (السلم)، ويستخرج عبر النحلة من أزهار أشجار السلم في منطقة تهامة على سواحل البحر الأحمر (غرب اليمن)، ومن جبال محافظة المحويت.
العسل الجبلي: ويستخرجه النحل من زهور عدة شجيرات وحشائش جبلية، ويعرف بتجميده السريع.
عسل المراعي، وينتج في معظم أيام السنة، يجنيه النحل من أشجار وأزهار متعددة، وهو عسل ذو جودة لا بأس بها ويتميز أسعاره المناسبة.
ويندرج العسل اليمني ضمن المحاصيل الاستراتيجية التي يهتم اليمنيون بتنميتها وتطوير إنتاجهم منها.

قد يعجبك ايضا