تجريف الجنوب !!

عبدالله الأحمدي

 

القضية الجنوبية ليست في الساحل الغربي، وليست في مارب أو في البقع أو في أي مكان يقاتل فيه الجنوبيون من مناطق الشمال تحت راية العدوان.
لقد حوَّلت السعودية والإمارات الكثير من الجنوبيين إلى مرتزقة يقاتلون من أجل أطماع السعودية والإمارات، بل يقاتلون ضد الجنوب والقضية الجنوبية، وضد الوطن اليمني عموماً، عن وعي أو غير وعي. ويلهثون وراء المال.
وفي كل الأحوال أضاعوا قضيتهم التي يسمونها القضية الجنوبية، بل إنهم تجاوزوا ذلك إلى إنكار يمنيتهم وأصولهم وهويتهم اليمنية الضاربة في جذور التاريخ، والتعلق بأوهام الماضي الاستعماري.
لقد تحوَّل الجنوب إلى وكر للإرهاب ولكل أصناف الحركات الإرهابية والمتطرفة ولكل ناعق ضد الوحدة والحرية والحداثة والعقل والديمقراطية.
وبدلا من تحرير الجنوب من الاحتلال، ذهب الكثير من مليشيات الجنوب إلى محاربة الشمال والاعتداء على مواطني الشمال وسرقة ممتلكاتهم.
القضية الجنوبية هي في الجنوب وليست في الشمال، لقد كان الدكتور محمد حيدرة مسدوس مصيبا في قوله لجماعات المرتزقة الإماراتيين : إن القتال خارج حدود شبوة ليس في مصلحة القضية الجنوبية.. بل إنه يعنون إحدى مقالاته بالقول: إن تجاوز (قوات العمالقة) الجنوبية حدود بيحان خطأ سياسي وعسكري”.
فالمشكلة ليست في الشمال، بل المشكلة هي ما تسمى الشرعية؛ بقايا عصابة ٧/٧ الدموية التي احتلت الجنوب ونهبت الجنوب والشمال، ثم ذهبت تستدعي العدوان على البلاد، وتجنِّد المرتزقة لقتل اليمنيين، وحماية أعداء اليمن.
إن ما يجري في الجنوب وتجاوزه إلى الشمال من فوضى وعمالة وارتزاق هو نتيجة تجريف الوعي الوطني والثقافة الوطنية في الجنوب؛ هذا التجريف الذي جرى منذ بداية الوحدة، وازدادت شراسته بعد حرب ٩٤ الدموية.
فعصابة ٧/٧ الإرهابية أتت على كل شيء في الجنوب، حتى الهوية اليمنية، كما طمست تاريخ ونضالات ثوار الجنوب،ووصل الأمر إلى حد الاعتداء على نُصُب ومقابر الشهداء.
هذا التجريف واستهداف كل ما هو وطني وثوري ووحدوي في الجنوب أمر مخطط له وممنهج من قبل الرجعية السعودية ومرتزقتها وتحالفها، فمملكة داعش لا تطيق الوحدة ولا تطيق قيام نظام وطني في اليمن، وهي تتذكر بحقد مواقف النظام الثوري في الجنوب تجاهها وتجاه حلفائها في المنطقة وأسيادها الامبرياليين.
لقد فخخت عصابة ٧/٧ الجنوب بكل الأوساخ والقاذورات والعصبيات التي تجاوزها التاريخ وعادت بالجنوب الى ما قبل الفترة الاستعمارية.
اليوم الجنوب يتمزَّق ويتشرذم وأبناؤه جزء من هذه المؤامرة عليه.
لقد سقط الكثير من الجنوبيين في وحل العمالة بين الريال السعودي والدرهم الإماراتي، ولم تعد لهم قضية، فمعظمهم بيادق مستأجرة مع العدوان، ومع من يدفع أكثر.
لقد عملت عصابة ٧/٧ وأسيادها في السعودية والخليج على إنشاء جيل مسخ دون انتماء، أشبه بالقطيع يهرع وراء كل ناعق؛ مقطوع الصلة بجذوره الوطنية، يتخبط في سلوكه، وليست له مواقف، يسهل اقتياده والتأثير عليه.
والنتيجة ولاءات متعددة للأجنبي والاحتلال، والوقوف في صف العدوان ضد وطنهم وشعبهم.
لقد خلق الاحتلال في الجنوب جماعات متناحرة توالي العدوان وتحارب في صفوفه، وليست لها أية قضية أو هدف غير الارتزاق، بينما خلقت الأوضاع في الشمال قوى مقاومة للعدوان وعلى رأسها حركة أنصار الله والجيش واللجان الشعبية، وصلب الصمود الأسطوري عودها ومواقفها، وهي اليوم تحقق الانتصار تلو الانتصار على دول العدوان ومرتزقتها.
“وما النصر إلا من عند الله”.

قد يعجبك ايضا