الثروة السمكية في اليمن.. مورد هام لدعم الاقتصاد الوطني

 

الثورة /محمد صالح حاتم
تعد الثروة السمكية مصدراً مهماً للدخل القومي ، حيث تساهم في الناتج المحلي بنسبة تراوحت تاريخيا بين 2.3 % – 3 % تبعا لعوامل متغيرة مثل تفاوت كميات الإنتاج وحجم الطاقة العاملة وما يصحب هذه العوامل من تحولات في نطاق ونوعية السلع والخدمات، كما أن هذه الثروة تشكل ثاني مصدر للإيرادات المصدرة بعد النفط.

أهمية الثروة السمكية
تعد الثروة السمكية إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد الوطني، وموردا طبيعيا سخيا يمكن أن يوفر موردا غذائيا مستقرا ورافدا اقتصاديا عالي الأهمية، إذا نجحنا في حمايته من الاستنزاف الجائر وتقنين استهلاكه وفقا لممارسات علمية وتنظيمية تتوافق مع مقتضيات الإبقاء على استدامة الثروة السمكية تسخر لتنمية هذه الثروة وحماية أحيائها المهددة.
الأستاذ يحيى الوادعي وكيل وزارة الثروة السمكية لقطاع الإنتاج والتسويق أوضح أن اليمن تمتلك شريطا ساحليا طويلا، ومنطقة اقتصادية حصرية واسعة إضافة إلى مساحات غنية بالشعب المرجانية وأشجار المانجروف وأن البيئة البحرية في بلادنا تشمل أصنافا متنوعة من الأسماك السطحية والقاعية إضافة إلى أنها تفيد من نعمة الرياح الموسمية بين مايو وسبتمبر التي تحول أجزاء من خليج عدن وجنوب البحر الأحمر إلى إحدى المناطق الأكثر خصوبة إنتاجية في العالم وأنه في حال خضعت هذه الثروة لإدارة علمية واعية فإن حصة القطاع في الإجمالي المحلي يمكن أن ترتفع إلى 5 %، وبالتالي فقد حرص الوكيل على التأكيد على ضرورة أن تتدخل الحكومة على نحو أجدى بما يكفل حسن استغلال الثروة السمكية عبر إيلاء اهتمام بالغ بوظائف التخطيط والبحوث والرقابة والتفتيش وإدخال تعديلات قانونية مصممة لحماية هذه الثروة ثم التحقق من الالتزام الجاد بأحكام القانون. كما توقف الوكيل عند ضرورة التعامل مع ضرورة إجراء دراسة لتقييم حجم المخزون المتوفر من الأحياء المائية والاسترشاد بمخرجات هذه الدراسة في وضع خطط إدارة الثروة السمكية.
وأشار الوكيل الوادعي إلى أن متوسط كميات الإنتاج قبل الحرب والعدوان على اليمن تراوح ما بين 250 ألف طن – 270 ألف طن سنويا، مضيفا أن هناك تقديرات غير رسمية للأسماك المهربة والتي تعادل أو تزيد عن كمية الإنتاج المعلن عنها رسميا، مشيرا إلى أن الكميات المصدرة خارجيا كانت تصل إلى ما نسبته 52% من الإنتاج.
وأوضح الوادعي أن كميات الإنتاج تقلصت خلال سنوات الحرب والعدوان ، حيث تشير التقديرات إلى أن كمية الإنتاج في العام 2018م انخفضت بنسبة 40 – 45 %، بلغت ما بين (131 الف طن – 135 الف طن)، وبلغت العائدات المالية من كمية التصدير لنفس الفترة 160 مليون دولار، موضحا أن متوسط الكميات المصدرة من ساحل البحر الأحمر خلال الفترة 2015 – 2017م بلغ (13146) طنا، بيعت بمتوسط سعري يزيد عن ألفي دولار للطن الواحد بينما كان متوسط الكمية المصدرة للسنوات 2012 – 2014م، لنفس المنطقة تعادل (46300) ألف طن مرجعا سبب الانخفاض في كميات الإنتاج إلى الحرب والعدوان، وارتفاع تكاليف الإنتاج والصيانة، وكذلك نزوح أعداد كبيرة من الصيادين، حيث بلغ نسبة النزوح بين صيادي حجة 100%، وفي الحديدة من 12- 14 %، وتعز 40 %.
وأشار إلى أن عدد العاملين في القطاع السمكي – وفقا لمسح ميداني عام 2015م من الصيادين – ما يقارب 100 ألف صياد، والعاملين في سلسلة القيمة ما يقارب من 15 ألف عامل، مشيرا إلى أن هناك صيادين يشتغلون في مهنة الصيد وتهريبه بطرق غير رسمية.

كيفية النهوض بالقطاع السمكي
وذكر وكيل وزارة الثروة السمكية لقطاع الإنتاج والتسويق، أن الاستراتيجية الواجب اتباعها للنهوض بالقطاع السمكي هي العمل وفقا لدورة من المعايير المتفق عليها والمجربة منذ عقود، والتي تبدأ بتحديد حجم المخزون السمكي المتوفر، مشيرا إلى أن اليمن لا يوجد لديها تقديرات لحجم المخزون السمكي حتى الآن، وأن آخر تقييم لحجم المخزون السمكي اكتمل في الثمانينات فيما كان يعرف بالشطر الجنوبي وقد أجراه الاتحاد السوفيتي آنذاك، وكذلك ضرورة تأمين قاعدة بيانات صحيحة عن حجم الاصطياد وعدد القوارب وعدد الصيادين ونوعية الأدوات، وكمية الصادرات ونوعية الأصناف المصطادة لدى كل صياد استعانة بنظام تراخيص غرضه في الدرجة الأولى جمع وتنظيم إحصائيات الاستهلاك و بحيث ترحل كل المعلومات والبيانات إلى مركز المعلومات في الوزارة التي تتولى بدورها الاستعانة بالمرجعية البيانية ومخرجات البحوث، إضافة إلى الشواهد العملية وتوصيات هيئات المصائد المعنية في وضع خطة إدارة المصائد.
كما شدد الوكيل على ضرورة تطوير خطة إدارة المصائد على أن هذه الخطة ستوفر الأداة الرئيسية لتنظيم القطاع السمكي وستهيئ لتوجيه العوامل المؤثرة في إدارة المخزون مثل أصناف الأحياء المائية المسموح أو المحظور صيدها والمناطق المسموح الاصطياد فيها، والمناطق الممنوعة، ونوعية المعدات وإجراءات حماية دورات التكاثر وغيرها، بالتالي فإن تعليمات هذه الخطة ستتحول إلى قرارات حكومية مصادق عليها وتنتقل بعد ذلك إلى السلطة المحلية في كل مناطق الهيئات للتنفيذ.
وأكد الأستاذ يحيى الوادعي على ضرورة وضع استراتيجية وطنية للرقابة والتفتيش والتي أهملت بشكل كبير ومتعمد وكان ضحيتها المخزون السمكي الذي استنزف ولا يزال يستنزف بشكل كبير. ونوه الوادعي بضرورة تنظيم العلاقة ما بين الوزارة ومكوناتها وعدم التداخل في المهام والصلاحيات، وإصدار لوائح تنظيمية لعمل الوزارة والهيئات التابعة لها..
وأشار الوكيل الوادعي إلى دور الاستثمار السمكي في النهوض بالقطاع السمكي وخاصة الاستزراع السمكي والتي تمتلك اليمن – خصوصا على ساحل البحر الأحمر – بيئة استزراع مثالية. ولفت إلى أن تبني برامج استزراع ناجحة من شأنه الإسهام في سد الحاجة الغذائية بشكل كبير، وكذلك تفعيل التسويق السمكي بشكل صحيح سيؤدي إلى رفع كفاءة القطاع السمكي، وأكد على ضرورة توظيف فحص الجودة للأسماك المصدرة، بحيث تتوافق مع معايير ومتطلبات الأسواق الخارجية وخاصة ًالسوق الأوروبي الذي يمثل سوقا استهلاكيا كبيرا ومصدرا هاما للعملة الصعبة.
ونوه بدور الإعلام في خلق وعي لدى المستهلك والصياد والتاجر بأهمية القطاع السمكي ودوره الكبير في دعم الاقتصاد الوطني، وكذلك العمل على كشف مكامن الخلل والإعلان عن حقائق الواقع ودعوة المكونات الرسمية والشعبية إلى التعاون في سبيل حماية وتنمية أحد أهم الموارد الغذائية والاقتصادية في البلاد.

قد يعجبك ايضا