عندما نتحدث عن الثروة السمكية اليمنية ، فإننا نتحدث عن ثروة اقتصادية من شأن استغلالها الاستغلال الأمثل أن تصبح مورداً أساسياً من موارد دعم الاقتصاد والتنمية الشاملة وأن تكون عائداتها ضمن الدخل القومي للبلد، نظراً لما تمتلكه بلادنا من شريط ساحلي كبير يصل إلى 2500 كم على البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن والذي جعل منها بيئة خصبة لتواجد الأسماك والأحياء البحرية بكميات هائلة تزيد عن حاجة الاستهلاك المحلي وتفردها بوجود مجموعة من الأسماك النادرة، كما هو الحال مع أسماك الشروخ وغيرها من الأنواع التي تشهد المياه والسواحل اليمنية تواجدها بكميات كبيرة ولديها مواسم اصطياد موسمية لضمان الحفاظ عليها وحمايتها من قراصنة الصيد الذين يسعون للقضاء عليها من خلال أساليب وطرق الصيد غير القانونية التي يستخدمونها والتي سنتناولها في وقت لاحق.
المهم.. إن هذه السواحل الكبيرة والبيئة البحرية المناسبة لتغذية الأسماك جعلت اليمن واحدة من الدول العربية المشهورة بأجود أنواع الأسماك على مستوى المنطقة والعالم ، ولكن هذه المعطيات لم تكن كافية للاستفادة من هذه الثروة المهدرة التي بات الحصول عليها مهمة شاقة ومكلفة جدا لدى السواد الأعظم من اليمنيين ، وهناك الكثير الكثير من الأسر اليمنية التي يمر عليها العام دون أن تتناول وجبة واحدة منها ، وهناك من الأسر التي يمثل حصول أفرادها على وجبة سمك بمثابة الحدث البارز الذي يستحق الاحتفاء والابتهاج به وخصوصاً في صفوف الأطفال وصغار السن وهذه حقيقة لا أبالغ فيها.
من المفترض عقلاً ومنطقاً في ظل وجود تلكم الكميات الهائلة من الثروة السمكية أن تكون الأسماك على مائدة اليمنيين بشكل أسبوعي على الأكثر ، إن لم يكن بشكل يومي ، فالخير وفير والأصناف كثيرة والحمد لله، وإذا ما تجاوزنا فترة العدوان وتداعياته على هذا القطاع بوجه خاص فإن من الإجحاف والظلم في حق أبناء شعبنا حرمانه من هذه الثروة طيلة السنوات الماضية التي بات الحصول عليها أشبه بالحج ( لمن استطاع إليها سبيلاً ) وصارت أسواق السمك حكراً على أرباب المال من التجار والمسؤولين والميسورين الذين يرتادونها بشكل دائم ، في الوقت الذي تمثل فيه مناطق محظورة على البسطاء وذوي الدخل المحدود ممن لا قدرة لهم على مواجهة أسعارها الخيالية التي تشعرنا وكأننا نستوردها من خارج اليمن.
المشكلة هنا تكمن في السياسة الاقتصادية التي تُدار بها الدولة ، وغياب التخطيط والتنسيق الرسمي في الاستغلال والاستفادة من هذه الثروة ، لدينا صندوق خاص بتشجيع الإنتاج الزراعي والسمكي وهو معني في المقام الأول بمعية وزارة الثروة السمكية بالعمل على تشجيع الإنتاج السمكي وتمكين كل اليمنيين دون استثناء من الاستفادة من هذه الثروة ، سواء من خلال توفيرها في الأسواق بأسعار معقولة، أو من خلال عائدات تصدير الفائض منها، ولكن الحاصل أن المستفيد من الثروة السمكية اليمنية دولاً أخرى ، وأشخاصاً معينين من النافذين وهوامير الفساد ، وهو الأمر الذي شكل هدفا محوريا للقيادة الثورية والسياسية في مشروع بناء الدولة اليمنية الحديثة فيما يتعلق بالجانب الاقتصادي ، نظراً للأهمية التي يكتسبها هذا القطاع الحيوي الهام، حيث ركز مشروع الرؤية الوطنية عليه في سياق جملة الاهتمامات التي من شأن تفعيلها الإسهام الفعال في تحسين الأوضاع الاقتصادية وتوظيفها لتصب في جانب تعزيز مسيرة البناء والتنمية ، وتحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين التي زادت سوءاً عقب شن العدوان والحصار على بلادنا.
قلت قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.